الأخبار

السيد هادي المدرسي يدعو للالتزام بالقيم القرآنية في التعاملات اليومية

الهدى – قم المقدسة ..

دعا سماحة آية الله السيد هادي المدرسي إلى الالتزام بالقيم القرآنية في التعاملات اليومية، والتحلي بروح العطاء والإيثار، مشددًا على أن السعادة الحقيقية تكمن في خدمة الآخرين دون انتظار أي مردود دنيوي، بل ابتغاءً لوجه الله تعالى.
جاء ذلك في محاضرته الحادية عشر الرمضانية بحسينية الامام المجتبى عليه السلام بقم المقدسة في تفسير سورة الإنسان، متوقفًا عند أبرز المضامين الروحية والأخلاقية التي تضمنتها هذه السورة المباركة.
واستهل سماحته المحاضرة بتلاوة الآيات الكريمة من سورة الإنسان، حيث سلط الضوء على قوله تعالى: “عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا، يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا، وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَىٰ حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا، إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا”. موضحًا أن هذه الآيات تمثل نموذجًا رفيعًا من الإخلاص والتفاني في العمل الصالح، وتجسد روح العطاء بلا مقابل.
وأشار سماحته إلى أن عباد الله الصالحين هم الذين يلتزمون بعهودهم ووفائهم بالنذر، لأنهم يدركون أن الله سبحانه وتعالى لا يحابي أحدًا، بل يجازي كلّ إنسان بما قدم، مستشهدًا بقول الله تعالى: “مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ”.
وأكد سماحته أن الأنبياء والأوصياء أنفسهم، رغم عصمتهم، كانوا في قمة الخشية من الله، لا لخوفهم من ذاته المقدسة، وإنما لخوفهم من مقام العدل الإلهي.
وتطرق سماحته إلى مسألة العدل الإلهي، مبينًا أن يوم القيامة يوم شره مستطير على الكافرين والمجرمين، حيث يتعرضون لأنواع العذاب والهوان، في حين أن المؤمنين والصالحين ينالون الرحمة الإلهية.
واستشهد بحوادث واقعية وتجارب لأشخاص مروا بتجربة اقتراب الموت، حيث شعروا بالرهبة من مشاهد القيامة.
وفي سياق تفسيره لقوله تعالى: “وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَىٰ حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا”، أكد السيد المدرسي أن العطاء والإيثار من أسمى الصفات التي تميز عباد الله المخلصين، موضحًا أن هؤلاء يقدمون الطعام لمن يحتاج، دون تمييز بين فقير أو يتيم أو حتى أسير. وبيّن أن الإسلام يدعو إلى التعامل الإنساني مع الجميع، دون النظر إلى اختلاف المعتقدات أو الانتماءات.
وأضاف سماحته أن من أصول الكرم التي دعا إليها الأنبياء هو العطاء دون انتظار مقابل، مشيرًا إلى الرواية التي تقول: “ملعون، ملعون من بات شبعان وجاره جائع”.
كما أكد أن مفهوم الكرم في الإسلام لا يقتصر على الإحسان المادي فحسب، بل يشمل كلّ صور الإحسان المعنوي والعاطفي.
وفي سياق حديثه عن العطاء والإيثار، تطرق سماحة آية الله السيد هادي المدرسي إلى ظاهرة البخل العالمي التي تجسد انحرافًا كبيرًا عن القيم الإنسانية والأخلاقية التي دعا إليها الإسلام.
وأشار سماحته إلى أن الوضع العالمي اليوم يعكس تناقضًا صارخًا بين وفرة الموارد وحاجة الفقراء، حيث تمتلك الدول الغنية فائضًا هائلًا من الغذاء والموارد، إلا أنها تفضل التخلص من هذه الفوائض بإتلافها أو حرقها بدلًا من توجيهها إلى المحتاجين، وذلك حفاظًا على الأسعار والأرباح المادية.
وأضاف سماحته أن العطاء لا يجب أن يكون فرديًا فحسب، بل يجب أن يكون مجتمعيًا وعالميًا، حيث تتحمل المجتمعات والمؤسسات والدول مسؤولية توزيع الثروات بشكل عادل، وتوفير الحد الأدنى من الحياة الكريمة للجميع. وذكر أن الإسلام دعا إلى التعاون والتكافل الاجتماعي، حيث لا يُقبل أن ينام شخص شبعانًا بينما جاره جائع.

عن المؤلف

هيأة التحرير

اترك تعليقا