قد لا يدرك الشباب بأن العادات التي يكتسبها من المحيط الاجتماعي، لها دور كبير في بناء شخصيته، وطريقة تفكيره، وطبيعة سلوكه، هذه القضايا كلها تتأثر بشكل مباشر وغير مباشر بالعادات التي يعتاد عليها الشاب في إدارة مجريات حياته، ولذلك يحتاج إلى موجّهات دقيقة تساعده على الفرز بين العادات الجيدة المفيدة وبين العادات الضارّة.
أما لماذا لا يدرك الشباب الفرق بين العادان المفيدة والضارة، فهذا يعود إلى قلة أو انعدام تجاربهم في الحياة، فالشاب يدخل معركة الحياة بلا سلاح قوي، لأنه في بداية عمره، ولم يحصل على التجارب التي تسانده في انتقاء العادات والتفريق بين الجيد منها والردئ، ومن ثم تجنّب تلك العادات التي قد تدمر حياته إذا لم يتنبّه لها ويكافحها، ويحد من تدخلها في تشكيل شخصيته وتفكيره وسلوكه.
هناك شيء فطري ينشأ مع نشوء الإنسان وهو الخير والشيء الصالح المفيد، أي أن الإنسان يميل إلى المفيد بشكل فطري، ولكن هذا لا يكفي في انتقاء العادات الجيدة، يجب أن يستفيد الشاب من محيطه الاجتماعي الأقرب وهو العائلة، الأب والأم مع الأخ الأكبر، فيسعى لمعرفة لاكتساب العادات الجيدة منهم، والحقيقة هناك تأثير كبير للعائلة أو الحاضنة الاجتماعية الأولى للإنسان في بناء شخصيته واختياره للعادات وانتقائه لها.
ليس عيبا أن يأخذ الشباب عاداتهم من الأصدقاء الآخرين إذا كانت هذه العادات جيدة، لكن المشكلة تكمن في كيفية فهم ومعرفة جودة هذه العادة من سواها
وبعد العائلة يأتي دور المحيط الذي يلي العائلة مثل المدرسة، زملاء الدراسة، الأصدقاء في المنطقة السكنية وسواها، هؤلاء جميعا لديهم عاداتهم الجيدة والضارّة، وقد لا يعرف الشاب في مقتبل حياته الفرز بين النظيف وعكسه من العادات، لذا يبرز هنا دور الأهل، ودور الصديق الصدوق الذي يخشى على صاحبه مثل خوفه على نفسه من الانحرافات.
فالعائلة هي المعلم الأول للشاب، منها يستلهم العادات الجادة، ومن ثم يستلهم من الأصدقاء تلك العادات التي يتحلون بها، ولكن قضية التفريق بين العادات، الصالحة وعكسها، يعود للمحيط العائلي أولا الأب والأم، حيث ينبغي أن يكون الأب في غاية الاهتمام بهذا الجانب، وكذلك الأم، وأن لا يترك الابن للتربية العشوائية التي يحصل عليها من خارج الأسرة.
نعم هناك عادات وسلوكيات وأفكار مفيدة يمكن أن يحصل عليها الشاب من خارج المحيط العائلي، ولكن هذا الشاب لا يمتلك خبرة الاختيار بين الصالح والطالح منها، ولا بأس أن يكون هناك دور للصديق الجيد في حياة هذا الشاب، فهناك أصدقاء أثرياء في أخلاقهم، ويفهمون القيم الصحيحة، وقد يحصلون على تربية جيدة بفضل عوائلهم أو أولياء أمورهم.
لهذا ليس عيبا أن يأخذ الشباب عاداتهم من الأصدقاء الآخرين إذا كانت هذه العادات جيدة، لكن المشكلة تكمن في كيفية فهم ومعرفة جودة هذه العادة من سواها، فالشاب الحديث العهد لا يعرف ما يفيده وما يضره من العادات، وقد يصوّر له أحد الأصدقاء بعض العادات الرديئة على أنها جيدة، كاللهو وقتل الوقت في اعتياد ممارسة عادات ضارة كالتدخين مثلا.
لذا يظهر هنا دور المحيط الاجتماعي الصالح، والتربية الاستباقية التي تحصّن الشاب من الانزلاق في ممارسة العادات الضارّة، كذلك لابد من أن نذكر النقطة الأهم في هذا المجال، ونعني بها المسؤولية الذاتية للشاب عن حماية نفسه وشخصيته من العادات الرديئة.
بمعنى توجد مسؤولية على كل شاب توجِب عليه حماية نفسه من العادات المنحرفة، مثلا قضية التدخين، أو اللهو في بعض الألعاب غير المفيدة، أو الإقدام على بعض المغامرات التي لا تنفع الشاب، في حين يتم تصويرها له على أنها تزيد من قوة شخصيته، أما الحقيقة فهذا نوع من الاستدراج للشباب كي يسقطوا في المغامرات غير المحسوبة.
يجب أن يستفيد الشاب من محيطه الاجتماعي الأقرب وهو العائلة، الأب والأم مع الأخ الأكبر، فيسعى لمعرفة لاكتساب العادات الجيدة منهم، والحقيقة هناك تأثير كبير للعائلة أو الحاضنة الاجتماعية الأولى للإنسان في بناء شخصيته واختياره للعادات وانتقائه لها
نعم؛ يمكن للشاب أن يدخل في مجالات متنوعة كالمسابقات الرياضية أو الأدبية أو الفنية أو سواها، ومن حقه أن يجرب الكثير، وأن يقدّر طاقاته ويستثمرها ويطور مواهبه في مختلف المجالات، بل هذا الأمر مطلوب في حياة الشباب، ولكن قبل ذلك يجب أن الشاب محتميا بمنظومة أولية من العادات الجيدة، والسلوكيات المدروسة، ومحتميا بالقيم الصحيحة.
كيف يمكن أن يحصل الشاب على هذه المنظومة من العادات والقيم الصالحة؟، هذا هو السؤال الذي يجب أن يطرحه الأبوان على نفسيهما، وأن ينجحا في ذلك، وأيضا على الشاب نفسه أن يطرح ذات السؤال على نفسه، وبقدر نجاح الشاب في الإجابة الصحيحة عن هذا السؤال، يتحقق له الوصل إلى منظومة العادات المثالية.