اذا أردنا المواجهة مقابل الطغيان الحاصل في الأمة الإسلامية لابد من أن نعرف نوع ذلك الطغيان وأسبابه، والظروف المصاحبة، وتحديد مكامن القوة والقدرة، والأخذ بنظر الاعتبار مواطن الضعف والتهديد، وبالتالي استخدام الاستراتيجية الصحيحة للمواجهة، وفي ظل سرعة تشكل تلك الظروف لابد من بيان ومعرفة معنى هذه الحقيقة.
الطغيان لغةً: هو ما زاد الشيء عن حده أو جاوزه مثل (طغى الماء) اي تجاوز الحد
الطغيان اصطلاحا: مجاوزة الحد في العصيان أو الضلالة.
وعلى ذلك فإن هناك الكثير من المصاديق لحالة الطغيان، لكن سنقتصرعلى نوعين يأتي ذكرهما:
النوع الاول: طغيان الملك والسلطة
وهذا ما جاء في قصة نبي الله موسى مع فرعون الطاغي :{اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى}، وتأتي خطورة هذا النوع في مؤداه ونتيجته كما جاء في القرآن في هو ادعاء الالوهية: {فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمْ الأَعْلَى}.
فكانت المواجهة بالصورة التي تقابل هذا الادعاء، فتركز نقطة القوة التي تواجه هذا النوع من الطغيان هو الإيمان بالله الذي حمله موسى، إذ أودى بفرعون وجنوده غرقا في البحر وقوة هذا الإيمان مستمدة من عنصر سنذكره ضمنا.
النوع الثاني: الطغيان الاجتماعي
اي الجماعات ذات الايديولوجية المشتركة في إطار ارتباط معين؛ كأن يكون مصلحي أو عداء فكري، والآيات في ذلك تذكر ممارسة هذا الطغيان على يد أقوام الانبياء؛ كقوم عاد وثمود، وقوم نبي الله نوح، وبني اسرائيل الذين مارسوا شدى انواع الظلم والطغيان.
وهنا لابد من تفصيل يذكره القرآن الكريم في قصة بني اسرائيل وهذا غير مقتصر عليهم، فبعد أن جاءتهم البينات على خطأ عملهم وسقيم فكرهم: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ أَلا إِنَّهُمْ هُمْ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لا يَشْعُرُونَ}.
وبعد أن دعوا إلى خلاف عقيدتهم اتهموا الناس بأنهم حق مطلق وان كل ما سواهم هو باطل مطلق فيمارسوا أعنف طرق إقصاء الآخر ومصادرة حرياتهم {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَمَا آمَنَ النَّاسُ قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاءُ أَلا إِنَّهُمْ هُمْ السُّفَهَاءُ وَلَكِنْ لا يَعْلَمُونَ}، وخطر هولاء أنهم يعيشون في المجتمع ويحاولون قسره حسب مفاهيمهم فالنفاق اهم سماتهم يدّعون في المجتمع شيء وقد يدعون الإصلاح وأنهم فاتحين كما نشهد لكن اذا خلوا إلى شياطنهم شيء آخر:{وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَمَا آمَنَ النَّاسُ قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاءُ أَلا إِنَّهُمْ هُمْ السُّفَهَاءُ وَلَكِنْ لا يَعْلَمُونَ}.
ويتمثل طغيانهم هنا (بطغيان الفكر) سواء في مستوى المفاسد الأخلاقية وصولا إلى المفاسد العقائدية الفكرية، وغالبا هناك ترابط بينهم وبين النوع الأول فقد يكونوا أجندات تغذى من قبل طغيان السلطة الفاسدة وتخرج في الواقع صورة دموية تنافي اي من سبل توفير الأمن لأي مجتمع كان، ودونك ما يجري في الأمة الان من دول الاستكبار وتحريكهم لقوى الإرهاب في المنطقة.
اذا أردنا المواجهة مقابل الطغيان الحاصل في الأمة الإسلامية لابد من أن نعرف نوع ذلك الطغيان وأسبابه، والظروف المصاحبة، وتحديد مكامن القوة والقدرة، والأخذ بنظر الاعتبار مواطن الضعف والتهديد، وبالتالي استخدام الاستراتيجية الصحيحة للمواجهة
وعنصر الخلاص من هذين النوعين من الطغيان هو بعنصر في غاية الأهمية يمثل حقيقة كبرى الا وهي حقيقة الإيمان بالله (التوحيد) {فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدْ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لا انفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}.
وهنا يأتي السؤال: لماذا يكون الكفر بالطاغوت مقدمة للإيمان بالله؟
الجواب: هو ما للمسألة من خطورة وأثرها على المجتمع الذي يعبر عنه القران بأهلاك الحرث والنسل.
إن ما بين سقوط طاغية وصناعة فئات طاغية أخرى هنالك حقيقة وهي: “وإن تعدد صور الطغيان فهو واحد في خطورته”، ولابد أن نمتلك وعيا يجعلنا نعرف صور الطغيان، فمرة على صورة سلطان جائر أو مجموعة الايديولوجية الواحدة، ومرة منافقين في داخل المجتمع الذين يمثلون البساط الذي يمهد لكلا النوعين، وكلها لابد أن تقابلها حقيقة التوحيد والايمان بالله باضطراد دائم وفي كل الحالات.