الهدى – متابعات ..
تنتشرت مواقع الطمر العشوائي في معظم المحافظات، وهي تعد مصدراً رئيسياً للتلوث البيئي، نظرا لما تخلفه من غازات ضارة وأوبئة وجراثيم، إلى جانب ما يصدر عنها من أدخنة سامة جراء حرقها بين حين وآخر من قبل ما يطلق عليهم “النباشة”، الذين يبحثون عن المعادن، ويحرقون النفايات لتسهيل الحصول عليها.
وحسب تقرير صادر عن وزارة البيئة عام 2023، فإن العراق ينتج يوميا 20 مليون طن من النفايات، بينما لا يوجد حتى الآن مشروع لتدوير النفايات وإعادة استخدامها للاستفادة من موادها العضوية، كأن يجري تحويلها إلى أطعمة للحيوانات أو أسمدة، لا سيما أن نسبة بقايا الطعام من إجمالي كميات النفايات المطروحة في البلاد، تصل إلى 43 في المائة، حسب وزارة البيئة.
ويحاول ناشطون حقوقيون إثبات زيادة حالات الإصابة بسرطانات الجلد والدم والثدي والرحم في المناطق القريبة من مطامر النفايات.
وفي هذا السياق يقول الناشط محمد سعدون، وهو أحد المهتمين برصد التغيرات البيئية في بغداد، انه يتم رصد ارتفاع الإصابة بأمراض السرطان بين القاطنين في المناطق القريبة من مواقع الطمر.
واشار سعدون، إلى ان العراق لا يزال يطمر ملايين أطنان النفايات بلا معالجة، عدا عن مليارات المكعبات من مياه الصرف الصحي والمصانع، التي تصب في الأنهار من دون معالجة.
كذلك تفيد بيانات صادرة عن الجهاز المركزي للإحصاء، بأن عدد مواقع الطمر الصحي في العراق بلغ 221 موقعاً، وأن 149 موقعاً منها مخالفة للشروط البيئية.
ويقول الخبير والباحث البيئي أوس الطياوي، انّ غالبية مواقع طمر النفايات في العراق تعتمد أساليب غير قانونية للتخلص من المخلّفات، كما يرى أن الأرقام الرسمية المعلنة حول عدد مواقع الطمر الصحي المراعية للشروط البيئية “غير دقيقة”.
ولفت إلى أن 17 في المائة فقط من المواقع تراعي الشروط البيئية، موضحا أن انعدام الرقابة، هو أحد أسباب زيادة أزمة النفايات في البلاد.
ويشير إلى أن “بعض الجهات التي تتولى نقل المخلفات إلى مواقع الطمر تتخلص منها برميها في مساحات فارغة خارج أو داخل المحافظات، ما يؤدي إلى انتشار النفايات في مواقع عدة”.
ويتحدث الطياوي عن بعض المبادرات والمشاريع المتعلقة بالفرز الانتقائي للنفايات (فصل التدفقات العضوية والورق والكرتون والزجاج وغيرها من المواد وتدوير النفايات).
وبين أنه “في محافظة نينوى يعمل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي على تنفيذ مشروع لمعالجة النفايات، يشمل بناء محطات معالجة وتدريب كوادر محلية على العمل فيها”.
كما يضيف “في محافظة ذي قار، وتحديداً في الناصرية، تم تنفيذ مشروع يعمل على فصل النفايات الرطبة (ﺑﻘﺎﻳﺎ ﺍﻟﻄﻌﺎﻡ، ﺍﻟﺨﻀﺎﺭ، ﺍﻟﻔﻮﺍﻛﻪ) ﻋﻦ ﺍﻟﻨﻔﺎﻳﺎﺕ ﺍﻟﺠﺎﻓﺔ (البلاستيك، ﺍﻟﺤﺪﻳﺪ، الالمنيوم، ﺍﻟﺰﺟﺎﺝ، ﺍﻟﻮﺭﻕ ﻭﺍﻟﻜﺮﺗﻮﻥ).
أما في مدينة إربيل، فقد أطلقت مجموعة من المتطوعين ضمن منظمة (غلوبال شيبرز) مشروعاً لفرز النفايات البلاستيكية وإعادة تدويرها”.
ويؤكد الطياوي أن “العراق لا يزال يفتقر إلى بنية تحتية متكاملة لإدارة النفايات. إذ يتم التخلص من معظم النفايات في مطامر غير منظمة، ما يؤدي إلى تلوث التربة والمياه”.
وكانت لجنة الخدمات والإعمار النيابية قد كشفت عن وجود مقترحات عدة لتحسين إدارة النفايات في العراق، مشيرةً إلى أن حوالي 80% من مواقع الطمر الحالية تفتقر إلى الشروط البيئية.
من جانبه، يتحدث الناشط البيئي والصحي، المهندس الزراعي محمد الصميدعي، عن “مخاطر كارثية بحق البيئة والإنسان بسبب المطامر”.
وسبق للصميدعي أن حذّر في مناسبات عدة من مخاطر مواقع طمر النفايات، لكنه، وفق ما يؤكد في حديث صحفي، تعرض لتهديدات أجبرته على عدم الاقتراب من مواقع طمر النفايات.
ويلفت إلى أنها تمثل “مصدر دخل لأعداد كبيرة ممن يستغلون الظروف الصعبة للنساء والأطفال لتشغيلهم في فرز النفايات بشكل غير قانوني”.
ويوضح أن “مواقع الطمر الصحي تُدار في معظمها بأساليب بدائية تفتقر إلى المعايير العلمية والبيئية. حيث تترك النفايات مكشوفة أو تغطى بشكل عشوائي، ما يؤدي إلى انبعاث غازات سامة مثل الميثان وثاني أكسيد الكربون. هذه الغازات لا تسبب فقط تلوث الهواء، بل تساهم أيضاً في ظاهرة الاحتباس الحراري”.