تربیة و تعلیم

كيف نوصل أبناءنا إلى التكامل؟

ولادة طفل تعني بداية المسؤولية الكبرى للوالدين، فهو ليس حيوانا يعطى الاكل والشرب وبعض الرعاية ليعيش في المنزل كنوع من ممارسة هواية تربية الحيوانات، وبعد فترة يمكن ان يباع او يستبدل، الموضوع اعقد واخطر لكونه يتعلق بصناعة انسان، وكلما امتلك الانسان ادوات ومهارة وحرفية كلما خرجت الصناعة بمواصفات ذات جودة جيدة، وهذا ما يتضح في مرحلة الطفولة للانسان، فكيف يصل الانسان الى مرحلة التكامل الجزئي؟

ابناؤنا امانة في اعناقنا ومع تعقد العلاقات والتفاعلات والتأثير الاجتماعي اصبحت المهمة اصعب (مهمة ايصالهم الى التكامل)، فقد ازدادت العوامل التي تؤثر في التربية وصارت خطورت التربية اعلى من ذي قبل وهو ما يتطلب الاهتمام بالتنشئة البيئية الصحيحة الواعية لحماية ابنائنا والوصول بهم الى مستويات عالية من التكامل، وهذه هي وظيفتنا نحن الآباء والمربين العاملين في ميادين التربية والتعليم.

لبناء انسان سوي متوازن هو منحه أدواراً حياتية تناسب المرحلة العمرية والعقلية له، فمن الضروري تعليم الطفل القيام ببعض المهام البسيطة التي يتمكن منها لتتكون لديه ثقة بنفسه

ما يقوله علم النفس وهو القريب من الواقع مفاده: أنَّ الأهل هم المعلم الأول للطفل، إذ يتعلّم منهم اللغةَ والسلوك والخبرات والمعارف، كما يتعلم منهم كيف يكون التعلّم والاختبار وحل المشكلات، ومن الأهل يحدد الطفل موقفه إما ان يصبح محبا للتعلم والعمل على تحصيله والإقبال عليه وغير ذلك من امور الحياة ومجالاتها المختلفة، فليس من السهولة بمكان ان نجد نظاماً يصلح لكل الناس في كل زمان ومكان حين تكون تربيتهم فاسدة وغير صحيحة، اذن تربية الوالدين هي البدايات.

ما هي خطوات العمل على صناعة انسان متكامل نسبياً؟

في خطوات حياتية تخضع للتخطيط المسبق المبني على الاسس العلمية يمكننا ان نصنع إنساناً شبه متكامل، وهذه الخطوات تكون في فترة الطفولة التي هي اساس بناء شخصية الانسان، ومن اهم هذه الخطوات هي:

اولى خطوات بناء انسان سليم هو الاعتناء به ورعايته من قبل الاهل وعدم تركه بأيدي المربين او مقدمي الرعاية لاسباب عديدة؛ منها انهم لا يمدونه بالغذاء الصحي، فلا صحة جسدية بدون تغذية سليمة، ولاصحة نفسية بدون تغذية روحية من الاهل لابنهم، فلا يفهم الانسان إلا من له صلة دم به او انه يخشى الله في تربيته وتعليمه العادات والقيم العائلية السليمة التي تعدها العائلة محددات للتربية الصالحة.

ثاني الخطوات التي تدفع باتجاه بناء انسان متكامل هو منح الطفل فرص للتعبير عن احتياجاته المادية والمعنوية، فللطفل الحق في اختار غذائه، ملابسه، يعبر عن افكاره واراءه ويحق للوالدين تصحيح غير السليم منها وليس كبته ورفض كل ما يريده بالمطلق، لكون ذلك سيجعل منه انساناً عديم الشخصية، تابعا غير مستقل في قراراته، وفي اغلب تفصيلات حياته وهذا يولّد نقصا كبيرا في شخصية الانسان وعائقاً في طريق بناء شخصية قوية ومتزنة.

الخطوة الثالثة لبناء انسان سوي متوازن هو منحه أدواراً حياتية تناسب المرحلة العمرية والعقلية له، فمن الضروري تعليم الطفل القيام ببعض المهام البسيطة التي يتمكن منها لتتكون لديه ثقة بنفسه، وبالتالي يستعد تدريجياً للاعتماد على نفسه بدلاً من ان يبقى معتمداً على اهله في ابسط المتطلبات واعقدها وهذا ما يجعله منقوص الشخصية على امتداد حياته.

الخطوة الرابعة في طريق بناء انسان متكامل هو توفير الاهل لابنهم وسائل النجاح الاكاديمي الذي يوصله الى النجاح العلمي والمهني، لكون الانسان الذي لا يمتلك ادوات للعمل لا يمتلك متطلبات النجاح في الحياة، فهما بلغ من العمر تبقى عقدة عدم امتلاكه لمؤهلات علمية تلاصقه وتؤذيه نفسياً مما يؤثر سلباً على جميع مجريات حياته.

الأهل هم المعلم الأول للطفل، إذ يتعلّم منهم اللغةَ والسلوك والخبرات والمعارف، كما يتعلم منهم كيف يكون التعلّم والاختبار وحل المشكلات

 واخيراً: يعمل تشجيع الاهل ومدحهم لمنجزات ابنائهم وتجنّب لغة الانتقاص والاستهزاء والتجريح والتحقير، يعمل على رفع همة الطفل، وزيادة حرصه على الاستمرار في تحقيق المزيد من النجاحات الحياتية والعكس هو المنطقي تماماً، هذه الخطوات التربوية المهمة هي من تجعل الطفل في البداية والانسان بكل مراحله العمرية اللاحقة ينضج ويصبح اكثر تكاملاً ووعي بالحياة وهذا هو المراد.

عن المؤلف

عزيز ملا هذال/ ماجستير علم النفس

اترك تعليقا