اغلبنا إن لم يكن جميعنا نحن البشر نفكر في السفر طلباً للاستجمام والتمتع بجرعة من الراحة النفسية التي تعيدنا الى نشاطنا وتعيد رغبتنا للحياة بصورة عامة وتبعد عنا الملل وثقل الرتابة وسلبيات الروتين اليومي، ومع تفكيرنا بالسفر نفكر برفيقه ومن سيكون؟ وما هي اسس اختياره بالطريقة التي تتيح لنا اختيار رفقاء سفر مريحين وقريبين من النفس لئلا تفسد السفرة اولا تحقق مبتغياتها.
رفيق السفر من شأنه أن يفسد عليك الرحلة أو يجعلها ذكرى خالدة تعود اليها كلما تحن الى اللحظات الحلوة، لذا يجب التفكير مليا قبل طرح الفكرة على الصديق الذي تنوي اصطحابه معك الى أي بقعة من بقاع المعمورة، تفادياً للاحراج معه لانك ستتعرض الى العتب لربما حين يراك في رحلات من دون ان تخبره، وهو ما يوجب علينا التأني في اختيار صديق السفر.
قد يقلّل البعض من اهمية ان يكون الصديق مفسدا للسفر ويجعله كابوساً او ايام غير مريحة يحسب لها بالساعات لانقضائها لتبقى بعد ذلك ايام يصعب نسيانها مع عدم الرغبة بتكرارها، فالتجربة هي الطريقة الانسب لنا عند اختيار من سيرافقنا، لان السفر يبين لنا الوجه الحقيقي للصديق، فالسفر مع شخص آخر أشبه بالزواج الناجح، فإذا كان هناك سوء في الاختيار فستكون النتيجة أبغض الحلال على سبيل المثال.
مثال من الواقع:
سافرت ذات مرة مع مجموعة من الشباب للدراسة في احد البلدان العربية، هؤلاء كنت قد تعرفت عليهم في هذه السفرة بوساطة احد اقاربي، وبعد ان وصلنا الى وجهتنا التي كنا ننشدها والاستقرار فيها بدأت تطفو الى السطح بعض السلوكيات غير المريحة، وبدأت هذه المشكلات تزازد وتبرز غيرها، وهكذا الحال الى ان اوصلونا الى مرحلة كرهنا فيها اللحظة التي قررنا ان نسافر فيها معاً، امسكنا على جروحنا الى ان انقضت تلك الايام على مضض لتكون بذلك هي أسوأ سفرة عشتها في حياتي على عكس ما يفترض ان تكون.
يجب ان تتوفر في رفيق السفر صفة الجماعية والابتعاد عن السلوكيات الفردية، فمن جماليات السفر هي السلوكيات الجماعية التي تبعث على الراحة النفسية
على النقيض تماماً تكون بعض السفرات حياة جديدة او بمثابة اعادة الروح الى الحياة واكتشاف لأناس لم نكن نتوقع منهم ان يكونوا بهذه الشاكلة المريحة في السفر وبالتالي نبقى نتذكر تلك الايام ونتمنى استعادتها في سفرات قادمة بحرص كبيرة.
ومما يجدر الاشارة اليه ان السمات الشخصية للانسان هي سمات ذات طابع اصيل بمعنى انها غير مكتسبة، وليس لها علاقة بالمكانة الاجتماعية، ولا التحصيل العلمي ولا بعض المحددات الاخرى، إذ ان الكثير من الاصدقاء الذين نختارهم لمرافقتنا من زملاء دراسة من ذوي الاختصاصات العلمية الكبيرة يفشلون بينما نرتاح مع البسطاء من الناس وهذا ما يعضد ادعاءنا.
ماهي مواصفات الرفيق الجيد؟
حين تتوفر بعض الصفات في رفيق السفر فأنه يعطي للسفرة معنى مختلف، وهذه الصفات هي:
اول ما يجب ان يتصف به رفيق السفر الجيد هو ان يحترم اختيارك للمكان الذي تودون الذهاب اليه، ولا يصر على الذهاب الى اماكن هو يريدها بينما لا يفضلها من معه في السفرة، وهذه المرونة في السفر تجعل منه اكثر راحةً وفرصة للتنفيس عن الذات.
كما يجب ان تتوفر في رفيق السفر الجيد القدرة على الاستيقاظ مبكراً لاستثمار وقت السفر استثماراً امثل للتمتع بكل تفاصيل الوقت فيه، ولئلا يُهدر شيء منه لان الغاية هي التغيير والتنفيس عن النفس.
ويجب ان تتوفر في رفيق السفر صفة الجماعية والابتعاد عن السلوكيات الفردية، فمن جماليات السفر هي السلوكيات الجماعية التي تبعث على الراحة النفسية مثل ممارسة الرياضة والتسوق المشترك وغير ذلك من السلوكيات.
ومن الاهمية بمكان ان تتوفر في رفيق السفر القدرة على تحمل التعب الناتج من المشي او قضاء اوقات طويلة للاطلاع على تفاصيل البلد والمكان الذي يكون وجهة السفر، فبدون هذه القدرة سيفوته الكثير ويفوت على من معه الكثير من التفاصيل الجميلة، واخيراً لابد ان يكون الرفيق مبسوطَ اليد وغير بخيل، لان البخيل يفسد السفرة وينغصها على المجموعة ويقيدهم في الكثير من التفصيلات.