فکر و تنمیة

الحضور الشبابي المنتظم في المحافل الدينية

يواظب العديد من الشباب على حضور المجالس الدينية والثقافية، من أجل زيادة معلوماتهم في هذه المجالات، وزيادة الاطلاع على الكثير من المعلومات والأحكام الشرعية التي يجهلها هؤلاء الشباب بحكم حداثة السن وقلة التجارب والاحتكاك مع من هو أكبر منهم، فالحقيقة قضية اختيار الصديق يجب أن تقوم أولا على الفائدة التي يمكن أن تنتج عنها هذه الصداقة، وماذا يمكن أن تكون الفوائد المتقابلة بين الطرفين أو الصديقين.

من أهم هذه الفوائد هي الاهتمامات التي يتحلى بها الإنسان، فلنفترض أنك عقدت صداقة جديدة مع شاب جديد، فهل ستتم هذه الصداقة بشكل اعتباطي أم هناك أهداف معينة ترغب وجودها وتحقيقها مع هذا الصديق أو ذاك، بصراحة لا فائدة من عقد وتطوير صداقات اللهو وملء الفراغ بالطيش واللعب والاستغراق في العادات التي لا جدوى منها سوى قتل الوقت.

إذن في صداقتك الجديدة من الأهمية بمكان أن يكون هذا الصديق مكمّلا لأهدافك التي ترغب في تحقيقها كونها من الأهداف والقضايا التي تنقصك، لذا فإن أول شرط في عقد الصداقة الجديدة هي أن يكون الصديق مفيدا من خلال طبيعة اهتماماته، والأمكنة التي يرتادها، وكيف يقضي وقته، ومن هم أصحابه الآخرين وما هي اهتماماتهم.

هذه الأمور والتدقيق فيها مهمة جدا في عقد الصداقات الجديدة، لأنها تغني الإنسان عن المتاعب المستقبلية مع الصديق قبل أن يرتبط به، فهناك أصدقاء لا تعرف عنهم شيئا، وفجأة تجد نفسك متشابك معه في علاقة صداقة ولقاءات يومية واهتمامات مشتركة، لنك تدريجيا تكتشف أن هذه الاهتمامات ليست هي التي ترغب بها، فمثلا قد يهتم بألعاب الفيديو وما شابه لاسيما يعيش الشباب في عصر (الألعاب القاتلة للوقت)، بينما أنت لا تقترب من مثل هذه الأشياء كونها تهدر وقتك الثمين بلا مقابل.

في صداقتك الجديدة من الأهمية بمكان أن يكون هذا الصديق مكمّلا لأهدافك التي ترغب في تحقيقها كونها من الأهداف والقضايا التي تنقصك، لذا فإن أول شرط في عقد الصداقة الجديدة هي أن يكون الصديق مفيدا من خلال طبيعة اهتماماته، والأمكنة التي يرتادها

أنت في الحقيقة بحاجة إلى أصدقاء يطورون معلوماتك، ويحثونك على التثقيف والاطلاع المستمر على ما يستجد من معارف ومعلومات في عالم اليوم، سواء في مجال الدِين أو الفكر أو الثقافة، فالدين ومعرفة الأحكام الشرعية والغوص عميقا في تاريخ الأديان ورحلتها الطويلة في التاريخ البشري تجعل من الشاب أكثر قدرة على التحليل، وتزداد معارفه، وتتطور رؤيته لما يحدث في العالم.

وإذا كانت الاهتمامات متقاربة بين الصديقين فهذا جيد جدا وفي غاية الأهمية، مثلا إذا كان حضور المجالس الدينية والثقافية جزء من الاهتمام المشترك فيما بينهما، هذا يجعل من صداقتهما أكثر فائدة، ويجعل منها أيضا أكثر متانة وعمقا، حيث تنتقل ثقافة الصديق ورؤيته الحصيفة إلى صديقه الآخر فيما يسمى بتبادل الاهتمامات والتجارب.

ولهذا نرى أحيانا مجاميع من الأصدقاء الشباب، يجتمعون معا بعد الإفطار في مكان واحد، وفي ساعة محددة وتوقيت متفق عليه، ويمضون معا في جولة للتعرف على المجالس التي يمكن حضورها، ففي كربلاء المقدسة مثلا توجد مجالس من هذا النوع يمكن أن تُشبع ذلك الشغف الكبير عند الشباب من حيث الرغبة بالاطلاع على العلوم الدينية وخفاياها، وكم يحتاج هؤلاء الشباب إلى التعرف على القضايا الدينية المهمة.

ويأتي شهر رمضان ليقدم مثل هذه الفرص الجيدة للشباب، فيجتمعون معا، ويحددون وجهتهم لهذا اليوم بعد الافطار، وتنطلق مجموعة الشباب إلى المجلس الفلاني، والغاية معروفة ومحددة مسبقا، ويكون استقاء المعلومات جماعيا، وفي بعض الأحيان يتم مناقشة المضامين التي استمعوا إليها بخصوص الدِين والأحكام أو في مفردات الثقافة والعلوم الأخرى، فتتم مناقشة تلك المضامين في جلسة أخرى يتم تحديدها بين الشباب أيضا.

معظم شبابنا لديهم وقت فائض، ومعظمهم بحاجة إلى ملء هذا الوقت بما هو مفيد، وطالما انهم يعيشون في عصر السرعة، ووجوب مواكبة ما يستجد في هذا العصر، لكي لا يبقى الشاب في ذيل (الطابور) كما يُقال

وهكذا نلاحظ وجود مثل هذه العلاقات الناجحة، ومثل هؤلاء الشباب الطموحين الذين لا يسمحون بضياع الوقت أو هدره، بل يكون هناك تخطيط منتظم (وجماعي) بين الأصدقاء للاستفادة من وقتهم ومن تبادل التجارب والمعلومات والاهتمامات فيما بينهم، لذا فإن الصداقة يجب ان تتم تحت شرط التقارب في الاهتمام بين الأصدقاء لاسيما في هذا الشهر التي تزدهر فيه النشاطات والمجالس الدينية والثقافية.

خلاصة القول: معظم شبابنا لديهم وقت فائض، ومعظمهم بحاجة إلى ملء هذا الوقت بما هو مفيد، وطالما انهم يعيشون في عصر السرعة، ووجوب مواكبة ما يستجد في هذا العصر، لكي لا يبقى الشاب في ذيل (الطابور) كما يُقال، عليه عقد الصداقات بعد معرفة الاهتمام والصفات التي يتحلى بها الآخرون، حتى تكون الفائدة مضمونة، وتكون الرغبات متقاربة مما ينتج عنها حصد معلومات ومعارف جديدة في غاية الأهمية.

عن المؤلف

حسين علي حسين/ ماجستير إدارة أعمال

اترك تعليقا