فکر و تنمیة

ماهي سيكولوجية الاستغلال؟

الذات الانسانية تدفع الانسان بتقديم خدمات ومنافع للأقران قبالة الاستفادة من خدماتهم ومنافعهم وهذا يتم وفق قاعدة الفائدة المتبادلة، غير ان هذه القاعدة تتعرض للاختراق وهو ما يهدد سلوكيات المنفعة البشرية ويعرضها للاندثار والتلاشي، وذلك يتم عبر الاستغلال القبيح، فكيف يحصل الاستغلال؟

 ماهي دوافعه؟

 وكيف نوقفه او نتحاشاه؟

آلية الاستغلال هي عبارة عن تعدي أحد أطراف العلاقة على الطرف الآخر، والدافع من الطرف المستغِل هو تحقيق أكبر منفعة ممكنة، بينما يحاول المُستغل ان يلبي حاجات الطرف الثاني وعدم رفض طلباته وما يريده منه وما بين الرغبتين يكون أحدهم نال مراده على حساب الآخر، ببساطة هذا هو الاستغلال.

حين تحولت المجتمعات البشرية من مجتمعات انسانية الى مجتمعات مادية نفعية تحولت معها رغبة الانسان بخدمة ابناء جنسه وتقديم العون والمساعدة لكونهم أدركوا خطورة الاستغلال وثقل آثاره النفسية على المُستغل، وبذا قطع المستغلون طريق الانسانية وصار الجميع لا يقدم اية خدمة الا بعد التأكد من نية المقابل ونفسيته وطريقة تفكيره لئلا يقع ضحية له.

من هو القابل للاستغلال وما هي ملامحه؟

 الذي يكون عرضة للاستغلال هو الفرد يسعى إلى إرضاء الآخرين بأية صورة لأنه يرى من الضروري أنه يتعامل معه الآخرون بلطف بسبب ما يقدمه لهم من تنازلات يسعون اليها وبالتالي هو عليه أن يرفض طلبا لأحد الأصدقاء أو الأقرباء او الزملاء.

وهو ايضاً لا يمكنه التعبير عن مشاعره السلبية تجاه الآخرين، وهذا ناتج من اعتقاده بأن تصرفه بهذه الشاكلة يجنبه الصراع مع الاخرين، وبذا هو يهتم بشكل مبالغ فيه برأي الآخرين فيه قامعاً لرغبة الذاتية التي يجب ان لا يغفلها ويعمل على تحقيقها.

ليس هذا فحسب بل يحاول دائماً القيام بما يتوقع الآخرون قيامه به وهو بذلك يعتمد على آراء الآخرين وأحكامهم أكثر من اعتماده على رأي نفسه وبالتالي يجد صعوبة بالغة في اتخاذ قراراته بنفسه.

كما ان الانسان الذي يستغل في العادة يخشى غضب الآخرين عليه ويقيس قيمة شخصيته بمقدار ما يقدمه للآخرين، فمن يقدم الآخرين على نفسه ليس إيثاراً، وإنما خوفاً أو حياء لكونه في الغالب ذو شخصية ضعيفة.

لماذا يُقدم المُستغِل على الاستغلال؟

لعدة دوافع غير انسانية يقدم الانسان على استغلال اخيه الانسان لكونه أنانيا، يريد تحقيق مكاسبه الخاصة بدون النظر إلى مكاسب من حوله، وهو يتظاهر بالخلق النبيل والإيثار حتى يكسب ما يريد، كما ان المُستغل يشعر في أعماقه بالدونية وقلة احترام الذات، فيسعى إلى السيطرة على الآخرين وخاصة من يملكون شيئاً لا يملكه سواء كان مهارات أو قدرات وإظهار تملكه لهم وتفوقه عليهم.

الذي يكون عرضة للاستغلال هو الفرد يسعى إلى إرضاء الآخرين بأية صورة لأنه يرى من الضروري أنه يتعامل معه الآخرون بلطف بسبب ما يقدمه لهم من تنازلات يسعون اليها

ومن الدوافع التي تدفع للاستغلال هي محاولة فرض السلطة والقوة ضد الفرد المتعاون لإظهار القوة والتحكم وهو يحب دائماً مواقع السيطرة، ويمكن أن يتصدر للقيام بالمهام الأسرية والإدارية حتى يشعر بالسيطرة، وهو في النهاية سيوكل تحقيق هذه الأعمال إلى غيره ويظهر هو باعتباره القائم بالعمل، ويحصل على المكاسب المعنوية والمادية، كما يحصل الكثير من بيئات العمل.

كيف يتم مواجه الاستغلال؟

يمكن لاي انسان منا ان يواجه الاستغلال عبر التالي:

اول ما يمنع الاستغلال هو ان يعرف الانسان المُستغَل قيمة نفسه ولا يربط احترامهم له بمقدار خدمته لهم، انما يقدم الخدمات لأقرانه البشر على قاعدة التوزان والاعتدال والفائدة المتبادلة.

كما من الاهمية بمكان ان يغادر الانسان نقطة وجوب ارضاء الجميع، فعلى الرغم من ارضاء الناس امر حسن، غير انه يكون عادة سلوكية قهرية تجبره فيما بعد على القيام بأي شيء لإرضائهم وهذا خطأ كبير يرتكبه المُستغل بحق نفسه.

كما على الانسان ان يتعلم قول: (لا) إن كان في الامر استغلال له ولإمكاناته، فقول: (لا) يحميه من الاستغلال الناتج من الحياء لان الطرف الآخر لا يستحي فلا تستحي منه، وبهذه الامور البسيطة يمكن ان يقوي الانسان نفسه تدريجياً ويبتعد بنفسه عن الوقوع ضحية للمستغلين.

عن المؤلف

عزيز ملا هذال/ ماجستير علم النفس

اترك تعليقا