فکر و تنمیة

التفاؤل الواقعي سرّ النجاح

هل يحتاج الشاب بالفعل إلى الشعور بالتفاؤل؟

 هذا التساؤل نتداوله فيما بيننا في بعض الأحيان، نحن شريحة الشباب، أو مجموعة من الأصدقاء الطلبة، في بعض الأحيان نعقد جلسات غير رسمية، بل تأتي بشكل اعتيادي في الفرص بين الدروس مثلا، نتحادث فيما بيننا ونتناقش في بعض الأمور من دون تحديد، ويرد في بالنا مفردة التفاؤل.

حقًّا نحن نتساءل بشكل دائم عن التفاؤل، ولماذا نحتاجه؟ وكيف يمكن أن نستفيد منه؟ وهل هو ضرورة أساسية أم عنصر داعم للشباب وللناس بشكل عام؟

قبل الإجابة لابد من معرفة مفهوم التفاؤل وماذا يعني بالضبط، فهو: عبارة عن ميل أو نزوع نحو النظر إلى الجانب الأفضل للأحداث أو الأحوال، وتوقع أفضل النتائج. أو هو وجهة نظر في الحياة والتي تبقي الشخص ينظر إلى العالم كم كان إيجابياً، أو تبقي حالته الشخصية إيجابية، والتفاؤل هو النظير الفلسفي للتشاؤم. فالمتفائلون عموما يعتقدون بأن الناس والأحداث جيدة أصلاً، وأكثر الحالات تسير في النهاية نحو الأفضل.

وبعد أن عرفنا ماذا يعني التفاؤل فهل نحن كشباب نحتاجه في حياتنا؟، أظن أن الجواب الطبيعي هو نعم نحن نحتاج التفاؤل في حياتنا، ولكن ما هو نوع التفاؤل الذي نحتاجه، فهناك تفاؤل يشبه الفخ، إذا وقعت فيه لن تخرج منه وسوف يقودك إلى نتائج مؤذية ومؤلمة، ونعني به ذلك التفاؤل غير الواقعي.

في بعض الأحيان يُصاب الشاب بالتفاؤل غير الواقعي، فيحلم بنتائج مضمونة وكبيرة لمشروعه الذي يعمل عليه كأن يكون مشروع عمل أو مشروع دراسي أو مشروع إنتاجي من أي نوع كان، فيظن هذا الشاب بأنه مشروع مضمون النتيجة، وأن نجاحه أمر لا يحتاج إلى نقاش، وفي نفس الوقت نجد أن هذا الشاب نفسه لا يدير مشروعه بالشكل المطلوب.

يجب أن لا نتمسّك بالتفاؤل إلى الدرجة التي تجعل منه السبب الوحيد في نجاح مشاريعنا المختلفة، فهناك أسباب أخرى للنجاح يجب أن نوفرها، مثل المتابعة والمثابرة والإصرار والعلمية، وعدم الكسل ودراسة سير العمل بشكل حثيث ودائم

فمثلا إذا كان طالبا ومشروعه دراسيا، لا يدرس بالشكل الصحيح والعميق ولا يعبأ بالوقت وأهميته، ويقتل الكثير من فراغه في المقاهي، ولا يعطي الدراسة الأهمية المطلوبة وفي نفس الوقت فإن التفاؤل الكاذب أو غير الواقعي يجعله يشعر بأن نتيجة مشروعه مضمونة، لكن هذا النوع من التفاؤل ليس صحيحا بل هو تفاؤل مخادع مصدره الغرور والتفكير المتعالي أو غير الصائب.

لذا من المهم جدا أن لا يُصاب الشاب بالغرور، وأن يتمسك بالتفاؤل المتوازن، بالطبع نحن لا نقول يجب أن تبتعد عن التفاؤل وتميل إلى التشاؤم، كلا إن الشعور بالتشاؤم مدمّر للشباب والناس عموما، فهو شعور غير فاعل، ويقتل الطموح في التطلعات الشبابية، ويقف حجر عثرة في طريق تطورهم وتقدمهم، لهذا يجب الابتعاد عن التشاؤم كليًّا.

وفي نفس الوقت يجب أن لا نتمسّك بالتفاؤل إلى الدرجة التي تجعل منه السبب الوحيد في نجاح مشاريعنا المختلفة، فهناك أسباب أخرى للنجاح يجب أن نوفرها، مثل المتابعة والمثابرة والإصرار والعلمية، وعدم الكسل ودراسة سير العمل بشكل حثيث ودائم، هذه كلها شروط يجب أن تتوفر إلى جانب التفاؤل كي نضمن النتائج الجيدة.

هنا لابد من القول بأن التخلي عن الشعور بالتفاؤل يصيبنا بما لا نتوقعه، فالقضية المعنوية مهمة جدا، وهي غالبا ما تكون مرتبطة بالتفاؤل، لأن التشاؤم يدمّر الشعوري المعنوي العالي عند الإنسان، ويصيبه بالإحباط، لذا يحتاج الشاب إلى التفاؤل في نشاطاته المختلفة وأعماله ومشايعه، وأن يضع حاجزا بينه وبين التشاؤم.

وهكذا نصل إلى الإجابة الثانية على الجزء الثاني من السؤال المطروح حول التفاؤل، وهل هو ضرورة أساسية أم عنصر داعم للشباب وللناس بشكل عام؟

يتّضح لنا الآن؛ أن التفاؤل ضرورة أساسية بالفعل لنجاح الشباب، ولكن يجب أن يكون مبنيا على التوازن أولا وعلى الواقعية، وعلى عدم الذهاب وراء الغرور، والتوقّع المسبق للنتائج التي قد تشكل صدمة للشاب الذي يبالغ في تفاؤله، لدرجة تجعله بعيد عن النتائج الواقعية.

التفاؤل ضرورة أساسية بالفعل لنجاح الشباب، ولكن يجب أن يكون مبنيا على التوازن أولا وعلى الواقعية، وعلى عدم الذهاب وراء الغرور، والتوقّع المسبق للنتائج التي قد تشكل صدمة للشاب الذي يبالغ في تفاؤله

الخلاصة واضحة، أنت تحتاج إلى التفاؤل حتما، ولكن في نفس الوقت أنت تحتاج إلى أن تكون متوازنا واقعيا وفي حالة انضباط ومتابعة للعمل خطوة بخطوة، ولا تطلق العنان لخيالك الذي قد يجعلك بعيدا عن النتائج الواقعية، فنحن جميعا لاسيما الشباب، نحتاج إلى التفاؤل لإبعاد شبح التشاؤم عنّا، ولكي نشعر بأننا ننتمي إلى النجاح والحياة المتوازنة.

عن المؤلف

حسين علي حسين/ ماجستير إدارة أعمال

اترك تعليقا