يثير انتباهنا أحدهم الذي يظهر العداء للناس في اية مناسبة مؤاتية، فحين يخسر أحد في تجارة ما يقول انه يستحق ذلك لانه لم يكن يفهم في التجارة والاحرى به عدم زج نفسه فيها، وحين تكسر رجل أحد تراه غير مهتم وكأنه يقول ان ماحصل له هو جزاء عادل له وهكذا بالنسبة لباقي الاحداث التي تحصل امامه او يسمع عنها، هذه الحالة العدائية التي يمتلكها الانسان تعرف باضطراب الشخصية المعادية للمجتمع، فماهو هذا الاضطراب وماهي ملامحه وعلاجاته؟
يعرف اضطراب الشخصية المعادية للمجتمع هو اضطراب نفسي ينتهج فيه الشخص سلوكاً متهوراً مؤذياً للآخرين ولا يراعي الصواب والخطأ أو يعتد بالقواعد الاجتماعية والقوانين، حيث يميل المصاب بهذه الشخصية إلى الاحتيال والتعدي على الآخرين وانتهاك حقوقهم للحصول على رغباته، دون تأنيب ضمير أو شعور بالذنب.
الاعتلال الاجتماعي والعدوانية هي أبرز اوجه هذا الاضطراب النفسي المزعج والذي ينم على كون صاحبه غير صحيح نفسياً، حيث يميل المصاب به الى عدم التعاطف مع الاخرين من ابناء المحيط الاجتماعي لعدم إدراك ما يشعرون به مع كون بعض (المصابين) يمتلكون ضميراً يخبرهم بكونهم على خطأ ومع ذلك لا يتوقفون عن سلوكياته العدائية.
ينتشر اضطراب الشخصية إجمالا لدى أبناء الطبقات الاجتماعية والاقتصادية الفقيرة بين الذين يعيشون في المدن الكبيرة، كما أنه أكثر شيوعاً بين الرجال منه بين النساء، وتشير التقديرات إلى أن نحو 3% من الرجال عامةً يصابون بهذا الاضطراب مقابل 1% من النساء.
المختصون في علم النفس يقولون: أن السلوك المضطرب لدى صاحب الشخصية المعادية للمجتمع يستمر إلى ما بعد مرحلة البلوغ، فقد يقدم المصابون بهذا الاضطراب على تنفيذ أعمال معينة بصورة مستمرة ومتكررة من شأنها أن تؤدي في نهاية الأمر في الكثير من الحالات إلى اعتقالهم والزج بهم في السجون، فمع كون المعالجة غير صحيحية لكنها اجراء تحصيني للمجتمع من هذا الخطر.
ماهي علامات الاصابة بالاضطراب؟
عبر عدة علامات يمكن التوصل الى الذين عصفت بهم رياح اضطراب الشخصية المعادية للمجتمع ومن اهم هذه السلوكيات مايلي:
اول ما يتصف به المضطربون باضطراب الشخصية المعادية للمجتمع هو عدم التعاطف مع الآخرين وعدم الندم على إيذاءهم لكونه يرى ان ما يحصل لهم هو نتاج سلوكياتهم، كما انهم يكونون قاسين وساخرين وغير محترمين للاخرين.
ويستلذون حين يرون الآخرين قد تعرضوا لموقف حياتي محرج او محزن وهو ما يعرضهم الى ابتعاد الناس عنهم وتحاشيهم لعدم مقبوليتهم الاجتماعية، كما انهم يستفزون الناس ويحاولون اثارتهم بشتى الطرق ارضاءاً لانفسهم المريضة.
من الاسباب المحتملة أن الانسان في طفولته تعرض الى الاهمال من قبل والديه او انهم كانوا يسيئون اليه، وهذا ما جعله ناقماً وبالتالي ينعكس ذلك على تصرفاته مع مجتمعه فيما بعد
ومع كونهم منتقدين دائمين للناس إلا انهم فاشلين في حياتهم وغير مخططين لها وتسيّرهم الآراء الارتجالية غير المنظمة والتي غالباً ما توصلهم في الفشل، كما انهم يخاطرون من اجل امور غير ضرورية ممكنة التجنب مما يجعلهم عرضة للقانون.
لماذا يصاب الانسان باضطراب الشخصية المعادية للمجتمع؟
لعدة اسباب محتملة يصاب الانسان بهذا النوع من الاضطراب منها:
من الاسباب المحتملة أن الانسان في طفولته تعرض الى الاهمال من قبل والديه او انهم كانوا يسيئون اليه، وهذا ما جعله ناقماً وبالتالي ينعكس ذلك على تصرفاته مع مجتمعه فيما بعد، وبرأي هذا الاحتمال هو الاكثار مقبولية على اعتبار ان الانسان هنا يمارس احدى آليات الدفاع اللاشعورية وهو التعويض.
كما يحتمل ان يكون الانسان نشأ في ظروف عائلية صعبة، كإدمان أحد الوالدين أو كثرة المشاكل بينهما وبالتالي لا يمنح الطفل فرص الامن النفسي وهو ما يجعله مهزوزاً عدوانياً، والاحتمال الاخير هو ان الانسان ورث هذا الاضطراب من أحد والديه المصاب بالرهاب ايضاً، لكن هذا الاحتمالية تبقى هي الاضعف من بين الاحتماليات التي ذكرت.
ما العلاج؟
يكمن علاج اضطراب الشخصية المعادية للمجتمع عبر العلاج النفسي المتمثل بالعلاج السلوكي المعرفي الذي يعمل على اعادة تشكيل الافكار في الدماغ الانساني وتحويل هذا الانسان العدواني الى انسان وديع يخدم الناس ويحبهم ويحبونه، وحين لا ينفع العلاج النفسي فإن العلاج القادم من الجهات الحكومية هو الحل سيما مع تحول العدائية الى عدائية سلوكية وليس لفظية، حيث يجب السجن وغيرها من الامور القانونية التي تفرضها السلطات.
واخيراً: على اعتبار ان الامر ليس طبيعياً فإن ذلك يستدعي تدخلاً علاجياً ويشترط ان يكون ذلك على يد الطبيب النفسي المختص الذي يصف للمريض بعض الادوية ومنها مضادات الاكتئاب والأدوية المضادة للقلق ومثبتات المزاج وغيرها، وهكذا يمكن تقليص دائرة هذا الاضطراب المزعج.