الأخبار

لماذا اغتيال خطيب حسيني في أيام عاشوراء؟

شهد العراق منذ عام 2003، وضمن مسلسل الاغتيالات وأعمال العنف، استهداف علماء دين وخطباء من قبل جماعات ارهابية وبدوافع مختلفة، في مقدمتها؛ الطائفية، بيد أن حادث الاغتيال الأخير تميّز عن سائر حوادث الاغتيال المشابهة في المكان والزمان وطريقة التنفيذ، مما يضع علامات استفهام عديدة، ليس فقط حول الفاعلين، وحسب، وإنما حول الدوافع وراء صناعة هذه الجريمة في أجواء ذكرى الامام الحسين، عليه السلام.
الشيخ الخطيب، والطالب الجامعي، السيد مؤيد كاظم محمد البدراني الموسوي، من مواليد عام 1985 في مدينة العمارة، ويسكن مدينة الصدر، منطقة الاورفلي بالعاصمة بغداد، تمكن في مرحلة الشباب من التوفيق بين الدراسة الحوزوية والدراسة الاكاديمية، ليخرج الى المجتمع خطيباً حسينياً ناجحاً، هذا النجاح كان طموحه منذ الصغر، وتحديداً منذ سن الثالثة عشر من عمره، فكان مولعاً بالخطابة وارتقاء المنبر الحسيني، وفق ما ذكره لنا، أبن عمّه السيد محمد الموسوي، حيث كان يحفظ القصائد والمراثي الحسينية على ظهر القلب.
بيد أن هذا النجاح لم يكن للسيد الخطيب الشهيد منتهى الطموح، لأنه كان يتطلع الى الجانب العلمي بشغف واهتمام بالغين، فإلى جانب دراسته الحوزوية، حرص على إكمال دراسته الاكاديمية، فدخل جامعة بغداد، كلية العلوم الاسلامية، قسم اللغة العربية، واصل هذه المسيرة حتى مرحلة الدكتوراه التي كان يستعد لتقديم رسالة الدكتوراه قبل أن تطاله يد الغدر.
تأكيدات المقربين من الشهيد، وفي مقدمتهم؛ ابن عمّه السيد محمد الموسوي، تشير الى أن الشهيد كان محبوباً بين ابناء مجتمعه في بغداد، وكان خطابه المنبري يتميز بالاعتدال والتركيز على الوعظ والارشاد ونشر الوعي والثقافة الاسلامية، وكان بعيداً عن التوجهات الطائفية وما يرتبط بالخطاب السلبي، وكان من الخطباء المستقلين عن الحزبية والفئوية.
والى جانب ما كان يطرحه من على المنبر الحسيني من افكار ومواعظ، كان مستمراً في العطاء العلمي على الصعيد الحوزوي، حيث حول بيته الى مدرسة علمية –يقول السيد محمد الموسوي- حيث كان يستقبل طلبته لإلقاء الدروس في الفقه واللغة العربية.
مقربوه يؤكدون أمنية كان يحملها بأن يعتلي المنبر مرةً في الحرم الحسيني الشريف للتعزية بمصاب الامام الحسين، عليه السلام.
وصلت رسالة عبر “فيسبوك” الى الشهيد تدعوه الى مجلس حسيني في كربلاء المقدسة في بداية شهر محرم الحرام، وبعد يومين اتصل شخصٌ به بأن سيارة ستكون بانتظاره قرب مدينة كربلاء لتقلّه الى المكان المفترض ان يكون مجلساً حسينياً، وبعد أن وصل بالقرب من كربلاء، كانت السيارة من نوع “سايبا” بانتظاره ولم يكن فيها سوى السائق، فحمل أغراضه ومكبرة الصوت الى هذه السيارة في إحدى ليالي محرم الحرام، وبعد ساعتين اتصل مجهولون بذويه أنه تم قتله، وبعد فترة من الزمن عثرت دوريات الشرطة في كربلاء المقدسة الى جثمان السيد الشهيد ملقاة في منطقة نائية بين كربلاء وبغداد.
السيد مؤيد الموسوي ترك زوجةً وأربعة أطفال؛ ولدان وبنتان، بين أحد عشر سنة، وتسعة أشهر. و والدٌ ووالدة يعتصرهم الأسى والألم بهذا المصاب الذي أفجع قلوبهم وقلوب الاصدقاء والمقربين.
بعد مرور عشر أيام على هذا الحادث، من المتوقع من الاجهزة الأمنية التحرك سريعاً لإتمام اجراءات التحقيق والخروج بنتيجة تكشف المنفذين والمسؤولين عن هذه الجريمة، كما على الحوزة العلمية والخطباء والعلماء في العراق بشكل عام اتخاذ موقف موحد إزاء الحادث وتبني الموضوع كتهديد موجه للجميع، لاسيما في أيام إحياء ذكرى الامام الحسين، عليه السلام، حيث يستعد الجميع لاستقبال زيارة الأربعين، ومواجهة أي نوع من التهديدات او الاستفزازات المحتملة التي ربما يتعرض لها الخطباء والعلماء والهيئات الحسينية في قادم الايام.

عن المؤلف

هيأة التحرير

اترك تعليقا