أسوة حسنة

الامام علي عليه السلام القائد الحكيم

 إن دراسة سيرة الإمام علي تعطي روية ومنهجا للعاملين في مختلف الصنوف والاتجاهات وفي كل الأزمنة والفترات.

لنقف وإياكم ونسلط الضوء على عدة مفردات قيادية وإدارية من سيرته العطرة عليه السلام، فمن إدارة شؤون الأمة سياسيا مرورا الى إدارة أفرادها وطاقاتها البشرية الى إدارة جوانب فنية وأدبية أخرى من منطلق تطبيق هذه الشخصية لقيم الإسلام فهو من (خالط الإسلام لحمه ودمه) في كلام النبي الاكرم، صلى الله عليه وآله.

 اول مفردة هي التوكل على الله: فمرة مرَّ عليه السلام على قوم أصحاء جالسين في زاوية المسجد فقال من أنتم؟

قالوا: نحن المتوكلون.

قال عليه السلام: بل أنتم المتأكلة فإن كنتم متوكلين ما بلغ بكم توكلكم؟

وعملية رد السوائل بسؤال بالثقافة القيادية من باب إعطاء الدرس

فقالوا: إذا وجدنا اكلنا وإذا فقدنا صبرنا.

قال عليه السلام: هكذا تفعل الكلاب عندنا

قالوا: ماذا نفعل

قال: كما نفعل

 وماذا تفعل؟

قال عليه السلام: إذا وجدنا بذلنا وإذا فقدنا شكرنا، فيعلمنا الامام مرتبة أخرى التوكل، مثل ذلك الأعرابي الذي أتى رسول الله وقال يا رسول الله تركت راحلتي خارج المسجد وتوكلت

فقال له رسول الله: اعقلها وتوكل وهو الأخذ بالأسباب ليكون التوكل ذا قيمة عليا

ثانيا: اتخاذ القرار وفيه نقاط

ولإحراز القرار السديد هناك خطوات يعلمنا إياها، عليه السلام، إذ لابد أن يتصف بالتأني والدراسة المعمقة والنظر من عدة جوانب وأخذ مواطن القوة والضعف في ذلك، فالنقطة الأولى: النظر إلى العواقب فعنه “من تورط في أمر بغير نظر إلى عواقبه فقد تعرض للنوائب”

يعطينا إمام المتقين الامام، عليه السلام، القائد الرباني أساسيات قيادية إدارية علوية لإدارة الموارد المادية منها والبشرية، ومزج العمل بالقيم الإسلامية القويمة لنحوز بذلك خير الدنيا والاخرة

النقطة الثانية: المشاورة وطلب النصح فمن صفات القيادي أن يشرك من معه في الفريق لتفعيله داخل بيئة العمل، يقول أمير المؤمنين عليه السلام: “من استبد برأيه هلك ومن شاور الرجال شاركهم في عقولهم”

ثالثا: من الصفات التي يحملها القائد التقوى

لابد أن يطبق القائد ما تعطيه التقوى من حصانة على الواقع العملي، فيقول في خطبة له “فمن اخذ بالتقوى عزبت عنه الشدائد بعد دنوها واحلولت له الأمور بعد مرارتها وانفرجت عنه الأمواج بعد تراكمها واسهلت له الصعاب بعد انصابها”.

رابعا: الحسم بعد الحزم

 فعنه عليه السلام “روِ تحزم فاذا استوضحت فاجزم”.

ولأن القائد كثير ما تشتبك عليه الأمور فهو بحاجة إلى التروي في اتخاذ القرار فبعد الترو واتضاح الروية عند ذلك تأخذ بالعزم، وبعد تقليل الفارق بين اتضاح الروية والاخذ بالجزم لأن الحال لا يدوم، إذ الأحداث بالنسبة للقائد فهي في تغير دائم، فقد سأل الامام الحسن، أباه عليهما السلام: ما الحزم؟

 قال: تنتظر فرصتك وتعاجل ما أمكنك

وهذا ما يدعى في المصطلحات الإدارية الحديثة “باتخاذ الخيارات الموقفية

وأخيرا: لابد أن يحمل القيادي شعاراً يضعه نصب عينه لتذكره على الدوام ويبقى في نشاط دائم، فإن آخر ما أوصى به الامام لولديه الحسن والحسين عليهم السلام: “أوصيكما وجميع ولدي واهلي ومن بلغه كتابي بتقوى الله ونظم امركم”، ومن بلغه كتابي اي من أخذ به من العاملين في المضامين الإدارية والقيادية في شتى المجالات، هو بمثابة شعار يتخذه القائد والإداري اينما حلَّ وفي اي منصب كان “تقوى الله ونظم امركم” لضمان ديمومة العمل ولضمان صحة بيئة العمل.

وبذلك يعطينا امام المتقين الامام، عليه السلام، القائد الرباني أساسيات قيادية إدارية علوية لإدارة الموارد المادية منها والبشرية، ومزج العمل بالقيم الإسلامية القويمة لنحوز بذلك خير الدنيا والاخرة، فسلام على علي يوم ولد ويوم استشهد ويوم يبعث حيا والسلام.

عن المؤلف

كرار الياسري

اترك تعليقا