الهدى – بغداد ..
انطلق مشروع تحويل نفايات بغداد إلى طاقة كهربائية، ليكون من قلب أزمة الكهرباء والتلوث، الأول من نوعه في العراق والثالث عالميًا.
وفي شوارع بغداد، حيث تتراكم آلاف الأطنان من النفايات يومياً، وتتصاعد سحب الدخان من حرق المخلفات العشوائي، وأصبحت أزمة الكهرباء كابوسا يوميًا يلاحق المواطنين، لكن اليوم، وسط هذه الفوضى البيئية، يلوح في الأفق مشروع غير مسبوق يتمثل بتحويل النفايات إلى طاقة كهربائية.
وأطلق رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، في وقت سابق من هذا الشهر، العمل التنفيذي في مشروع محطة توليد الطاقة من النفايات في النهروان ببغداد، ضمن خطط التحول إلى الطاقة المتجددة، على أن تشمل المرحلة الأولى استثمار 3000 طن لإنتاج 100 ميغا واط.
وزير الكهرباء زياد علي فاضل، حول ذلك قال: إن هذا المشروع جاء بعد دراسة مستفيضة للوضع البيئي في العراق ومستويات التلوث في العاصمة بغداد، مبينا أن فريقا مشتركًا من هيئة الاستثمار ووزارة الكهرباء وأمانة بغداد، بتوجيه من رئيس الوزراء، قام بوضع رؤية متكاملة لمشاريع إنتاج الطاقة من النفايات.
وأشار إلى أن إنتاج الطاقة الكهربائية من معالجة النفايات سيسهم بشكل كبير في تحقيق منافع بيئية واقتصادية، من خلال معالجة مشكلة التلوث وتعزيز منظومة الطاقة الوطنية.
كما أكد أن هذا المشروع، الذي كان في السابق حبيس الأدراج، تمكن بفضل متابعة حثيثة من السوداني والفريق المشترك من أن يخرج إلى النور ويُصبح أول مشروع حقيقي للاستفادة من النفايات في إنتاج الطاقة، مشيرا الى أن رئيس الوزراء وجه المحافظين بتهيئة مواقع طمر صحية لإنشاء محطات لتوليد الطاقة من النفايات.
وبشأن تفاصيل مشروع تحويل النفايات الى طاقة، أوضح المتحدث باسم أمانة بغداد عدي الجنديل، أن هذا المشروع يعد من المشاريع ذات الأهمية البالغة التي تعمل عليها أمانة بغداد بالتعاون مع عدة جهات حكومية، بما في ذلك وزارة الكهرباء، ومحافظة بغداد، وهيئة الاستثمار الوطنية.
وأوضح الجنديل أن هذا المشروع يصنف ضمن مشاريع الجيل الرابع ويعد الأول من نوعه في العراق، والثاني في المنطقة والثالث على مستوى العالم في هذا المجال.
وأشار إلى أن بغداد تنتج يوميًا ما بين 9 إلى 10 آلاف طن من النفايات، وأن المرحلة الأولى من المشروع تستهدف استثمار 3000 طن لإنتاج 100 ميغاواط من الكهرباء.
وفيما يتعلق بالظروف البيئية، بين الجنديل أن العراق شهد زيادة في درجات الحرارة بمقدار 4 إلى 5 درجات مئوية فوق المعدل في العقود الأخيرة، مما يرفع من الحاجة إلى المزيد من مصادر الطاقة.
و أكد الناشط البيئي أنس الطائي أن هذا المشروع قد يمثل موردًا مهمًا جدًا للعاصمة بغداد، إذا تم العمل عليه بشكل دقيق في الجانب البيئي، مشيرا إلى أنه من الضروري أن يتم إعادة تدوير المخلفات بشكل يضمن سلامة البيئة.
وتساءل الطائي: “هل سيتم استخدام هذه المخلفات بطريقة تضمن الحفاظ على البيئة؟ فمسألة الحرق والاعتماد على تحويل كميات كبيرة من النفايات لإنتاج الوقود قد تنتج مخلفات ضارة، خاصة أن العراق ينتج كميات ضخمة من النفايات.”
من جانبه، أفاد خبير الاقتصاد والطاقة، الدكتور ستار البياتي، بأن هذا المشروع يعد من أبرز المبادرات التي تشغل اهتمام العالم اليوم، إذ يعتمد مفهوم التنمية المستدامة على ثلاثة ركائز أساسية، هي الاقتصاد، والمجتمع، والبيئة.
وأشار البياتي إلى أن هذا المشروع يتماشى مع أهداف التنمية المستدامة التي أقرّتها الأمم المتحدة عام 2015، والتي تتضمن 17 هدفًا رئيسيًا يجب تحقيقها بحلول عام 2030.
الاقتصاد الأخضر
كما أضاف أن “الاقتصاد الأخضر” أصبح أحد الفروع المهمة في الاقتصاد المعاصر، ويهتم بتعزيز استخدام الطاقات المتجددة والحفاظ على البيئة من خلال تطبيق معايير دولية.
وشدد البياتي على أهمية تبني أساليب حديثة في معالجة النفايات بدلاً من حرقها في المناطق السكنية، وهو ما يزيد من تلوث البيئة.
ويأتي تنفيذ مشروع تحويل النفايات الى طاقة في وقت تعاني منه البلاد من أزمة كهرباء خانقة، لاسيما خلال موسم الصيف الذي يزداد فيه حجم الاستهلاك، والذي تزامن مع قرار الرئيس الأميركي إيقاف الاعفاء الممنوح للعراق لاستيراد الطاقة من ايران، الأمر الذي دفع حكومة للجوء الى بدائل منها تعزيز الطاقة الشمسية وتنظيم عمل المولدات الأهلية وتوفير وقود مدعوم وتوسيع الربط الكهربائي مع دول الجوار.