الهدى – متابعات ..
في مشهد يفيض بالأسى والذكريات المؤلمة، تغيّر الحال في مقام السيدة رقية (عليها السلام) بدمشق، حيث لم تعد الأزقة الضيقة المؤدية إليه تعجّ بالأفواج الزائرة كما كان في سابق العهد.
ولم تعد الرايات الخضراء والسوداء تتمايل فوق الحارات القديمة، ولا أصوات الزائرين تعمر المكان، فالأيام الثقيلة التي تمر بها سوريا ألقت بظلالها على هذا المعلم الديني والتاريخي.
مصادر من داخل دمشق أفادت بأن الطريق إلى مقام السيدة رقية (عليها السلام) أصبح خاليًا من مظاهر الحياة الدينية المعتادة، إذ فرضت الهيئة الجديدة التي تحكم العاصمة دوريات دائمة على مداخل المقام، لا تعترض الزائرين لكنها تمنع ممارسة الشعائر الدينية باستثناء الصلاة.
ويقول أحد سكان المنطقة التي تضم الضريح المطهر، “ما كنا نعيشه من مواكب العزاء ومجالس الذكر أصبح اليوم ذكرى بعيدة نتداولها بحزن عميق”.
ويضيف مصدر آخر: “كان مقام السيدة رقية (عليها السلام) يعجّ بالمحبين من كل بقاع الأرض، من إيران، والعراق، والبحرين. كانوا يأتون حاملين شعائرهم وقلوبهم الممتلئة بالإيمان، أما اليوم، فالمكان يكتفي بالصلاة كطيف باهت من ماضيه الزاهر”.
يُذكر أن عمليات إعادة ترميم مئذنة المسجد، التي كانت جارية قبل سقوط النظام السوري، توقفت تمامًان و بقيت السلالم الحديدية مكانها، لكنها خلت من العمال والأصوات التي كانت تملأ الأرجاء ببشائر التجديد.
وتختتم المصادر حديثها قائلة: “مقام السيدة رقية، الذي كان رمزًا للوفاء والذكرى الأليمة التي عاشتها السيدة الصغيرة، بات اليوم شاهدًا جديدًا على خسائر سوريا، حيث لا شعائر تعبّر عن الحزن سوى صمت المكان وحكايات الزوار الغائبين”.
وكان ناشطون دينيون قد انتقدوا في وقت سابق الإطفاء المتكرر للإنارة في مرقد العقيلة الكبرى السيدة زينب (عليها السلام)، الذي شهد تكرار هذه الحالة خلال الأيام الماضية، مما أثار استياء الزوار والمواطنين على حد سواء.
واشارت مصادر محلية إلى أن إطفاء الإنارة يتم وفق سياسات تتبعها السلطات، مع عدم إيلاء أهمية كافية لخصوصية المرقد وأهميته الدينية، وأثارت هذه الإجراءات تساؤلات بين الزوار، الذين طالبوا الجهات المعنية بتوضيح الأسباب الحقيقية وراء هذه الخطوة.
في السياق ذاته، شدد الناشطون على ضرورة الحفاظ على الأجواء الروحانية التي تميز هذا المكان المقدس، إلى جانب تعزيز التدابير الأمنية لضمان سلامة الزوار.
ويأتي هذا التطور وسط دعوات متزايدة من قبل المجتمعات الدينية والزوار لاتخاذ خطوات عاجلة للحفاظ على حرمة المكان واحترام خصوصيته الدينية، مع التأكيد على دوره كوجهة دينية وروحية لها مكانتها الخاصة في نفوس الملايين حول العالم.
ويُعد المرقد الزينبي المطهر من أبرز الأماكن المقدسة في سوريا التي تستقطب آلاف الزائرين يومياً، حيث يعبر الزوار عن اعتزازهم واحترامهم لهذه الشخصية الجليلة ومقامها الشريف.