مناسبات

إضاءات عن بعض تحركات الإمام المهدي في زمن الغيبة

قال الإمام الباقر عليه السلام” :لابدَّ لصاحب هذا الأمر من عزلة، ولابدَّ في عزلته من قوَّة، وما بثلاثين من وحشة، ونعم المنزل طيبة”. (الغيبة للطوسي والنعماني).

والثلاثون -كما فهمها المحققون من علمائنا- هم من أولياء الله ممن يلتقوا ويتصلوا بالإمام وهم الأبدال الذين كلما مات أحدهم حل مكانه ولي آخر، ولهؤلاء الاولياء أعمال صالحة كثيرة وواسعة التأثير في تسديد المؤمنين وحمايتهم وتحقيق إرادة الله تعالى في الحياة البشرية، ولا يعرف أحدٌ عن اتصالهم بالإمام وعن اي شيء من تحركاتهم المهمة والتي تشبه في معظمها بما كان يقوم به الخضر، وأشارت له سورة الكهف في قصته مع موسى.

كما يكشف الحديث عن وجود قوة تتنامى لدى الإمام ولا تُعرف إلا بعد ظهوره الشريف، ولم يحدد الإمام الباقر، عليه السلام، نوعية القوة ولكنها حتماً كل أنواع القوة كما قال تعالى: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ}، ومنها القوة العسكرية والتكنولوجية والمعلوماتية وغيرها لأن الإمام يعمل وفق الأسباب الطبيعية التي يكشفها الله تعالى له.

ومما يدل على نوع من تلك القوة التكنولوجية هي رواية الإمام الباقر، عليه السلام، الشهيرة: “قال: ينزل في سبع قباب من نور لا يعلم في أيّها هو حين ينزل في ظهر الكوفة، فهذا حين ينزل”. (تفسير العياشي، ج 1، ص: 103).

وواضح من تعبيرات الرواية الشريفة أن الإمام وأنصاره يستقلون تلك القبب من النور للوصول للكوفة ضمن كتمان تام عن أي واحدة يكن فيها الإمام مما يدل على أهمية الكتمان التام في تحركات الإمام حتى بعد ظهوره الشريف فكيف بما قبل الظهور.

والإمام وأنصاره ليس بحاجة الى تلك القبب المتقدمة تكنولوجياً وصناعياً، إلا أنها مما تتم صناعتها وفق توجيهات وعناية الإمام الحجة لعدم اعتماد الإمام في تحركاته على تكنولوجيا الآخرين لما في ذلك من خطر وارد على الإمام وانصاره ومشروعه الرباني العظيم من أن اي تكنولوجيا يصنعها الآخرون قد يكون فيها اختراق من جهة الأعداء.

كما تفتح لنا زيارة آل ياسين الشريفة والعالية المضامين آفاق مهمة عن شخصية وأعمال الإمام المهدي، عجل الله فرجه الشريف، ومن ضمن ما جاء في تلك الزيارة: “اَلسَّلامُ عَلَيْكَ حينَ تَقْرَأُ وَتُبَيِّنُ”.

والقراءة المقصودة اما أن تكون قراءة الإمام للقرآن او الدعاء او أحاديث أهل بيته، إلا أن فعل المضارع (وَتُبَيِّنُ) يدل على استمرار الإمام في توضيح معاني وأبعاد الكثير من الأمور القرآنية وغيرها لأولئك الخاصة من أولياء الله من الأبدال الذين يتشرفون بالتتلمذ والتعلم من نور علم وإفاضات الإمام المهدي عليه السلام، كما تشير الزيارة إلى العديد من الأعمال العبادية الأخرى التي يقوم بها الإمام.

 وقد جاء في زيارة الناحية الشريفة أن الإمام المهدي يخاطب جده الإمام الحسين عليهما السلام: “فلئن أخرتني الدهور وعاقني عن نصرك المقدور ولم أكن لمن حاربك محارباً ولمن نصب لك العداوة مناصباً فلأندبنك صباحاً ومساءً ولأبيكن عليك بدل الدموع دماً”.

وهنا يتحدث الإمام المهدي عن احد أعماله اليومية وهو أن يندب جده الإمام الحسين مرتين في اليوم صباحاً ومساءً بتفجّع شديد وبكاء بما يصل إلى تقرّح عينه ولعل خروج بعض الدم من عينه الشريفة.

ولعل ندبته لجده هي لمدة وجيزة ولكنها تأتي بعمق وتأثر شديد لعلم الإمام بتفاصيل مصائب جده الحسين، عليه السلام.

وهذا تعليم لنا بالتذكّر اليومي لمصاب إمامنا الحسين، عليه السلام، والتزود بطاقة إيمانية وعملية للثبات على الدين ونصرته تحت راية إمامنا الحجة، عجّل الله فرجه الشريف.

_________

  • عالم دِين من البحرين

عن المؤلف

السيد جعفر العلوي/ عالم دِين من البحرين

اترك تعليقا