فکر و تنمیة

الهوس بالماركات… محاولات للتعويض ام جودة تستحق الانفاق؟

نظارة شمسية ذات ماركة عالية يرتديها أحدهم، وساعة يرتديها آخر بملبغ يساوي مرتبه الشهري او يزيد عليه، وثالث يشتري عطور بمئات الدولارات وجميع هؤلاء ليسو بمتمكنين مادياً، بل انهم قاصرين عن توفير الكثير من متطلبات حياتهم التي يحتاجونها هم وعوائلهم لكي يحيوا حياة اقرانهم لا أكثر، وهذا يحصل لهؤلاء وغيرهم الكثيرين من الناس بفعل تأثير هوس الماركات.

يفتخر الكثير من الناس سيما فئة الشباب منهم بشراء كل شيء ممهور بماركات عالمية، وهو ما يجعلهم منهكين مادياً لكون تكلفة هذه السلع تفوق السلع العادية بكثير، ورغم ان السلع الاخرى ذا جودة عالية وتؤدي ذات الغرض لكنها غير معروفة، فهي غير مفضلة بالنسبة للمهوسين لكونهم يسعون الى التميز والاختلاف ولو على حساب جوانب اخرى ربما اكثر الحاحاً، لانهم يعتقدون أن الأمر مرتبط بمقاييس اجتماعية تعتمد على المظهر الخارجي كدلالة على فخامة الشخص ومستواه الاجتماعي العالي.

من الواقع:

أحد زملائي في الوظيفة اعتدت على رؤيته بملابس وساعات واكسسورات انيقة وذات اثمان مرتفعة، وبصراحة أقول: إني أحد المعجبين بأناقته وذوقة في اختيار كل ما يتعلق بمظهره الخارجي، لكني وبمحض الصدفة كنت اتحدث معه عن امور تخصه، عرفت انه ينقصه الكثير فيما يخص منزله وعائلته، فأسالته عن سبب تأخره عن مثل هذه الاحتياجات، رد عليَّ: أن هوسه بالملابس وغيرها من الامور الخاصة به هو ما جعله متاخراً في جوانب اخرى، فهو ليس لديه سيارة، وابناؤه ليس لديهم غرفة خاصة بهم على اقل تقديرومثل هذا الكثير.

يفتخر الكثير من الناس سيما فئة الشباب منهم بشراء كل شيء ممهور بماركات عالمية، وهو ما يجعلهم منهكين مادياً لكون تكلفة هذه السلع تفوق السلع العادية بكثير

ثقـافـة الاستهلاك:

تعيش المجتمعات اليوم في عصر تسود فيه ثقافة الاستهلاك، وأصبح من المعتاد على الكثيرين تقديس المنتجات التي تحمل ماركات عالمية مشهورة، وهو ما يجعل فئات هشة اقتصادياً تندفع بهذا الاتجاه في محاولات منها لمجاراة مجتمعها وعدم الظهور بمظهر المتخلف عن المجتمع او الناشز، فمثل هذه السلوكية وغيرها من السلوكيات غير الصحية ينميها المجتمع في افرادها دونما وعي بأنعكاسات سلباً ذلك عليهم.

المسببات:

لعدة اسباب يتجه الانسان صوب هوس الماركات، من اهم هذه الاسباب ما يلي:

اولى هذه الاسباب هي اسباب نفسية تدفع المهووسون للشراء حتى وإن كانت ظروفهم المادية لا تسمح بذلك، لكون ارتدائهم للماركات يشعرهم بالسعادة والثقة والمكانة الإجتماعية بأنهم أصبحوا من فئة المجتمع الراقي، هذا هو التقليد الأعمى للمشاهير، بما يرتدون وبما يقتنون من ماركات باعتبارهم أيقونات للموضة ومواكبة العصر.

السبب النفسي الثاني هو شعورهم بالنقص او الحرمان في مراحل الحياة الاولى، وعند تمكنهم من الشراء للتعويض سيفعلون بإفراط لتعويض ذلك النقص، فينفقون الكثير من عائداتهم املاً في الحصول على مستوى من الارتياح النفسي الذي ينعكس على مستوى الصحة النفسية للانسان.

والسبب الثالث هو ما تؤديه الحملات الدعائية الضخمة لهذه الماركات التي تلعب على مخاطبة النفس البشرية طوال الوقت وإقناعها بأنها عنوان للشخصية من خلال التميز والتفرد والجاذبية في حال شراء هذه الماركات، فتجعل من المهووسين مخدرين وبالتالي ينفقون على شراء هذه الماركات بدون وعي.

ما يجب:

ما يجب معرفته بالنسبة للمهووسين بالماركات هو أن قيمة الانسان فيما يحسن وما يمتلك من دِين، وعلم، وثقافة، وأدب ومنزلة اجتماعية حقيقة يجنيها من مساعدته لاقرانه من ابناء مجتمعه وتعايشه معهم بسلام ومحبة، وليس بساعة غالية او نظارة او عطر او قطعة ملابس، وعند اقتناع الانسان بذلك يمكن ان يغادر هذا الهوس.

من الاسباب هي اسباب نفسية تدفع المهووسين للشراء حتى وإن كانت ظروفهم المادية لا تسمح بذلك، لكون ارتدائهم للماركات يشعرهم بالسعادة والثقة والمكانة الاجتماعية بأنهم أصبحوا من فئة المجتمع الراقي

كما يجب على الانسان ان يعي ان الحرمان الذي تعرضه في مرحلة سابقة هي اختبار إلهي له، وحين تغيّر وضعه المالي يعني ان الله كافأه على ذلك الحرمان، قبالة ذلك يريد الله من عباده شكر النعم، وجزء من شكر النعم احترامها وعدم الاسراف والتبذير فيها في سبيل التميز المرضي هذا، وهذه الحقائق هي من تبعد الانسان عن هذا الهوس المرضي.

عن المؤلف

عزيز ملا هذال/ ماجستير علم النفس

اترك تعليقا