الأخبار

التعليم الأهلي في العراق عبئ متزايد على العائلات في ظل تراجع التعليم الحكومي

الهدى – متابعات ..

أصبح التعليم الأهلي في العراق يشكل عبئًا ماليًا متزايدًا على العائلات، في ظل تراجع مستوى التعليم الحكومي وافتقاره إلى البدائل المقبولة.
ويرى المشرف التربوي، حيدر كاظم، أن أولياء الأمور “يجبرون على تسجيل أبنائهم في المدارس والمعاهد الأهلية نتيجة لاكتظاظ الصفوف الدراسية، واعتماد نظام الدوام المزدوج والثلاثي، مما يقلل من جودة التعليم في المدارس الحكومية”.
وعلى الرغم من محاولات وزارة التربية فرض الرقابة على هذه المدارس، فإنها تواجه تحديات كبيرة في ضبط عملها.
ويكشف كاظم، أن “العديد من المدارس الأهلية التي أغلقت بسبب تجاوزات إدارية وتعليمية عادت إلى العمل مجددًا، مستفيدة من الغطاء السياسي والدعم الحزبي الذي يحظى به مستثمروها”.
وأكد أن “معظم أصحاب هذه المدارس هم شخصيات سياسية أو مدعومة من جهات متنفذة، مما يمنحها حصانة من الإجراءات القانونية، ويجعلها في مأمن من المحاسبة”.
وشهد التعليم الأهلي انتشارًا واسعًا بعد عام 2003، إلا أن السنوات الأخيرة حملت معه طفرة خطيرة في هذا القطاع، وفقًا لكاظم، الذي يرى أن “الهدف الأساسي لهذه المدارس بات تحقيق الأرباح، إذ تجذب أعدادًا كبيرة من الطلاب عبر إغراءات شكلية، لكنها في الواقع تفتقر إلى المستوى التعليمي المطلوب”.
ويلخص كاظم حديثه بالقول أن “المشكلة لا تكمن في وجود التعليم الأهلي بحد ذاته، بل في تحوله إلى وسيلة لاستنزاف الأهالي ماليًا، فضلًا عن كونه أصبح ساحة نفوذ سياسي تهدد مستقبل العملية التربوية، وتعزز فكرة أن التعليم بات سلعة تباع وتشترى، بدلًا من أن يكون حقًا مكفولًا للجميع”.
بالتالي، لم يعد القطاع التعليمي في العراق بمنأى عن الظواهر الخطيرة التي تهدد مستقبل البلاد، وعلى رأسها غسيل الأموال،
وهذا ما أكده المحلل السياسي، محمد زنكنة حيث قال: ان “التجارة في العراق لم تعد تقتصر على الاستيراد والتصدير وبيع السلع، بل امتدت إلى قطاع التعليم الأهلي، الذي بات يستخدم كواجهة لتغطية أنشطة مالية مشبوهة”.
ويقول زنكنة إن “هناك شخصيات سياسية نافذة ومسؤولين في الدولة يمتلكون جامعات وكليات أهلية معترف بها رسميًا، رغم أن بعضهم حصل على شهاداتهم العليا من المؤسسات نفسها التي يديرونها.
كما يعدّ الأمر مؤشرًا خطيرًا على تداخل المصالح الشخصية مع العملية التعليمية، مما ينعكس سلبًا على جودة التعليم ويحوّل الجامعات الأهلية إلى أدوات لتبييض الأموال”.
ولا تقتصر آثار هذه الظاهرة على الجانب المالي فقط، بل تمتد إلى مستوى المخرجات التعليمية، حيث أدى ضعف الإشراف الأكاديمي إلى تخريج أعداد كبيرة من المهندسين والأطباء والمحامين ذوي الكفاءة المتواضعة.
ويحذر زنكنة من أن هذا الواقع يتجلى في انتشار تصاميم إنشائية غير آمنة، وأخطاء طبية جسيمة، وتزايد أعداد خريجي القانون في سوق عمل مشبع وغير مؤهل، مما يهدد مستقبل المهن الحيوية في العراق.
ويتابع حديثه بالقول: ان “استمرار هذا الوضع ينذر بكارثة مهنية واجتماعية”، داعيًا إلى ضرورة فرض رقابة صارمة على المؤسسات التعليمية الأهلية لضمان عدم تحولها إلى مجرد أدوات للربح غير المشروع على حساب مستقبل الأجيال.

عن المؤلف

هيأة التحرير

اترك تعليقا