الهدى – وكالات ..
أعلنت وزارة التعليم العالي في حكومة طالبـان عن قرار يمنح شهادات البكالوريوس والماجستير لـ26 ألفاً من خريجي مدارسها الدينية ورجال الدين التابعين لها، وهو ما أثار موجة من الانتقادات في أوساط المواطنين الأفغان الذين وصفوا القرار بأنه انتهاك لقيمة العلم والمعرفة.
وأوضحت الوزارة أن الامتحانات ستُجرى خلال ستة أيام في 31 ولاية أفغانية، وستمنح شهادات الماجستير لـ15 ألفاً والبكالوريوس لـ11 ألفاً من المشاركين.
وقال وزير التعليم العالي بالإنابة، ندا محمد نديم، إن الامتحانات تهدف إلى تقييم المستوى العلمي “للعلماء الكرام”.
المواطنون الأفغان عبّروا عن قلقهم من هذا القرار، عادّين اياه بأنه يضعف من قيمة الشهادات الأكاديمية في البلاد.
وقال المواطن الافغاني، جاويد عظيمي، أن “منح شهادات بدون جهد علمي أو تعلم يقلل من قيمة الشهادات، ويضر بالمجتمع وينتهك العدالة”.
ووصف محمد خراساني الإجراء بأنه “ظلم” بحق الطلاب الجامعيين الذين بذلوا جهوداً كبيرة للحصول على شهاداتهم، فيما تساءل أبوذر فهيمي: “وفق أي مبدأ تمنح طالبـان هذه الشهادات؟ إنه ظلم بحق الشبان المتعلمين”.
ولم تفصح طالبـان عن الأسباب التي دفعتها لاتخاذ هذا القرار، لكن مراقبين يرون أن الهدف هو إدخال خريجي مدارسها الدينية إلى النظام الإداري الحكومي، مما يعزز سيطرتها على مؤسسات الدولة.
وعلّق المواطن عظيم هاشمي قائلاً: “هذا القرار يعكس الجهل، وغداً سيُعين هؤلاء في المناصب الحكومية وسيتعاملون مع العالم من دون مهارات أو خبرات”.
وأضاف شاه اغاز شايق: “خلال السنوات الثلاث الماضية، عينت طالبـان أشخاصاً أميين في مناصب حكومية بحجة حصولهم على شهادات جامعية”.
وتزايدت المخاوف من تأثير هذا القرار على مستقبل أفغانستان، حيث يرى المواطنون أن غياب التخصص والكفاءة في المناصب الحكومية سيؤدي إلى تدهور المؤسسات العامة، ويحرم أصحاب الكفاءة والخبرة من فرص العمل.
وأكد المنتقدون أن هذه السياسة ستؤدي إلى تحديات كبيرة تعيق تقدم المجتمع الأفغاني، في ظل غياب رؤية واضحة لتطوير الكفاءات وبناء نظام تعليمي يرتكز على المهارات والتخصص.
وفي خطوة أثارت غضباً عارماً بين صفوف المجتمع الأكاديمي، فرضت وزارة التعليم العالي التابعة لحكومة طالبان على أساتذة الدراسات الإسلامية في الجامعات الحكومية والخاصة، الخضوع لامتحانات تشرف عليها ما تسمى بـ “جمعية التخصصات الدينية”، في إجراء وصف بـ”الإهانة المباشرة لكرامة الأكاديميين”، فيما يُنظر إليه على نطاق واسع، كخطوة نحو إحلال مشايخ مرتبطين بطالبـان، محل أعضاء هيئة التدريس الحاليين.
ووفقاً لمصادر أكاديمية، فإن هذا القرار سيضع الجامعات الأفغانية تحت سيطرة رجال دين يحملون شهادات حصلوا عليها عبر عمليات سطحية، ما يعزز التطرف في المؤسسات التعليمية.
وانتشر على وسائل التواصل الاجتماعي، خطاباً رسمياً من وزارة التعليم العالي، تأمر فيه المشايخ المرتبطين بطالبـان بإجراء الامتحانات، حيث وصف أساتذة جامعيين هذا القرار بأنه محاولة لإذلال الأكاديميين واستبدالهم بآلاف المشايخ الذين تخرجوا من مدارس دينية غير مسجلة في باكستان، خصوصاً بعد أن أصدرت طالبـان “شهادات ماجستير” لأكثر من (30) ألف من الخريجين حديثاً.
أحد الأساتذة، الذي فضل عدم الكشف عن هويته، أكد أن “جمعية التخصصات الدينية” أجرت بالفعل امتحانات لـ (22) أستاذاً من جامعة كابول، واصفاً ذلك بأنه “مؤامرة لتفكيك النظام التعليمي”، كما أن الانتقادات لم تتوقف عند هذا الحد، فقد وصف البروفيسور “فضل هاد وازن” هذه الخطوة بأنها “عار على التاريخ”، مؤكداً إن “إجراء اختبارات لأكاديميين بدرجة دكتوراه من قبل مشايخ لم تطأ أقدامهم حرماً جامعياً، لهو إهانة لا تُغتفر للمجتمع الأكاديمي الأفغاني”.
ومنذ سيطرة طالبـان على مقاليد الحكم في أفغانستان، تركزت استثماراتهم على بناء المدارس الدينية، بينما أُغلقت المدارس الثانوية للبنات، والجامعات كافة أمام النساء، وفي حين تتصاعد الدعوات الدولية والمحلية لإعادة فتح هذه المؤسسات، تواصل طالبـ،ـان سياساتها الإقصائية.
يذكر أن إجراءات طالبـان الأخيرة، ليست سوى غيض من فيض سلسلة من السياسات التي تهدف إلى قمع الأصوات الأكاديمية وتدمير المؤسسات التعليمية، ومع استمرار هذا النهج، تتجه أفغانستان نحو مستقبل مظلم، حيث تصبح الجامعات معاقل للتطرف بدلاً من مراكز للتنوير.
وفي ذات السياق، دعا ناشطون أفغان في مجال حقوق الإنسان، إلى إحالة قضية انتهاك حقوق المرأة إلى المحكمة الجنائية الدولية، في ظل تصاعد الانتهاكات التي ترتكبها حركة طالبـان بحق النساء والفتيات.
وأكد الناشطون أن حركة طالبـان، منذ عودتها إلى السلطة، فرضت قيوداً مشددة على النساء، حرمتهم من التعليم والعمل وفرضت قيوداً قاسية على حياتهن اليومية، مما يشكل انتهاكاً ممنهجاً لحقوق الإنسان مع إفلات تام من العقاب.