الهدى – وكالات ..
يشهد الشباب الأفغاني تدهورًا مستمرًا في أوضاعهم الاقتصادية والاجتماعية، مع تزايد معدلات البطالة والفقر بعد التحولات السياسية التي شهدتها البلاد مؤخرًا.
فقد توقفت العديد من المشاريع الاقتصادية، مما جعل العثور على فرص عمل أمرًا بالغ الصعوبة، وخصوصًا بين الشباب الذين كانوا يعتمدون على وظائف في المنظمات الدولية والقطاعات الاقتصادية المختلفة.
ووفقًا لمنظمة العمل الدولية، بلغت معدلات البطالة في أفغانستان 15.4% في عام 2023، وهي النسبة الأعلى منذ أكثر من ثلاثة عقود، مقارنة بـ14% في العام السابق. ويُظهر هذا الارتفاع تدهورًا ملحوظًا في الاقتصاد المحلي منذ سيطرة حركة طالــبان على الحكم.
ومع تفاقم البطالة، يلجأ الكثير من الشباب إلى الهجرة غير القانونية بحثًا عن حياة أفضل، حيث تشير بيانات المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إلى أن عدد المهاجرين الأفغان ارتفع من 2.9 مليون في عام 2021 إلى 5.7 ملايين في 2022، حيث يشكل الشباب النسبة الأكبر من هؤلاء المهاجرين.
إلى جانب ذلك، يعاني بعض الشباب من مشاكل اجتماعية خطيرة مثل الإدمان على المخدرات، التي كانت أفغانستان من أكبر الدول المنتجة لها.
وعلى الرغم من جهود الحكومة الحالية للقضاء على إنتاج المخدرات، إلا أن تأثيراتها الاجتماعية لا تزال قائمة، حيث يعاني ملايين الأفغان من الإدمان نتيجة الفقر والبطالة.
كما تتفاقم أزمة التعليم، إذ أغلقت المدارس الثانوية أبوابها أمام الفتيات، مما تسبب في حرمان أكثر من 2.5 مليون فتاة من الدراسة، وفق تقارير اليونسكو.
وإلى جانب ذلك، يشهد التعليم العالي تراجعًا كبيرًا مع هجرة العديد من الكوادر التعليمية وتدهور مستوى المؤسسات الأكاديمية.
وفي ظل هذه الظروف، تزداد حدة الأزمات النفسية بين الشباب، حيث تشير دراسات إلى أن 40% منهم يعانون من اضطرابات مثل القلق والاكتئاب نتيجة الضغوط الاقتصادية والاجتماعية المستمرة.
ويؤكد خبراء أن تحسين الوضع الاقتصادي وتوفير بيئة تعليمية وصحية مناسبة هما خطوات أساسية لمعالجة هذه التحديات وتعزيز دور الشباب في بناء مستقبل البلاد. ورغم إعلان الحكومة عن خطط لتوفير فرص عمل في قطاعات التعدين والمشاريع الصغيرة، إلا أن تأثير هذه الجهود على أرض الواقع ما زال محدودًا.
الى ذلك، دعت الأمم المتحدة سلطات طالبان إلى التراجع عن قرارها بمنع النساء الأفغانيات من العمل في المنظمات غير الحكومية، معتبرة أن هذا الحظر يمثل انتهاكًا خطيرًا لحقوق الإنسان وتقييدًا إضافيًا لدور المرأة في المجتمع الأفغاني.
وفي بيان صحفي، أعرب مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، فولكر تورك، عن قلقه العميق إزاء هذا القرار، مشيرًا إلى أنه يعكس مسارًا مقلقًا لتقليص الحريات في أفغانستان منذ سيطرة طالـبان على الحكم في أغسطس 2021. ووصف تورك الحظر بأنه “مسار خاطئ تمامًا”، مطالبًا بإلغائه فورًا.
وأوضح تورك، أن الوزارة الاقتصادية التابعة لحكومة طالـبان أصدرت تعليمات تلزم المنظمات غير الحكومية الوطنية والدولية بالامتثال لهذا القرار، الأمر الذي سيؤثر بشكل مباشر على تقديم المساعدات الإنسانية لملايين السكان، بمن فيهم النساء والأطفال، في ظل الوضع الإنساني المتدهور في البلاد.
وأشار تورك إلى أن أكثر من نصف سكان أفغانستان يعيشون في فقر، مما يجعل دور المنظمات الإنسانية حيويًا لتوفير الاحتياجات الأساسية. وأضاف أن تقييد عمل النساء يهدد بزيادة تفاقم الأزمة الإنسانية ويحد من قدرة السكان على الحصول على المساعدات.
وأكد المفوض الأممي أن هذا الحظر يعكس تمييزًا شديدًا ضد النساء ويقيد وصولهن إلى التعليم والعمل والخدمات العامة، مشددًا على أن استبعاد نصف السكان من الحياة العامة سيعرقل أي تقدم سياسي أو اقتصادي أو اجتماعي للبلاد.
ودعا تورك سلطات طالـبان إلى احترام الحقوق الأساسية للمرأة كجزء لا يتجزأ من تحقيق مستقبل أفضل لأفغانستان، مؤكدًا أن المساواة بين الجنسين وضمان مشاركة المرأة في جميع مجالات الحياة هما ركيزتان أساسيتان لتحقيق التقدم والتنمية في البلاد.