الهدى – متابعات ..
مع تزايد أعداد الخريجين سنوياً التي تقدر بأكثر من 200 ألف، يعاني الكثير منهم من قلة الوظائف المتاحة في القطاع العام الحكومي، الذي يعاني بدوره من التخمة والترهل، ويكلف الموازنة أكثر من سبعة تريليونات دينار شهرياً.
وحسب آخر مسح أجرته وزارة التخطيط، بلغت نسبة العاملين أكثر من 83 بالمئة من مجموع القوى العاملة في العراق، في حين وصلت نسبة البطالة إلى 16.5 بالمئة.
يضاف إلى ذلك أن أكثر من 90 بالمئة من الإيرادات تعتمد على تصدير النفط، الذي يتأثر بشكل كبير بتقلبات السوق العالمية، ما يجعل الوضع الاقتصادي أكثر تحدياً، ويزيد من الحاجة إلى تطوير قطاعات أخرى مثل القطاع الخاص.
الخبير الاقتصادي، دريد العنزي، يرى أن تحفيز الشباب على الدخول في مجال الأعمال الحرة يتطلب دعماً حكومياً حقيقياً، مقترحاً إنشاء مصانع صغيرة للشباب بتمويل حكومي، على أن تركز هذه المصانع على تسويق المنتجات المحلية.
وشدد على ضرورة أن تعمل الحكومة على توفير قرارات تشجع على الشراء المحلي، بما في ذلك فرض رسوم على المنتجات المستوردة، لتعزيز الإنتاج المحلي.
وأكد العنزي أهمية دعم القطاع الزراعي بواسطة توزيع الأراضي الزراعية والقروض المناسبة للخريجين، ما يوفر فرص عمل مباشرة وغير مباشرة لشريحة واسعة من الشباب.
المتحدث باسم وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، نجم العقابي، أكد أن الوزارة تقدم عدداً من الخدمات لدعم الشباب الراغبين في دخول عالم الأعمال الحرة، موضحاً أن من هذه الخدمات: القروض من دون فوائد، والدورات التدريبية المتخصصة، وعرض قصص النجاح الشبابية عبر وسائل الإعلام”.
كما أشار العقابي إلى أن الوزارة تخطط لزيادة مبلغ صندوق الإقراض لدعم المزيد من المشاريع الصغيرة والمتوسطة، رغم التحديات المرتبطة بضمانات القروض، مؤكداً أن الوزارة ملتزمة بتوفير الدعم اللازم لمساعدة الشباب على تجاوز العقبات وتحقيق النجاح في مشاريعهم.
الحكومة، وتطبيقاً لمنهاجها الوزاري الذي تبنته، أطلقت مبادرة تحت اسم “ريادة” من أجل تمكين الشباب ودعمهم في إقامة مشروعات مدرّة للدخل.
وفي هذا الصدد، يقول رئيس فريق المبادرة، مستشار رئيس مجلس الوزراء، الدكتور حسين فلامرز، إن “مبادرة ريادة التي أطلقها رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، في الرابع من آذار2023، تهدف إلى خلق بيئة ريادية خصبة للشباب العراقي، وتستهدف الفئة العمرية بين 16 و50 سنة، التي تشمل كلاً من الطلبة والخريجين”.
وأوضح في حديثه أن “المبادرة تتكون من خمس مراحل رئيسة، تبدأ بالتسجيل الإلكتروني عبر تطبيق مخصص، حيث يمكن للمشاركين من جميع أنحاء العراق التقديم بسهولة، وبعد التسجيل، يمر المشاركون بتدريب حضوري مكثف يستمر خمسة أيام، يتعرفون خلالها على أفضل الطرق لتأسيس مشروع ناجح وكيفية دراسة الجدوى الاقتصادية لأي فكرة تجارية، وفي اليوم الأخير من التدريب، يحصل كل مشارك على خطة جدوى اقتصادية جاهزة لمشروعه”.
وأضاف أن “تمويل المشروعات يتم من طريق القروض الحكومية، التي تقدمها مصارف مثل مصرف الرشيد والرافدين، هو أحد المكونات الأساسية للمبادرة، وبعد اجتياز مرحلة التدريب، يحصل المشاركون على فرص للحصول على قروض لدعم مشاريعهم الصغيرة والمتوسطة”،
وأشار إلى أن المبادرة تضمن المتابعة المستمرة للمشاركين على مدار عشر سنوات، حيث يتم تقديم استشارات إضافية ودعم مستمر للمشاريع الناشئة.
وأكد الدكتور فلامرز أن المبادرة لاقت استجابة واسعة منذ إطلاقها، حيث بلغ عدد المشاركين في السنة الأولى 417 ألف شخص، منهم 200 ألف طالب، والبقية من الخريجين أو الأفراد خارج المنظومة التعليمية،
واضاف أنه “تم تدريب 60 ألف شخص، من بينهم 30 ألفاً أكملوا التدريب بنجاح، بينما تم منح 8 آلاف قرض لدعم المشاريع المختلفة التي يعمل عليها هؤلاء الشباب، ما يسهم بشكل مباشر في تحفيز الاقتصاد المحلي”.
وفي ظل الظروف الاقتصادية التي يمر بها العراق، أصبح العمل الحر الخيار الأفضل لكثير من الشباب الذين يسعون لتحقيق الاستقلالية المالية.
ومع زيادة الدعم الحكومي والقطاع الخاص، فإن العراق أمام فرصة لبناء جيل من رواد الأعمال الذين يمكنهم دفع عجلة الاقتصاد الوطني وتطوير القطاع الخاص بما يخدم مستقبل البلاد.