أكدت وزارة البيئة، اليوم الأربعاء، أن مؤشرات قياس التلوث تظهر نسباً مقبولة بمعدلات التلوث في بغداد، فيما أشارت الى أن هذه المؤشرات متغيرة وغير ثابتة.
وقال المتحدث باسم وزارة البيئة، لؤي المختار، إن “تلوث الهواء في مدينة بغداد ما زال يمثل تحدياً بسبب عدم الاستدامة في اتخاذ المعالجات المطلوبة من قبل المؤسسات المعنية”، لافتا الى أن “الفرق الرقابية لوزارة البيئة ما زالت ترصد بشكل يومي من خلال جولاتها الميدانية عمليات إحراق غير قانونية للنفايات في مواقع مختلفة من بينها في موقع معسكر الرشيد، فضلاً عن وجود أنشطة مخالفة للقانون تولد انبعاثات ضارة بالبيئة”.
وأشار المختار الى أن “وزارة البيئة حريصة على إصدار أوامر إغلاق أو إيقاف للجهات المخالفة يتم تنفيذها بالتعاون مع القيادات الأمنية وقيادة عمليات بغداد”.
وفي ما يتعلق بمؤشرات نوعية الهواء السائدة في الأجواء، أوضح أن “قياس نسبة التلوث يستند الى مؤشر الدقائق العالقة (2.5) ماكرون، ووفقاً لهذا المؤشر فإن التصنيف المؤقت لمدينة بغداد وضعها ضمن التصنيفات الأولى لمدن العالم من حيث نسبة التلوث وتتغير هذه التصنيفات لتكون في وسط أو أسفل القائمة أحيانا، كما أن مؤشرات تلوث الهواء في بغداد حالياً تظهر نسباً مقبولة يضعها في التسلسل 42 بين المدن التي تعاني تلوثاً في هوائها”.
وذكر المختار أن “مؤشرات نوعية الهواء متغيرة وغير ثابتة ونتيجة لذلك دائما ما يتغير تسلسل المدن من ناحية مستويات تلوث الهواء فيها”.
الى ذلك اشارت جهات بيئية الى انه لا تزال رائحة الكبريت الخانقة تهيمن على سماء بغداد، حيث تغطي السحب السوداء الملوثة الأفق منذ ساعات الفجر الأولى، مستمرة حتى ساعات الصباح المتأخرة، ما يجعل الهواء ثقيلًا وصعب التنفس.
والتحذيرات التي أطلقتها تلك الجهات تركز على خطورة استنشاق هذه المواد لفترات طويلة، فأوكسيد الكبريت من الغازات السامة التي يمكن أن تؤدي إلى أمراض مزمنة مثل السرطان، خاصة في حال التعرض المستمر لها، فيما لا نجد أي حلول واقعية وآنية تلائم خطورة المشكلة.
وهذه الانبعاثات السامة لا تقتصر فقط على إلحاق الأذى بالصحة الفردية، بل تتسبب أيضًا في تدهور البيئة عمومًا، حيث تتفاعل مع الرطوبة في الجو لتشكل أمطارًا حمضية، تؤثر سلبًا على التربة والمياه والنباتات. وكلما طالت مدة هذه الظاهرة، كلما زادت المخاوف من تداعياتها على الحياة اليومية في العاصمة.
ويُرجع الخبير البيئي، أحمد صالح نعمة، انتشار الروائح الكريهة خلال فصل الشتاء إلى ظاهرة “الانقلاب الحراري، والتي تحدث بعد انتهاء الخريف ومع بداية الشتاء”.
وأوضح أن هذه المدّة تتميز بسكون الهواء، وهو ما يؤدي إلى احتباس الروائح والأبخرة في المناطق القريبة من سطح الأرض بسبب غياب تيارات الحمل التي ترفعها إلى الغلاف الجوي.
وبالحديث أكثر عن الانقلاب الحراري أوضح نعمة، أنه “يحدث عندما تكون الطبقات العلوية من الغلاف الجوي أكثر دفئًا مقارنة بالهواء القريب من سطح الأرض، مما يمنع تصاعد الروائح والأبخرة الناتجة عن الأنشطة الصناعية والحكومية”،
وأضاف أن أغلب الانبعاثات تأتي من محطات توليد الطاقة الكهربائية والمناطق الصناعية، بالإضافة إلى بعض الأنشطة الأهلية مثل معامل الطابوق، حيث يستخدم العراق نوعية وقود تحتوي على نسب عالية من الكبريت، ما يؤدي إلى تفاقم المشكلة.
كما أكد نعمة، أن “هذه الظاهرة تصبح أكثر وضوحًا خلال الأجواء الباردة والسكون الشتوي، حيث تبقى الروائح عالقة في المناطق السكنية لعدم وجود حركة هواء كافية لتبديدها”، ودعا الجهات المعنية إلى اتخاذ تدابير للحد من استخدام الوقود ذي الجودة المتدنية وتحسين المعايير البيئية للحد من هذه الانبعاثات.
وتعد أكاسيد الكبريت واحدة من أخطر الغازات الملوثة للبيئة، لما تسببه من أضرار جسيمة على الصحة العامة والبيئة على حد سواء، وفقاً لقول أنعم ثابت خليل، معاون مدير عام دائرة التوعية والإعلام البيئي في وزارة البيئة.
وأشار خليل إلى أن هذه الغازات، ولا سيما ثاني أكسيد الكبريت، سامة ومسرطنة، حيث تؤثر بشكل كبير على صحة الإنسان عند استنشاقها. وأضاف أن تفاعل هذه الغازات مع الرطوبة يؤدي إلى تكوين الأمطار الحمضية، التي تلحق أضرارًا فادحة بالبيئة وتزيد من تدهور جودة الهواء.
كما بين، أن “هذه الانبعاثات تنبعث في الأساس من مصادر معروفة مثل محطات توليد الطاقة، ومعامل الطابوق، والمصافي النفطية، بالإضافة إلى عمليات حرق الوقود الأحفوري”.
ولمواجهة هذا الخطر البيئي المتزايد، دعا خليل إلى تحسين التكنولوجيا المستخدمة في هذه القطاعات لتقليل الانبعاثات من المصدر، مع التركيز على استخدام الوقود النظيف.
ولحماية المواطنين من الآثار السلبية لهذه الغازات، شدد خليل على أهمية اتباع إجراءات الوقاية الشخصية، مثل ارتداء الكمامات، خاصة عند التواجد بالقرب من مصادر التلوث. كما نصح بضرورة الابتعاد عن هذه المناطق الملوثة.
ودعا خليل إلى تكثيف الجهود المبذولة لمعالجة هذه المشكلة البيئية، بواسطة تحسين أنظمة التصنيع، وتشجيع استخدام مصادر الطاقة النظيفة، إلى جانب نشر التوعية بين المواطنين حول مخاطر هذه الغازات وسبل الوقاية منها.
كذلك أكد أن الحلول الفعالة تتطلب تعاونًا جادًا بين مختلف الجهات للحد من هذه الانبعاثات والحفاظ على بيئة صحية وآمنة للجميع.
وأغلقت وزارة الداخلية في تشرين الأول العام الماضي، 69 مشروعا مخالفا، وأجرت كشوفات موقعيه لـ 97 مشروعا، بالتعاون مع وزارة البيئة، بما في ذلك معامل الطابوق ومعامل صناعية متعددة النشاطات.