کل المجتمع

الإعتداء المالي.. عنف منزلي من نوع آخر

للعنف الاسري اشكال متعددة قد يصعب حصرها، وهنالك من يعتقد ان العنف الاسري يقتصر على الضرب والتعنيف، ويخفى عليهم ما يسمى بالعنف المالي، وهو أحد اشكال العنف المسكوت عنها، والتي تواجهه العلاقات الزوجية، الامر الذي يخلف الضحايا داخل دوائر لا نهائية من العنف والإساءة والمعاناة.

خطورة العنف المالي يمكن بعدم الاعتراف بها او الالتفات اليها من قبل افراد المجتمع، ولا يعرف مرارتها سوى الشخص الراقد تحت ركامها، وقد يستمر هذا الرقود لسنوات دون محاولة تذكر من هنا او هناك للتخلص منها او التقليل من آثارها النفسية على الفرد الذي يتعرض لهذا النوع من الاعتداء.

الاعتداء المالي او ما يمكن تسميته بالعنف المالي ضد النساء يعد أحد أشكال الاتجار بالبشر ومصادرة لحقوق النساء العاملات في القطاع العام او الخاص، ذلك من خلال الاستحواذ على الدخل المادي لتلك المرأة، فاغلب النساء تعاني من اجبار الزوج على تسليمها مرتبها الشهري والتحكم فيه بصورة كاملة دون الاخذ بعين الاعتبار حقوقها الشخصية.

هل تعرف الحقوق الشخصية لزوجتك؟

بالتأكيد جزء كبير من الأزواج لا يعرفون حدود الملكية الخاصة لزوجاتهم، ويحاولون استغلال كل ما يقع بين ايدهم دون الوقوف عند نقطة معينة تحفظ لهذه المرأة كيانها المالي، بما يشعرها بثمرة تعبها، فترى الزوج يتعامل مع زوجته وكأنها آلة لطباعة النقود، فإن تعطلت او تأخرت عن الإنتاج تستاء هذه العلاقة بشكل غير متوقع ومن الممكن ان تصل الى الانفصال.

تعد الإساءة المالية سلوكا منهجيا يحاول فيه أحد الأشخاص التحكم في قدرة شخص آخر على الوصول إلى المال، وغالبا ما يحدث هذا النوع من الإساءة بين الزوجين، أو أفراد الأسرة الآخرين

السيطرة على دخل المرأة بهذه الطريقة يعده مختصون ضمن لائحة العنف المعنوي الذي تتعرض له شريحة عريضة من النساء في مختلف البقاع، لذا يمكن عدّ هذه الإشكالية من الإشكاليات التي تفتقد الى الحلول المنطقية من قبل أصحاب الشأن، بما جعل هذه الظاهرة او الطريقة في التعامل تستفحل وتتنامى بشكل غير مستمر، مع وقوف الزوجة عاجزة امام طمع زوجها.

ومن مظاهر العنف المالي عندما تعمل المرأة ويحصل على أموالها أحد أفراد الأسرة بشكل سلبي، كزوج قادر على العمل ولكنه عاطل أو طامع في دخلها المادي، بحيث يكون هذا الحصول بالإكراه، عن طريق ابتزازها لدفع ما يشبه الإتاوة حتى تتمكن من مواصلة العمل.

ولا عاقل يمكن إنكار هذا الشيء، اذ توجد حالات عديدة في هذا السياق لو لم تدفع المرأة العاملة ما يشترطه عليها زوجها او من له السلطة، فلن يتم السماح لها بالعمل من الأساس أو يتم تعطيلها لعدة أيام كعقاب حتى تستجيب.

وهناك نوع آخر للعنف المالي هو عدم منح المرأة القيمة الحقيقية عن العمل الذي قامت به، يحدث هذا بالذات للعاملات بالمنازل والعاملات الزراعيات وغيرهن، ممن يضطررن إلى القبول بمبالغ مقابل جهد شاق لحاجتهن إلى المال، وهو عنف شديد السوء لأن الضحية تكون مضطرة لقبوله تحت ضغط الحاجة والمسؤوليات فتظل في حلقة لا نهائية.

وتعد الإساءة المالية سلوكا منهجيا يحاول فيه أحد الأشخاص التحكم في قدرة شخص آخر على الوصول إلى المال، وغالبا ما يحدث هذا النوع من الإساءة بين الزوجين، أو أفراد الأسرة الآخرين، بما يجعلها أحد أشكال العنف الأسري التي تكون موجودة مع أشكال أخرى من الإساءة كالإساءة الجسدية أو العاطفية.

تتعدد الآثار البدنية والنفسية الناتجة عن الإساءة المالية التي تتعرض لها النساء، وأبرز هذه الآثار هو شعور الضحية بالعجز، فالأمر لا يقتصر على الديون المتراكمة أو احتمال السجن بسبب القروض غير المسددة، بل يمتد إلى تحول الضحية إلى حالة من الانعزال الاجتماعي الشديد.

وهذا يضع أمامها عقبات إضافية لترك العلاقة المسيئة، حيث تعجز عن تغطية التكاليف المرتبطة بالانفصال، وكذلك مصروفات الأطفال حال وجودهم، وفي نهاية المطاف، قد تنتهي العديد منهن إلى العيش في ظروف غير آمنة أو التعرض للتشرد، فضلا عن صعوبة الحصول على الرعاية الطبية أو النفسية.

هكذا بعض الحلول

تتعدد النصائح في هذا الشأن لكنها جميعا تبدأ بأهمية الوعي بما يعنيه الاعتداء والاستغلال المالي للنساء ويلي ذلك عدة اقتراحات للنجاة أهمها:

وضع أسس واضحة للمعلومات المتعلقة بالوضع المالي بين الزوجين، وتحديد طريقة التعامل مع الأموال بالتوافق بين الطرفين، اي يجب أن يكون كلا الشريكين على علم كامل بالصورة المالية للآخر، حيث من المهم أن يدرك كل طرف ما يحدث بالضبط، مع ضرورة الانتباه والوعي بحقيقة الوضع إذا استمر الشريك في الإساءة المالية بأشكالها المختلفة، واتخاذ القرارات بناءً على ذلك.

كما ينبغي عدم التزام الصمت حيال ما يحدث، فالكثير من النساء يحتفظن بتفاصيل الإساءة المالية كمسألة خاصة، معتقدات أنه لا يجب إخبار الآخرين بما يمررن به، مما يؤدي إلى تفاقم الأمور بمرور الوقت.

تعلمي كيفية إدارة المال باعتباره من الأمور الأساسية في الحياة الزوجية، ولا تبق كما العديد من النساء في علاقات مسيئة بسبب المال، بينما تنجح أخريات في الخروج من هذه العلاقات بعد اكتساب مهارات جديدة وتعزيز قدراتهن على كسب المال من خلال أعمال إضافية، مما يمنحهن الاستقلال المالي.

السيطرة على دخل المرأة يعده مختصون ضمن لائحة العنف المعنوي الذي تتعرض له شريحة عريضة من النساء في مختلف البقاع

الخلاصة .. التوافق بين الزوجين او الرجل والمرأة بصورة عامة يجب ان يكون حاضرا في التعاملات اليومية بما يحقق الأمن المالي الشخصي لكلاهما، ويحفظ لكل فرد خصوصيته، مع التأكيد على التعاون والتعاضد لملاقاة صعوبات الحياة التي اخذت تحرز مراكز متقدمة في قائمة التحديات المنزلية والعائلية بشكل عام.

عن المؤلف

سُرى فاضل

اترك تعليقا