فکر و تنمیة

الشباب وجدوى الزيارات الجماعية

من بين العلامات البارزة التي نراها في شهر رمضان بشكل أكثر وأكبر، هي الزيارات الجماعية الشبابية للمراقد المقدسة، حيث تنطلق من مدينة كربلاء المقدسة سيارات تابعة للعتبة الحسينية، وأخرى تابعة لسوّاق آخرين أهليين، لتنقل مجاميع الشباب إلى العتبة العلوية المقدسة في النجف الأشرف، أو إلى العتبة الكاظمية المقدسة، أو إلى العتبات المقدسة في سامراء.

بالطبع مثل هذه الزيارات موجودة ومتواصلة على مدار العام، ولكن في شهر رمضان تتضاعف بشكل واضح، ويندر أن لا يذهب الشباب إلى هذه المراقد المقدسة في كل خميس أو في كل جمعة، حيث تكتظ السيارات بجموع من الشباب الصائم المؤمن الممتلئ حماسا وإيمانا وتفاؤلا ورغبة في أداء مثل هذه الزيارات التي تؤلّف بين القلوب، وتزيد من التقارب الشبابي وتزيد من لحمة الشباب وتقوّي علاقاتهم أكثر فأكثر.

لهذه الزيارات الجماعية فوائد جمّة، ويمكن إجمالها بالنقاط التالية:

أولا: يعتاد الشباب على مثل هذه الزيارات في كل يوم خميس أو جمعة أو أي يوم من أيام الأسبوع حسب الاتفاق بين الشباب أنفسهم، وبحسب الظروف الزمنية التي تناسبهم، وهذه الحالة من التعويد أو الاعتياد تعد جيدة ومرغوبة كونها تزيد من إيمان الشاب كثيرا.

ثانيا: من النقاط المهمة في مثل هذه الزيارات إنها تضاعف العلاقات الجيدة بين الشباب المؤمن، وتضاعف من حالات التقارب فيما بينهم، وتجعلهم قريبين من بعضهم ومتفاهمين مع بعضهم أيضا.

ثالثا: هذا التجمع الشبابي يزيد من الروابط النفسية الجيدة بين الشباب، فيعتادون على بعضهم أكثر، وتقوى عرى العلاقات المتبادلة فيما بينهم.

رابعا: يحافظ الشباب في مثل هذه الزيارات على عقائدهم، وتقوى أكثر فأكثر، وذلك من خلال النقاشات والمداولات والمراجعات التي تتم فيما بينهم طوال الوقت الذي تستغرقه الزيارة للمراقد المقدسة، حيث يتبادل الجميع الكثير من القضايا العقائدية والدينية المهمة، فتكون الزيارة بمثابة مصدر للمعلومات المهمة للشباب.

التجمع الشبابي يزيد من الروابط النفسية الجيدة بين الشباب، فيعتادون على بعضهم أكثر، وتقوى عرى العلاقات المتبادلة فيما بينهم

خامسا: تعد مثل هذه الزيارات نقطة انطلاق مهمة نحو بناء علاقات اجتماعية قوية، وبعضها يمتد إلى علاقات عائلية، تقود إلى التزاوج، والتصاهر وهذا الشيء يتكرر في معظم الزيارات فيقوي العلاقات الاجتماعية بطريقة ممتازة.

سادسا: تكون هناك فرصا مستمرة للتثقيف الديني والعقائدي للشباب عندما يعتادون على مثل هذه الزيارات كونها توفر لهم مثل هذه الفرص التبليغية الجيدة.

وهناك فوائد وتفصيلات عديدة في مثل هذه الزيارات، لهذا نلاحظ هناك توجيهات من علماء الدين الأفاضل والعلماء الأجلاء وحتى الخطباء يتم فيها التأكيد على الشباب المؤمن بأن يواصلوا مثل هذه الزيارات الجماعية، وهناك بعض التوجيهات التي تضبط حركة هذه الزيارات وأهدافها وكيف يمكن أن تتضاعف فائدة الشباب فيها.

ولو أردنا أن نتوسع أكثر في المهام والفوائد الكبيرة لهذه الزيارات، فإنها تتمخض دائما عن علاقات صداقة كثيرة وقوية بين الشباب أنفسهم، حيث تمتد هذه الصداقات القوية من مدينة إلى أخرى وتتوسع بين العوائل وهذا يصب في صالح تمتين شبكة العلاقات الاجتماعية.

وهنالك زاوية مهمة جدا لم نتطرق إليها، وهي موجودة ومؤشرة بين الشباب، ففي مثل هذه الزيارات للمراقد المقدسة تنشأ علاقات ثنائية بين الشباب أنفسهم، وهي نوع من الصداقات الأخوية العميقة التي تقوم على نقاء وصفاء الهدف والنيّة، وفي بعض الأحيان يتم تناقل المعلومات العقائدية المهمة بين أطراف العلاقات الشبابية.

كذلك هناك نوع من الشباب المؤمنين، لديهم القدرة الكبية على التأثير الإيجابي في الصدقاء الآخرين، حيث ينقل الشاب الراسخ عقائديا قدراته، وقوة إيمانه وقوة عقيدته وأفكاره الدينية أو سواها إلى صديقه الآخر، ويمكنه أن يؤثر في هذا الصديق الجديد ويجعله يصحح الكثير من أفكاره غير الصائبة، ويطور معتقداته نحو الأصح والأفضل.

مثل هذه العلاقات المهمة والمؤثرة يمكن أن تكون ثمرة لمثل هذه الزيارات الشبابية الجماعية للمراقد المقدسة، فهي بالإضافة إلى كونها ذات طابع ترفيهي يريح النفس والقلب، فإنها أيضا تعود على الشباب بفوائد كثيرة وكبيرة، ولهذا يُنصَح بتكرار التجربة دائما لاسيما في أجواء شهر رمضان التي تفتح أبواب الإيمان على مصاريعها للشباب كي يكونوا دائما وأبدا في حالة من السلامة النفسية العقائدية الدينية المتكاملة.

عن المؤلف

حسين علي حسين/ ماجستير إدارة أعمال

اترك تعليقا