ونحن نتابع الأحداث في المنطقة ومن بين كل هذا الضجيج، هناك من يزرع روح التغيير والاخبار الصادقة والمؤثرة مثال ذلك ما تناقلته مواقع التواصل عن الدكتور العراقي محمد طاهر، البريطاني الجنسية، كيف ترك حياة الرفاهية والراحة في ظل الإمكانات الموجودة في بريطانيا والتحق من منطلق الإنسانية والواجب الديني ومن موقعه كطبيب إلى نصرة المسلمين في غزة.
يقول أثناء لقاء له في برنامج “بودكاست بريطاني”: أنه بعدما كان في دورة طبية في البرازيل عند أفضل اطباء الأعصاب في العالم، وبعدما رآه في الاخبار عن غزة وصور الاطفال والناس، كان يقول لنفسه اذا لم أكن أنا هناك فمن؟
وفي خضم حديث النفس هذا يقول: في يوم من الايام قبل ذهابي لغزة أخذت استخارة في القرآن الكريم، ويقول موصفاً بالإنكليزية: “ظهرت لي الآية التي تدعوكم إلى طريق الله، ولكنكم تتمسكون في الأرض ألا تعلمون أن الآخرة اكبر بكثير”. ولعله يقصد الآية ٣٨ من سورة التوبة: {يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مَا لَكُمۡ إِذَا قِيلَ لَكُمُ ٱنفِرُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ ٱثَّاقَلۡتُمۡ إِلَى ٱلۡأَرۡضِۚ أَرَضِيتُم بِٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا مِنَ ٱلۡأٓخِرَةِۚ فَمَا مَتَٰعُ ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا فِي ٱلۡأٓخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ}.
ويقول: “شعرت بأن الرياح تسري في خلاياي، وكنت أملك اليوم قناعة لم املكها سابقا”.
وهنا نقطتان:
الأولى: نشير إلى نقطة هامة؛ أنه إذا كان هذا ما تعطيه ثقافة القرآن الكريم من دافعية للفرد فكيف على مستوى المجتمعات وعلى مستوى المشاريع الكبرى.
والنقطة الثانية: تحمل المسؤولية والاستعداد للتضحية التي قدمها لنا الدكتور، فيكمل ويقول: “لو حاول كل واحد منا فعل ذلك، ولو حاولنا جميعا بصدق وكنا مستعدين للتضحية مهما كان الأمر، سنرى عكس هذا التغيير المؤسف الذي شهدناه في عالمنا اليوم”.
وهذا بحد ذاته درساً قرآنياً وأخلاقياً وإنسانياً للأمة الإسلامية اجمع في تحمل المسؤولية، فأعطانا هذا الطبيب الرسالي رسالة إنسانية لابد أن نحملها ونطبقها على واقعنا ومن موقع عملنا كأفراد، وكمتخصصين؛ أياً كان مجالنا، وكمجتمع في مواجهة التحديات.
فحقاً لو عدنا إلى ثقافتنا القرآنية الأصيلة لما شهدنا ما نشهده، ولكُنا “يدا على من سوانا”.
وختاما نوجه تحية لهذا الطبيب الشهم، ونسأل الله أن يبارك في عمله، وان تكون مسيرته مفعمة بهذه القيم، وان نستلهم نحن من هذه المواقف، الهمة العالية وتقديم الواجب الديني من خلال مواقع عملنا والسعي لبث ثقافة القرآن في الأمة لتكون ذات أثر على المستوى الجماعي.
يقول رسول الله، صل الله عليه وآله وسلم: “فإذا التبست عليكم الفتن كقطع الليل المظلم فعليكم بالقرآن فإنه شافع مشفّع وماحل مصدّق، من جعله أمامه قاده إلى الجنة ومن جعله خلفه ساقه إلى النار”. صدق رسول الله.