الأخبار

دجلة يعاني التلوث؛ تحولت ضفافه إلى مكبٍ للنفايات

الهدى – بغداد ..

تحول نهر دجلة إلى صورة صارخة للأزمة البيئية في العراق، حيث أكوام النفايات البلاستيكية والصناعية تملأ ضفافه، ومياه الصرف الصحي غير المعالجة تتدفق إليه يوميًا، ما يهدد الحياة المائية ويجعل التلوث تحديًا وجوديًا لهذا الشريان الحيوي.
ومنظر نهر دجلة، الذي طالما كان رمزاً للجمال الطبيعي، بات يشوهه اليوم تراكم النفايات على ضفافه، فأكوام من البلاستيك والزجاجات الفارغة وعلب الطعام تملأ جوانب النهر، ما حول هذا المعلم التاريخي إلى مجرى مائي ملوث يزيد من تدهور الوضع البيئي في البلاد.
وهذه النفايات لا تقتصر على تشويه المنظر فحسب، بل تشكل تهديدا مباشرًا على التنوع البايولوجي في النهر، حيث تصعب الحياة على الكائنات المائية وتزيد من تلوث المياه.
ووفقًا لخبير الاستراتيجيات والسياسات المائية وتغير المناخ، رمضان حمزة، فإن نهر دجلة في العراق يعاني من أزمة تلوث بيئي خطيرة تؤثر بشكل كبير في جودة المياه والنظام البيئي في المنطقة.
ويشير حمزة إلى أن تراكم النفايات الصلبة والبلاستيكية على ضفاف النهر يشكل حوالي 40 بالمئة من إجمالي التلوث في بغداد، حيث يُصَرف يوميًا نحو 400,000 متر مكعب من مياه الصرف الصحي غير المعالجة في النهر، ما يزيد من تفاقم المشكلة.
كما يوضح أن التلوث الكيميائي يشكل تهديدًا خطيرًا أيضًا، اذ تسرب المعادن الثقيلة مثل الرصاص والكادميوم والزرنيخ من المصانع إلى مياه النهر، ما يؤدي إلى تجاوز تركيزات هذه المواد للمعايير الدولية بثلاثة أضعاف، مضيفا أن محطات التبريد الصناعية تسهم في رفع درجة حرارة المياه بنسبة 15 بالمئة، مما يؤدي إلى اختفاء 60 بالمئة من الكائنات المائية، مثل الأسماك والنباتات المائية، بسبب نقص الأوكسجين المذاب في المياه.
كذلك أشار حمزة إلى أن المخلفات الصناعية، مثل تسرب النفط من المصافي التي تصل إلى 10 أطنان شهريًا، إضافة إلى مياه التبريد الحرارية من محطات الكهرباء، تسهم في التلوث.
كما يتم تصريف سوائل تحتوي على مواد كيميائية علاجية من المستشفيات، بحسب حمزة، ما يزيد من تفشي التلوث، علاوة على ذلك، يتم التخلص يوميًا في بغداد نحو 85 طنًا من البلاستيك، إلى جانب مخلفات المجازر المنزلية غير المرخصة.
وفي إطار الحلول المقترحة، أكد حمزة أهمية تعزيز الرقابة البيئية من خلال تفعيل “الشرطة البيئية” وفقًا لقانون حماية البيئة، فضلاً عن تطبيق تقنيات المعالجة وتدوير المخلفات إلى غاز وكهرباء، وهي تقنيات يمكن الاستفادة منها في تنظيف نهر دجلة وحمايته من التلوث المستمر.
وتعد تجمعات النفايات على ضفاف نهر دجلة من أكبر التحديات البيئية، التي تؤثر في البيئة والنظام البيئي للنهر، اذ تسهم النفايات الصلبة، خصوصًا النفايات البلاستيكية، في تلوث المياه وتدهور نوعيتها، مما يزيد من مستويات التلوث ويؤثر في الحياة المائية.
وبالرغم من أن وزارة الموارد المائية تتحمل المسؤولية الأساسية في حماية الضفاف، فإن أمانة بغداد تلعب دورًا بارزًا في تنظيف هذه المناطق والحفاظ على جمالية النهر في حدود مناطقها.
المتحدث الرسمي باسم أمانة بغداد، عدي الجنديل، أكد بأن الأمانة تواصل حملاتها المستمرة في تنظيف ضفاف نهر دجلة، بالرغم من أن مسؤولية هذه الضفاف تقع على عاتق وزارة الموارد المائية. حيث تمتد مسؤوليات الأمانة من منطقة التكسية وحتى الشوارع المحيطة.
وأضاف أن الأمانة تقدم الدعم لمنظمات المجتمع المدني، التي تشارك في أنشطة تنظيف ضفاف النهر، من خلال تزويدها بالآليات والمعدات اللازمة.
وأشار الجنديل إلى أن هذه الجهود تشمل حملات مثل “سفراء النظافة”، التي شهدت نشاطًا ملحوظًا في الفترات السابقة، وفي بعض الحالات، تتخذ الأمانة خطوة إضافية وتنزل مباشرة إلى الضفاف للمساهمة في تنظيفها، بهدف تحسين البيئة العامة حول النهر.
من جهته تحدث لؤي المختار، المتحدث الرسمي باسم وزارة البيئة، عن الدور الذي تقوم به الوزارة في مراقبة التلوث المائي في نهر دجلة.
وأكد أن تلوث الأنهار في العراق لا يقتصر فقط على النفايات الصلبة، بل يشمل أيضًا المياه العادمة الناتجة عن الصرف الصحي والصرف الصناعي.
ويشمل ذلك التصريف اليومي للعديد من الملوثات مثل مياه الصرف الصحي غير المعالجة، التي تضاف إلى النهر وتزيد من تدهور نوعية المياه.
وأوضح المختار أن الوزارة تنفذ فحوصات دورية على مجموعة من النقاط المحددة على ضفاف النهر، حيث تأخذ عينات من المياه وتحلل في المختبرات باستخدام أجهزة متخصصة للكشف عن الملوثاتن مشيرا إلى أن الوزارة تعتمد في عملها على القوانين البيئية، بما في ذلك قانون حماية وتحسين البيئة، الذي يتضمن فصلًا خاصًا لحماية المياه.

عن المؤلف

هيأة التحرير

اترك تعليقا