تربیة و تعلیم

انسجام الأسرة يقوّم المجتمع نحو التحضر والتقدم

تناقل علماء الاجتماع كلمة رفعوها شعاراً لبدء سعادة المجتمع، هي أن سعادة المجتمع تبدأ من سعادة الاسرة، فإن الأسرة هي نواة المجتمع، وكلما تماسكت الأسرة كلما كان المجتمع اقرب الى التماسك والسعادة، وهذه حقيقة واقعية لا ينكرها إلا مكابر، فالفرد اذا نشأ في اسرة متدينة متعلمة مثقفة، فهو لن يخرج عن اطارها العام، إلا اذا كان شاذا عن الطبيعة الانسانية.

 ولذلك فالقرآن الكريم يشير الى هذه الحقيقة عندما يذكر الأنبياء، حيث يقول ذرية بعضها من بعض في اشارة منه الى دور الاسرة في صقل الفرد وانمائه في الطريق الاقوم، ومن هنا، ينبغي لكل مجتمع أو دولة أو أُمة إذا ما أرادت السعادة أن تعتني بالاسرة وتنمي دورها حتى ينشأ الجيل وفق المبادئ المطلوبة.

انسجام الآباء يقوّم سلوك الأنباء

من المسلّمات التربوية أن نمو الأولاد نمواً انفعالياً سليماً وتناغمَ تكيفهم الاجتماعي يرتبط وبدرجة كبيرة بإتقان الوالدين و تربيتهم، وتوحيد أهدافهما في تدبير شؤون أطفالهما تربويا، حيث يؤدي عدم الاتفاق على سياسة تربوية موحدة من قبل الوالدين إلى تشوش الأطفال والاضطراب في سلوكهم.

 إن الآباء في نهاية الأمر ليسوا ماكينات للتربية، فعلى الرغم من ضرورة وجود موقف مشترك لهم في المسائل التربوية الأساسية، إلا أننا نلاحظ بروز اختلافات كبيرة في وجهات النظر، ولابد من التوصل في حالات الخلاف إلى تحديد الشخص الذي لديه الحق في اتخاذ القرار في المسألة محل الخلاف، أو البحث عن حل وسط يرضي جميع الأطراف.

من المسلّمات التربوية أن نمو الأولاد نمواً انفعالياً سليماً وتناغمَ تكيفهم الاجتماعي يرتبط وبدرجة كبيرة بإتقان الوالدين و تربيتهم، وتوحيد أهدافهما في تدبير شؤون أطفالهما تربويا

 لذا من الضروري وعي الآباء بوجه عام، لكافة التصورات التربوية المختلفة جيداً، وأن يحرصوا على تبادلها مع بعضهم البعض من وقت إلى آخر، كما يتعين على الأبوين دوما إذا أرادا نمو أطفالهما نموا انفعاليا سليما، إعادة تقويم ما يجب أن يتصرفا به حيال سلوك أولادهما، وأن يزيدا من اتفاقهما واتصالاتهما ببعضهما، خاصة في المواقف الحساسة التي يبديها الأولاد في سلوكهم الإجتماعي الأخلاقي، مع تحديد السلوك المرغوب والآخر المرفوض لدى الأولاد.

فالاتصال بين الوالدين والطفل بهدف تحسين وعيه وتوسيع مداركه حيال سلوكه، أمرا على درجة كبيرة من الأهمية، والاتصال بين أطراف الأسرة يحتاج إلى الحوار وإلى الإنصات والاستماع، فالولد يحتاج إلى قناعة بوجود انسجام وتوافق بين أبويه حيال ما يتحدثان به معه في المسائل السلوكية، وشعوره بالاهتمام والحب يسهل عليه عملية الإتصال والأخذ بالنصائح التي يقدمها الوالدان.

عزيزي الأب، عزيزتي الأم، انظر إلى  تربية الرسول الأكرم، صلى الله عليه واله، وأهل بيته الأطهار، عليهم السلام،  {ولكم في رسول الله أسوة حسنة}، فهل تجد إنهم عاقبوا أبناءهم عقاباً صارماً أو زعقوا بوجوههم، أو أهانوهم أو حرموا عليهم حقوقهم أو كذبوا عليهم أو دللوهم الدلال المفرط أو أعطوهم كل ما يريدون أو فرضوا عليهم قيوداً صارمة دون إقناع لذلك؟

 بل تجد عندهم الكلمة الطيبة الصادقة، حيث إنهم زرعوا في قلوب أبنائهم مبادئ وقيم الإسلام، لذلك اختلف سلوكهم عن سلوك الآخرين والملاحظ إن هناك نظريات علمية حديثة تهتم بالطفل، ولكنها مستوردة من الخارج وهذه النظريات بمبادئها ومفهومها قد لا تنسجم مع مبادئنا الاجتماعية والإسلامية والعربية، علما إن مجتمعنا العربي مفعم بالأصالة والإرث الاجتماعي الزاخر لذلك يستوجب على الآباء الاعتناء بتربية أبنائهم.

عن المؤلف

كريم الموسوي

اترك تعليقا