مناسبات

لنستعد لـ “التسابيج” في شهر رمضان

كثيرا ما يسمع الشباب والمراهقون من عوائلهم، من الأب والأم أو من الأخ الأكبر والأخت الكبرى، بمفردة (التسابيج) عندما يقترب شهر رمضان ونبدأ بالاستعداد له، والتسابيج مفردة باللهجة العراقية العامية تأتي من كلمة (الاستباق)، أي أنك تستبق الشيء قبل حدوثه، حيث تقوم الأسر والعوائل والأفراد من الشباب وغيرهم بالاستعداد للدخول في شهر رمضان قبل حلوله.

وهؤلاء المؤمنون من الشباب وحتى المراهقين، ومن عامة الأعمار، يستعدون للدخول في هذا الشهر الكريم، ويقومون بالصيام قبل حلول شهر رمضان، ومنهم من يصوم الايام الثلاثة التي تسبق شهر رمضان، أي آخر ثلاثة أيام من شهر شعبان، ومنهم من يصوم العديد من الأيام في شهر شعبان، وهذا النوع من الصوم يأتي للتمهيد النفسي لدخول شهر رمضان.

كذلك تكثر في شهر شعبان، وخصوصا في الأيام العشرة الأواخر، زيارة المراقد المقدسة لأئمة أهل البيت عليهم السلام، والصلاة في هذه المراقد، وأداء مراسيم الزيارة، ومن ثم قراءة الأدعية لمدة قد تستغر ساعة أو ساعات وبحسب الوقت المتوفر أو المخصص لهذه الزيارات، وكل هذا يدخل في باب التمهيد للدخول في شهر الخيرات والبركات.

حيث تمنح زيارة المراقد المقدسة للزائر بغض النظر عن عمره، فرصة للتعايش مع أجواء الإيمان، والشعور بالطمأنينة والسكينة، والاستقرار النفسي، فالشباب العراقي غالبا ما يكون في حالة من القلق لسباب كثيرة، ومنها قلة فرص العمل أو الطموح بالعثور على وظيفة أو فرصة الزواج المناسب، أو العيش في تقدم وسلام.

الهدف هو تعميق العقيدة ومضامينها في قلب الإنسان، واستمراره في زرع القيم الروحية التي ترتقي به معنويا، مثلما تساعده المضامين الفكرية على تحسين أفكاره وثقافته ومعلوماته

وكما هو معلوم أن الظروف المحيطة بشبابنا وحتى المراهقين منهم في غاية الصعوبة، من حيث طريقة العيش أو فرص العمل أو الدراسة ونتائجها، أو تقدم الشاب في مجالات الحياة المختلفة.هذه الضغوطات الحياتية تجعل من الناس ومنهم الشباب في حالة من القلق وربما من الخوف الذي يتسبب به ما يجري اليوم في العالم بشكل عام.

لذلك حينما يقترب شهر رمضان، فإن هؤلاء الناس وخصوصا الشباب يشعرون بالراحة النفسية والاستقرار، ويتمسكون أكثر بعقيدتهم وإيمانهم، ويكثفون من الزيارات، وقراءة الأدعية وتلاوة القرآن، والتواصل مع المساجد والحسينيات وحضور المجالس التثقيفية والعقائدية،الغرض من هذه الزيارات ومواصلة الحضور في مجالس الخطباء، الحصول على المعلومات والقصص والمضامين العقائدية التي تجعل النفس أكثر استقرارا.

ولهذا يستغل الشباب مثل هذه الايام لكي يحصلوا على المزيد من هذه الأجواء التي تمنحهم الاستقرار النفسي والمعنوي الذي يبحثون عنه لكي يستقروا أكثر ويطمئنوا ويعيشوا حياة أكثر هدوءا.

ومثل هذه الفرص لا يمكن أن يحققها سوى الإنسان نفسه، سواء كان من الشباب أو من الكبار في السن أو الكهول، ولهذا يستعد للدخول في شهر رمضان وهو في حالة إيمان كاملة، فتجده يصوم أياما عديدة قبل شهر الصيام، ويقوم بزيارات ليلية للمراقد المقدسة بصحبة أصدقائه وأقرانه من المؤمنين، فيذهبون معا في زيارات داخل الحدود الجغرافية لمدينتهم، أو يشاركون في زيارات جماعية لمراقد مقدسة في المدن الأخرى.

وفي كل الأحوال يكون الهدف هو تعميق العقيدة ومضامينها في قلب الإنسان، واستمراره في زرع القيم الروحية التي ترتقي به معنويا، مثلما تساعده المضامين الفكرية على تحسين أفكاره وثقافته ومعلوماته، وفي نفس الوقت يحافظ على عقيدته، ويتمسك بها، فتتكون لديه قاعدة رصينة من المعلومات والأفكار والمعنويات التي تجعل منه إنسانا مؤمنا مستقرا متوازنا نفسيا، يعيش حالة الاستقرار النفسي والمعنوي لأنه استطاع أن يستثمر شهور العبادة والولادات الكريمة (رجب، شعبان، والشهر القادم رمضان)، بشكل جيد وفعال.

وهناك شباب صادقون ومؤمنون، يؤكدون أنهم يعيشون في شهر رمضان تجارب إيمانية متجددة، وكأنهم يصومون لأول مرة، ويعيشون هذه الأجواء لأول مرة، وهم في الحقيقة صادقون فيما يقولون، لأن الاستقرار النفسي والروحي غالبا ما يضفي حالة من الصفاء والنقاء والاستقرار العالي نفسيا ومعنويا للإنسان، وخصوصا بالنسبة للشباب.

ولهذا يُنصَح دائما بأن يستثمر جميع الناس، والشباب منهم على وجه الخصوص، شهور الخير والبركة (رجب، شعبان، ورمضان)، لكي تتدفق عليهم نفحات الأمن النفسي، والاستقرار المعنوي، والإشباع الروحي، وهذه كلها تُسهم بصنع حياة معتدلة تمنح الشاب قدرة على الحلم والتأمّل وحتى الإبداع في مجالات العمل والدراسة والابتكار والتفكير الذي يرتقي بعقل الإنسان وبقلبه في نفس الوقت.

عن المؤلف

حسين علي حسين/ ماجستير إدارة أعمال

اترك تعليقا