تفوّت العجلةُ على الانسان الكثير من فرص النجاح والخير، ولا يلبث إلا ان يعض انامل الخبية والفشل، وبمقارنة بسيطة بين الفرد الناجح و بين الفاشل نجد ان خيط العجلة والتسرّع هو المائز في ذلك.
فالانسان العجول المتسرّع يريد حصد النتائج والثمار بأسرع وقت ممكن دون ايجاد المقدمات الضرورية لذلك، وهذا اشبه من ينثر بذور الزرع في أرض سبخة وينتظر الثمرة على أحر من الجمر.
والعجلة من الصفات الذميمة التي لها دور في تثبيط حركة الانسان التكاملية، سواء كان ذلك في الجانب المعنوي او المادي.
الحصول على الجزاء سريعا وبدون أناة مما جُبل عليه البشر، لانه تعالى خلق الانسان عجولا، {خُلقَ الانسانُ مِنْ عَجَلٍ}، لكن هذا الامر ليس محتوما على الفرد، لأن بإمكانه ان يعوّد نفسه على الأناة والصبر، وهنا يكون امتحان الإرادة ومدى تحدي الإنسان للنواقص التي تعتريه، وقيمة البشرية تظهر حين يتمايز البعض عن الآخر حين يقود أزّمة نفسه بيده وإرادته.
“لقد فطر البشر عن البحث عن الخير العاجل، واذا قام بعمل حسن انتظر جزاءه فورا، وقليل من الناس أولئك الذين يعملون الآن ليحققوا مكاسب في المستقبل البعيد.
ولكن الحياة ليست بأماني الأحياء، لذلك تجد الجزاء قد يتأخر سنين عديدة، ولو أن ربنا سبحانه خلق الحياة بحيث يجازي العاملين فيها فوراً، إذا انتهت فرصة اختبار الإنسان في هذه الحياة الدنيا”. (سماحة المرجع المدرّسي؛ من هدى القرآن، ج3، ص: 367).
استشراف المستقبل بالصبر
في رواية رائع لامير المؤمنين، عليه السلام: لا يعدم الصبور الظفر وإن طال به الزمن”، فمن السنن الإلهية الثابتة في هذه الحياة هي سُنّة الجزاء، وإذا استوعب الانسان هذه الحقيقة، فسيجعل الصبرَ مطيةً للوصول الى مبتغاه.
لقد فُطر البشر عن البحث عن الخير العاجل، وإذا قام بعمل حسن انتظر جزاءه فورا، وقليل من الناس أولئك الذين يعملون الآن ليحققوا مكاسب في المستقبل البعيد
والانسان الصبور هو الذي يستشرف المستقبل بعدم استعجاله للنتائج، بل يسعى بالعمل الى توفير المقدمات المطلوبة التي من شأنها ان تصل به الى النتائج المرجوة، قال النبي الأكرم، صلى الله عليه وآله: “إياك والعجلة فإنك إن عجّلت أخطات حظك”.
وصفة العجلة أكثر ما يبتلى بها الشباب، فترى الكثير من الشباب عجولين في استحصال النتائج، ولذا تجد هذا النوع يعاني من تقلبات كثيرة في حياته بسبب صفة العجلة والتسرّع، وأكثر الاخطاء يعاني منها هذا الصنف من الشباب، والشواهد على ذلك كثيرة من حياتنا الاجتماعية، فما إن يدخل شاب في عمل أو حرف ما إلا ويخرج منها بسرعة قبل ان يتمكن منها، ثم ينتقل الى أخرى وهكذا، حتى يخرج من السوق بخفي حنين كما يقال!
و الشخص العجول بشكل عام لا يصل الى هدفه لانه يسلك طريق العجلة والتسرع التي تلقي به في مشاكل كثيرة في حياته الاجتماعية، فيكون الى نيل حاجته ابعد من الحصول عليها.
ومن الأمور السلبية التي تورثها العجلة والتسرع هو ان الانسان العجول يهدر الكثير من وقته وطاقته بسبب عجلته، وثم لا يصل الى شيء، وكذلك من الآثار التي تترتب على العجلة هو اليأس، فالانسان العجول حينما لا يدرك شيء سعى اليه ينتابه اليأس، ويسيطر عليه الإحباط، قال أبو محمد الحسن العسكري عليه السلام: “فلا تعجل على ثمرة لم تدرك، وإنما تنالها في أوانها، واعلم أن المدبر لك أعلم بالوقت الذي يصلح حالك فيه، فثق بخيرته في جميع أمورك يصلح حالك، ولا تعجل بحوائجك قبل وقتها، فيضيق قلبك وصدرك ويخشاك القنوط”.
والآثار السلبية لحالة العجلة كثيرة؛ منها الخطأ والندامة وما اشبه، من الامور التي تعيق حركة الانسان وتكامله في اي جانب من جوانب حياته.
من الأمور السلبية التي تورثها العجلة والتسرع هو ان الانسان العجول يهدر الكثير من وقته وطاقته بسبب عجلته، وثم لا يصل الى شيء
وفي مقابل العجلة والتسرّع يكون التأني والتريّث في القول والعمل، فالتأني يدفع الانسان الى التأمل في العمل قبل الاقدام عليه، فلو تدبّر الفرد أي عمل يقبل عليه لأبعد عن نفسه الكثير من المشاكل، ووفّر لها أسباب السلامة والطمأنينة، لانه: إنما أهلك الناس العجلة ولو أنهم تثبّتوا لما يُهلك أحد”.
و قال أمير المؤمنين، عليه السلام: “من استطاع أن يمنع نفسه من أربعة أشياء فهو خليق بأن لا ينزل به مكروه أبدا، قيل: وما هن يا أمير المؤمنين؟ قال: العجلة، واللجاجة، والعجب، والتواني”.