بأقلامکم

الرجوع الذي يقدمك

تستيقظ صباحاً، فتتناول الهاتف بيدك، وتستمع لأغنيتك المفضلة، فتشعر بعدم الراحة، فتتجه نحو الموسيقى، ولكن دون جدوى، تنظر يميناً ويساراً لتتأكد لا يوجد شخصٌ يراقبك، لأنك تريد مشاهدة صور خليعة لفتيات، فتضيف للحزن حزناً أشد، وكآبة أمر، فتتصل بصديقك لتلتقي به، ولكن ما أن تراه حتى يبدأ بالكلام عن المعاصي والذنوب، تتساقط ايامك كما يتساقط ورق الأشجار في الخريف، ولكنك لا تتغير، فأي حياة بائسة تعيش؟

 ألم تلاحظ فجوةً كبيرةً في حياتك؟

بمعنى آخر: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ}

إلى متى ستستمر الغفلة عن الله سبحانه؟

أنسيت قوله عزّ وجل: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ}

لماذا تضيع الهدف الرئيسي من الحياة؟

فأنت لم تخلق لكي تصطدم بالمعاصي طوال الوقت، والله سبحانه لا يريدك ضائعاً في حياتك، فلماذا تريد الشقاء؟

فبعدك عن الله عزّ وجل لن تجني من وراءه سوى التخبط في الدنيا، وهذا ما تؤكده الآية: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً}.

ثم ما سبب بعدك عن الله سبحانه، فهل عمل هذا الرب الرحيم سوءاً يضرك؟ بالتأكيد ستقول: ” كلا “؛ لأن نعمه تملأ حياتي، فلماذا إذاً البُعد عن الله عزّ وجل؟

ولو فرضنا في حياتك توجد بعض التخبطات، فليس من المنطقي عصيان الله عزّ وجل، فالآية تقول: {وَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ}، فالأمر أولاً خيراً لك، وثانياً جهلك بمجريات الأمور يجعلك واقعياً تطلب العون من الله سبحانه، لا ان تصبح جباراً شقياً.

واظنك تشعر بالندم والتقصير تجاه ربك بعدما قرأت، ولمَ لا، فأي عاقلٍ لا يشعر بالتقصير أمامه جلّ وعلا؟

ولكن لا تشعر باليأس في طريق الله سبحانه، لأن رحمته سبقت غضبه، فربنا هو القائل: {وَلا تَيْئَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الكَافِرُونَ}، لذا صار من ييأس من رحمة الله كافراً، لأنها وسعت كل شيء، فكيف لا تتسع لذنوب العباد؟

ولو لا رحمة الله سبحانه؛ لهلكنا جميعاً، كما تقول الآية: {وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ}.

لذلك فتح باب التوبة، فقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً}، وهذا طريق العودة إليه، ومن كان جاداً تاب الله عليه وبدّل سيئاته حسنات، كما تقول الآية: {إِلاَّ مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً}.

يقول الإمام علي، عليه السلام: “السعيد من وعظ بغيره فاتعظ”، لاشك إنك رأيت أشخاصاً وهم في حالة الاحتضار، وبعضهم مشيت في تشييع جنائزهم.

لذا اعتبر بمن رحلوا، فربما الآن أو غداً أو بعد غدٍ سترحل لا محال، فتدارك ما بقي من عمرك، فالدنيا قصيرة، فهي: “تَغُرُّ وَتَضُرُّ وَتَمُرُّ” كما يقول الإمام علي، عليه السلام، وكما يقول عزّ وجل: {الْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ}، وهذه الآية خاتمةٌ جيدةٌ للحياة.

عن المؤلف

سجاد أحمد كاظم

اترك تعليقا