الأخبار

شيعة “كورام” بباكستان يتعرضون لاستهداف ممنهج على يد الجماعات التكفيرية

الهدى – متابعات ..

أفاد الإعلامي الباكستاني البارز “مشتاق يوسفزاي” بأن أتباع آل البيت الأطهار “عليهم السلام” في منطقة “كورام” بإقليم “خيبر بختونخوا” يتعرضون على وجه الخصوص لاستهداف ممنهج على يد الجماعات التكفيرية، من بين جميع المجموعات الدينية والعرقية الأخرى في المنطقة.
وفي حديث له خلال برنامج متلفز، صرّح “يوسفزاي”، أن “شيعة (كورام) قد اكّدوا إن المسلحين المتطرفين في المنطقة يستهدفونهم تحديداً”، مشيراً إلى أن الوضع أصبح أكثر تعقيداً مع استمرار إغلاق طريق بيشاور-باراشينار، وهو مما أجبر السكان على اللجوء إلى الطرق المحاذية لأفغانستان أو المسارات الجبلية الخطرة بعد وقوعهم تحت حصار خانق لأكثر من (80) يوماً حتى الآن.
وأضاف الصحفي الاستقصائي البارز، أن الجهود الحكومية لنزع سلاح المدنيين تواجه مقاومة شرسة بسبب انعدام الثقة في النوايا الرسمية، باعتبار أن سكان المنطقة يرون في أسلحتهم وسيلتهم الوحيدة للدفاع عن أنفسهم في مواجهة هجمات التكفيريين المتكررة، بل ويرون أن تسليمها سيتركهم فرائس سهلة في مهب الريح.
وأشار الإعلامي الباكستاني في سياق اللقاء، إلى أن الوضع الأمني المتدهور هو نتيجة مباشرة لغياب سيطرة الحكومة، محملاً السلطات مسؤولية تسرب الأسلحة إلى المنطقة عبر الحدود الأفغانية، كما أعرب عن شكوكه في جدوى أي اتفاق أمني مستقبلي.
وفي تصريح مثير للجدل، أشار السكان المحليون إلى وجود مخطط خفي لإقامة قاعدة أمريكية في المنطقة، ما يزيد من تعقيد المشهد ويثير تساؤلات حول الأهداف الحقيقية وراء الأزمات المستمرة.
وتعرضت منطقة كورام، مؤخراً، الى مأساة مروعة كشفت عن تدهور الأوضاع الإنسانية في باكستان، حيث لقي ما لا يقل عن (30) طفلًا حتفهم نتيجة نقص الأدوية في المنطقة التي تعيش حالة من الحصار بسبب العنف الطائفي المتصاعد بين القبائل.
وتذكر التقارير المحلية والدولية، أن منطقة “كورام” الواقعة في إقليم “خيبر بختوانخوا” على الحدود مع أفغانستان، تعاني منذ عقود من العنف الطائفي، إلا أن الأحداث الأخيرة اتخذت منحى أكثر دموية، حيث أغلقت الحكومة الإقليمية، الطرق الرئيسية للمنطقة في محاولة لاحتواء النزاعات، مما أدى إلى منع دخول الإمدادات الحيوية، وتسبب في أزمة إنسانية خانقة.
ومنذ شهر تشرين الأول الماضي، قُتل ما لا يقل عن (130) شخصًا في موجة عنف بدأت بسبب نزاع على الأراضي الزراعية، كما شهدت المنطقة هجومًا مروعًا في 21 تشرين الثاني، حيث أستشهد ما لا يقل عن (42) شخصاً من المسلمين الشيعة في هجوم شنّه متطرفون على قافلة سيارات مدنية، حيث تبع هذا الهجوم الإرهـابي، أعمالاً انتقامية وحرق في مناطق متعددة، في حين اشترطت الحكومة الإقليمية تسليم الجماعات المسلحة أسلحتها الثقيلة لإعادة فتح الطرق.
وفي تصريح لوسائل إعلام محلية، كشف مدير المستشفى الرئيسي في مدينة “باراشينار”، الدكتور “سيد مير حسن”، عن وفاة (30) طفلًا بسبب نقص الأدوية، مما يسلط الضوء على الكارثة الصحية المتفاقمة، كما يواجه سكان المدينة نقصًا حادًا في الطعام والأدوية والوقود، مما زاد من معاناتهم، حيث أكّد أحد هؤلاء السكان، إن “الحكومتان الإقليمية والمركزية لا توليان أي اهتمام لهذه الأزمة”.
هذا وقد أثارت حادثة وفاة الأطفال الأخيرة، موجة من الغضب تجاه الحكومة الإقليمية التي يقودها حزب رئيس الوزراء السابق “عمران خان”، والحكومة المركزية بقيادة “شهباز شريف”، وهو ما أشار اليه الناشط الحقوقي “فيصل إيدهي” عبر وصف الوضع بأنه “غير إنساني”، وهو ما أكّدته حالات نقص الأدوية والأكسجين وتعطل الأجهزة الطبية في المستشفيات.
ووصف المحلل الأمني “زاهد حسين”، هذه الأزمة بأنها “غير مسبوقة”، مشيرًا إلى دور حركتيّ طالبان الأفغانية وطالبـان الباكستانية في دعم المسلمين السنة، ضد مواطنيهم الباكستانيين الشيعة، مما يزيد من تعقيد الأزمة ويهدد بانتشار العنف الى خارج منطقة “كورام”، وعلى الرغم من محاولات رجال الدين المحليين، التوسط لوقف إطلاق النار، إلا أن الهُدن المؤقتة لم تنجح في إنهاء العنف، حيث يحذر المحللون من أن استمرار الفوضى قد يؤدي إلى تصعيد أكبر يهدد الاستقرار الإقليمي.
وفي ظل غياب حلول عملية وسيادة حكومية فعالة، تبقى أرواح الأطفال الأبرياء هي الثمن الأفدح للنزاعات الطائفية، فمأساة كورام ليست مجرد أزمة إنسانية بل صرخة تنبيه للعالم حول خطورة الصراعات الطائفية والإهمال الحكومي المريب والمتواصل في باكستان.

عن المؤلف

هيأة التحرير

اترك تعليقا