أدب

الكرَم في أشعار الإمام المجتبى عليه السلام

للشعر أهمية كبيرة لسامعيه على مدى العصور لما يحمل من قوة تأثير على المتلقي وما يحتويه من حكمة وصور فنية وايقاع مؤثر، لذلك كان النبي محمد وأهل بيته الكرام، صلوات الله عليهم، يهتمون به ويكرمون قائله في مناسبات عديدة وإنّ الإمام الحسن، عليه السلام، له أشعار منسوبة اليه في موضوعات مهمة، والكرم هو أحد هذه الموضوعات إذ عرف به الإمام حتى لقب بكريم أهل البيت عليهم السلام.

فصفة الكرم تعد من الصفات العظيمة وأهمها، وقد اتصف بها النبي وآل بيته الطيبين الطاهرين، وقد عرف به الإمام الحسن المجتبى، عليه السلام، لما كان عليه من استعداد للبذل حين يُسأل أو من قبل أن يُسأل ولابد للإنسان أن يكون كريما معطاء ما دام يعيش بين مجتمعه عزيزا وخاصة الأغنياء الذين رزقهم الله من فضله عليهم أن يجودوا وينفقوا في سبيل الله، لكي يكونوا مسلمين حقيقيين متعاونين مع الناس من ذوي الحاجات وقد تجسد هذا المعنى في جملة من الأشعار المنسوبة للإمام الحسن، عليه السلام، بأن للكرم قيمة كبيرة لابد أن تكون شائعة بين المجتمعات لتلبية حاجاتهم وإشاعة روح المحبة والتعاون والتكافل الاجتماعي فيقول الإمام، عليه السلام:

إنّ السخاء على العبادِ فريضةٌ

 للهِ يقرأُ في كتابٍ محكمِ

وعدَ العبادَ الأسخياءَ جنا نَهُ

 وأعدّ للبُخلاءِ نارَ جهنّمِ

من كانَ لا تندى يداهُ بنائلٍ

 للراغبينَ فليس ذاك بمُسلِمِ

فالسخاء يعد فريضة واجبة على كل فرد وتؤكد ذلك آيات عديدة من القرآن الكريم وأنَّ الله عز وجل أكرم الأكرمين قد وعد عباده الكرماء الجنان الواسعة، وأن البخيل أعد له جهنم، وأنَّ من لم تكن يده معطاء ندية حنونة على الآخرين، فلا يمكن أن يسمى بمسلم حقيقي يهتم بالناس كما يهتم بنفسه والأوْلى أن يفضل الآخرين على نفسه كما كان أهل البيت عليهم السلام يؤثرون على أنفسهم.

 تجسد هذا المعنى في جملة من الأشعار المنسوبة للإمام الحسن، عليه السلام، بأن للكرم قيمة كبيرة لابد أن تكون شائعة بين المجتمعات لتلبية حاجاتهم وإشاعة روح المحبة والتعاون والتكافل الاجتماعي

والإمام المجتبى، عليه السلام، هو أحد الخمسة أصحاب الكساء، صلوات الله عليهم، الذين يحملون كل الفضائل والمحاسن العظيمة التي حباها الله لهم من الشجاعة والعلم والكرم والإيثار وما لا يحصى من المناقب ومن العدالة والمحبة وقضاء حوائج الناس عن طيب خاطر..

ويؤكد الامام عليه السلام معنى الفرض الواجب على الإنسان المسلم  وأفضلية أيامه التي يعيشها بالعمل الخالص لله واهبا   أفضل ما يملك بما يستطيع لإسعاد المحتاجين فيقول:

إذا ما أتانـي سـائل قلت مرحباً

بمن فضله فرض عليّ معجلُ

ومن فضله فضل على كلّ فاضلٍ

وأفضل أيام الفتى حين يسألُ

ويصف الامام حجم الجود والكرم بصيغة الجمع ويعني هو وأهل البيت جميعا لما يتميزون من فضائل فيقول:

نحن أناس نوالنا خضـل

 يرتع فيـه الرجـاء والأملُ

تجود قبل السؤال أنفسـنا

خوفاً على ماء وجه من يسلُ

لو علم البحر فضل نائلنا

لغاض من بعد فيضـه خجلُ

إذ تجود الأنفس قبل السؤال خوفاً على ماء وجه السائل وخجله والشعور بالذل والمهانة فعطاؤهم قبل أن يحدث كل ذلك من أجل حفظ كرامة الإنسان وعدم التنقيص من شأنه، فله حق فيما يعطى ولابد أن يأخذ حقه بعزة وكرامة دون إذلال، ولهذا حتى البحر الغزير يغيض خجلاً لو علم بالفضل والكرم الذي عند اهل البيت والذي يبذل للآخر بكل محبة واحترام.

لذلك أن أشعار الإمام الحسن عليه السلام، تشير الى أهمية الكرم والعطاء بكل شيء لينشر قيمة وأهمية المبادئ النابعة من الدين الاسلامي التي تدعو الى حب الناس وإكرامهم بما يليق بإنسانيتهم التي فطرهم الله عليها كونهم أفضل المخلوقات لحفظ كرامتهم وحقوقهم:

خلقت الخلائق من قدرةٍ

 فمنهم سخيّ ومنهم بخيلُ

فأمّا السـخيّ ففي راحةٍ

 وأما البخيل فحزن طويلُ

 وهنا يشير الى أن الله تبارك وتعالى خالق السخي الباذل وقد يصل البذل والجود حتى بالنفس من أجل الحق، كما ضحى هو بنفسه وكما ضحى أخوه أبي عبد الله الحسين سيد الباذلين، والله مثلما خلق السخي  خلق البخيل أيضا ذلك العاجز والمتردد والحريص على ما يملك  والخائف الخانع، ويوعد السخي بأنه سيكون في راحة في عطائه وبذله في الدنيا والآخرة ويتوعّد البخيل بأنه سيصيبه الحزن وانعدام البركات وعدم التنعم بما يملك إن لم ينفقها بكل قناعة فسيخسرها في الدنيا لأسباب مختلفة، وستكون أمواله وبالاً عليه وسعيرا يوم لا ينفع فيه مال ولابنون الا من أتى الله بقلب سليم.

عن المؤلف

كفاح وتوت

اترك تعليقا