مكارم الأخلاق

شهر شعبان وتعزيز روح العمل الصالح عند الشباب

يستذكر شبابنا الأحبّة وأقراننا في مسيرة الإيمان، في هذه الأيام من شهر شعبان الناصع، ذكرى ولادات الأئمة الأطهار عليهم السلام، مما يجعل من أجواء هذا الشهر حافلة بالخيرات، ومحفّزة لكل الناس ومنهم الشباب على التمسك بالقيم الأصيلة التي أرسى قواعدها أئمتنا الأطهار، من خلال السيَر المباركة لهم، والحافلة بالأمجاد والنصائح وفتح أبواب الخير للجميع والتركيز على آفاق العمل الصالح والتمسك به.

وكما هو معلوم للشباب وغيرهم، هناك أجواء خاصة تتميز بها أشهر المحبة والعبادة والعمل الصالح، وهي أشهر معروفة لدى المسلمين عامة، وشيعة أمير المؤمنين عليه السلام بشكل خاص، وفي شهر شعبان الحالي، والذي نعيش أيامه هذه ونحن نشعر بالتفاؤل والإقدام على العمل الصالح، استرشادا بأقوال وأحاديث أئمتنا عليهم السلام.

فالعمل الصالح له نصوص مخصصة في كتاب الله الحكيم حيث تقول الآية القرآنية: {مَن كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا ۚ إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ}، (سورة فاطر، الآية 10) وهذا يعطي دلالة كبيرة على قيمة ومكانة العمل الصالح الذي يقوم به الإنسان عند الله تعالى، فالكلام الذي يرد في التضرّع وفي الدعاء وفي الخشوع لا يجد مكانته عند الله تعالى إلا عندما (يرفعه العمل الصالح).

وهذا يعني أن الكلام وحده يبقى كمن يسير على قدم واحدة، أو طائر يطير بجناح واحد، كذلك الكلام الذي يتوجّه به الإنسان الشاب وغيره، لابد من عمل صالح يرفعه إلى الله تعالى حتى يجد طريقه للقبول، وشهر شعبان مناسبة عظيمة للتمسك بالعمل الصالح وتعزيزه وترسيخه ونشره بين الشباب سواء من قبل الكبار (الآباء، المعلمين، الخطباء، التربويين وغيرهم)، فهؤلاء كلهم مطلوب منهم تعزيز العمل الصالح عند الشباب.

انتهاز الشباب للفرص التي يوفرها شهر شعبان المبارك، تبدو في غاية الأهمية، لأن هذه الفرص لا تتوفر دائما

بل حتى الشاب نفسه، هو مسؤول عن تربية سلوكه وأفكاره وتوجهاته، وجعلها كلها تصب في إطار العمل الصالح الذي يرفع الكلام إلى الله تعالى كي يجد الاستجابة التي يستحقها، وإلا لن تكون هناك فائدة من الكلام الذي لا يقترن بالعمل الصالح، سواء كان مصدره الشباب أو غيرهم.

ومما يسرّ القلب ويشرح الصدر، تلك المشاهد الإيمانية التي تبهج القلوب وتُفرح النفوس، عندما نشاهد مجاميع الشباب وهم يتوجهون إلى دور الله تعالى (المساجد والجوامع والحسينيات والمراقد المقدسة)، وهم يطوفون حول الاضرحة المباركة ويتباركون بهذه الاجواء وتخشع قلوبهم وتدمع عيونهم وتلهج ألسنتهم بذكر الله تعالى، ورسوله وأئمتنا عليهم السلام، فتمتلئ النفس من عبق الإيمان، وتزداد القلوب من نفحات الهدى والسكينة والأمان.

هذا ما نلاحظه ونحن نتوجّه إلى قلب المدينة المقدسة، حيث مراقد أئمتنا الأطهار عليهم السلام، فدخلها بقلوب ظامئة متلهّفة باحثة عن ملء ذلك العطش الدائم للمعرفة، والتعلّم، وتلاوة القرآن، والأدعية، والصلاة في تلك الأماكن التي تشع نورا طهورا، فيقترن هذا الوهج الساطع بما يفكر فيه الشاب وبما يخطط للقيام به من أعمال للذات وللناس الآخرين.

وهكذا فإن انتهاز الشباب للفرص التي يوفرها شهر شعبان المبارك، تبدو في غاية الأهمية، لأن هذه الفرص لا تتوفر دائما بل هي تمر من فوق الرؤوس كالسحاب كما يقول أمير المؤمنين علي عليه السلام، ويطالبنا بن نستثمرها قبل أن تمر وتذهب بعيدا، وهكذا هو العمل الصالح، فإذا كنت تتردد بالقيام به اليوم، فإن الغد ربما لا يضمن لك هذه الفرصة، لهذا لابد من توجيه دعوة للشباب القيام بالعمل الصالح لتمهيد الظهور وهذه نقطة بالغة الأهمية.

لأن ظهور الإمام الحجة المنتظر، عجل الله فرجه الشريف، يستدعي عملا كبيرا في إطار التمهيد لهذا الظهور المبارك، وكما نعرف ان الشباب بسبب طبيعة وضعهم الجسماني والنفسي (والحماسي)، فإنهم يقع عليهم جانب مهم في تعزيز قضية التمهيد لظهور الإمام المهدي، عجل الله فرجه الشريف.

الشاب نفسه هو مسؤول عن تربية سلوكه وأفكاره وتوجهاته، وجعلها كلها تصب في إطار العمل الصالح الذي يرفع الكلام إلى الله تعالى كي يجد الاستجابة التي يستحقها

وهكذا يجتمع في هذا الشهر، شهر شعبان المبارك، أهداف كثيرة وكبيرة، ولكن من أوضح هذه الأعمال، أن يلتف الشباب حول الهدف الكبير وهو تعزيز العمل الصالح، وقد ذكرنا خطوات هذه المهمة، كذلك من القضايا والاهداف المهمة، توجيه المبادرات وتعزيزها للمشاركة الشبابية في التمهيد للظهور المبارك، وهي مهمة يجب أن يكون للشباب فيها دور مهم وكبير وواضح ومؤثر أيضا.

عن المؤلف

حسين علي حسين/ ماجستير إدارة أعمال

اترك تعليقا