الهدى – وكالات ..
تلقت المحكمة الجنائية الدولية إحالة من ست دول في العالم، بشأن انتهاك جماعة طالبان لحقوق النساء والفتيات في أفغانستان.
وقال المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، كريم خان، إنه تلقى إحالة من ست دول أطراف في المحكمة تعرب فيها عن قلقها إزاء التدهور الشديد في وضع حقوق الإنسان في أفغانستان، وخاصة بالنسبة للنساء والفتيات، وتطلب من مكتبه النظر في الجرائم المرتكبة ضد النساء والفتيات بعد سيطرة طالبان على السلطة في عام 2021 ضمن تحقيقاته الجارية في الوضع في أفغانستان.
وقال كريم خان في بيان أصدره بهذا الشأن أن الدول التي تقدمت بالإحالة هي تشيلي وكوستاريكا وإسبانيا وفرنسا ولوكسمبورغ والمكسيك.
وفي وقت سابق، كانت كل من ألمانيا وكندا وهولندا واستراليا، قد حذرت طالبان، أنه في حالة عدم الكف عن ممارسة التمييز ضد النساء والفتيات في أفغانستان، فانها ستقاضي هذه الجماعة لدى محكمة العدل الدولية على خلفية انتهاك اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة.
ولقي قرار الدول الأربع هذه، ترحيبا ودعما واسعين من الدول ومنظمات حقوق الانسان الدولية، لكن وقبل أن تنتهي المهلة التي حددتها لطالبان، أحالت ست دول أخرى، وضع أفغانستان إلى المحكمة الجنائية الدولية، وهي الأخرى التابعة للأمم المتحدة.
ومنذ أن أعادت جماعة طالبان، سيطرتها على أفغانستان عام 2021، ضربت بالحقوق والحريات الأساسية للنساء والفتيات عرض الحائط في البلاد.
وكأول خطوة اتخذتها في هذا المجال، منعت طالبان الفتيات ما بعد الفصل السادس الابتدائي من الذهاب إلى المدرسة ومواصلة الدراسة.
وفي الخطوة اللاحقة، منعت هذه الجماعة الطالبات من الذهاب إلى الجامعات والمشاركة في امتحانات قبول الجامعات، لتحرم بذلك فتيات أفغانستان من حق التعلم والدراسة بصورة تامة.
وفي إجراء آخر، منعت طالبان، النساء من العمل في الدوائر الحكومية والمؤسسات الداخلية ومكاتب المنظمات الدولية ومكاتب الأمم المتحدة في أفغانستان، لتكون قد حرمت المرأة من حق العمل.
وفضلا عن ذلك، وضعت طالبان، قيودا صارمة على حق السفر والخروج خارج المنزل والمشاركة في الاجتماعات والتواجد في الأماكن العامة، بينما قمعت الاحتجاجات النسوية في الشوارع بعنف ومن خلال إطلاق النار، واعتقلت عشرات النساء وزجت بهن في السجن.
ووصف خبراء الأمم المتحدة هذه الإجراءات بـ “الممنهجة” وانتهاك متعمد للقوانين والمعاهدات الدولية و “جريمة ضد الانسانية”.
وحثت التقارير الموثقة للمقر الخاص للأمم المتحدة المعني بحقوق الانسان في أفغانستان وسائر المنظمات الدولية لحقوق الانسان، العالم على أن يأخذ انتهاك حقوق المرأة في أفغانستان على محمل الجد، والبدء بالجهود لتحميل جماعة طالبان مسؤولية ذلك.
وكانت المحكمة الجنائية الدولية قد بدأت تحقيقاتها بشأن أفغانستان اعتبارا من العام 2020، فيما تدرس جرائم الحرب والجريمة ضد الانسانية في أفغانستان بعد عام 2003.
وبعد توقف قصير تم على خلفية مشاكل حدثت في الحكومة الأفغانية السابقة، استأنفت المحكمة هذه التحقيقات في عام 2022.
وقال المدعي العام للمحكمة الجنتائية الدولية كريم خان أن هذه التحقيقات باتت الان تركز بشكل خاص على الجرائم ضد النساء والفتيات.
وقال في بيان إن التحقيقات حول التهم المتعلقة بجرائم الحرب التي ارتكبت على أراضي أفغانستان منذ عام 2003 فصاعدا، بدأت في تشرين الثاني/نوفمبر 2017، ودخلت في اذار/مارس 2020 المرحلة الرسمية بإذن من مكتبه. وبعد تخطي التحدي الذي أثير من قبل الحكومة الأفغانية السابقة، استؤنف التحقيق في تشرين الأول/اكتوبر 2022، وأخذ يركز على التهم المتعلقة بالتمييز والاضطهاد الممنهج ضد النساء والفتيات.
وأضاف المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية انه “في الوقت الذي كان يتعين علي التأكيد على أهمية السرية بشأن تفاصيل التحقيق الذي يجريه مكتبي، أستطيع القول أن تقدما كبيرا قد تحقق بالفعل في التحقيق في مزاعم الاضطهاد على أساس النوع الاجتماعي في الوضع في أفغانستان، مضيفا أنه على ثقة من أنه سيكون قريبا في وضع يسمح له بالإعلان عن نتائج ملموسة.”
ولقيت هذه الجهود، ترحيبا من المنظمات الدولية لحقوق الانسان ونشطاء حقوق المرأة الأفغانية، وتم التأكيد على أنه قد آن الأوان الان لتقديم زعماء طالبان إلى العدالة بسبب ارتكابهم “جرائم ضد الانسانية” وانتهاك القوانين والمعاهدات والمواثيق الدولية.
ومع ذلك، فليس واضحا بعد، إلى أين ستفضي الجهود الرامية لمحاكمة قادة طالبان أمام المحاكم الدولية. ويظل الناس في أفغانستان يتساءلون: هل سيحين ذلك اليوم الذي يرون فيه زعماء طالبان وهم يمثلون أمام قضاة المحاكم الدولية؟ وهل سيحين اليوم الذي يتم فيه معاقبة هذه المجموعة بجريرة الجرائم التي ارتكبتها بحق الشعب الأفغاني؟