فکر و تنمیة

هكذا تتحقق السعادة الزوجية

نسعى جميعا لبناء علاقات تُضيف إلى حياتنا وتُشعرنا بالسعادة، والعلاقات الجيدة هي أساس رفاهيتنا النفسيّة، لاسيما وإنها تمنحنا الإحساس بالأمان والراحة المعنوية، ولكن بناء علاقة متينة ومستدامة لا يحدث بالصدفة، بل يحتاج إلى بذل جهودٍ واعية واختيار ذكي للشريك الذي سيتحول فيما بعد الى زوج استثنائي، لذا إذا كنتِ كزوجة تودين بناء علاقة تدوم طويلًا، عليك التفكير بأنك تريدين بناء بيت العمر الذي تحلمين ان تعيشي فيه مدى الحياة، حيث يتطلب ذلك منك أسسا ثابتة وتوافقا مشتركا لتحقيق السعادة الزوجيّة.

الحياة الزوجية ربما تختلف في الكثير من تفصيلاها مقارنة بالجوانب الحياتية الأخرى، وعليه يمكن تميزيها عن غيرها من الأمور الحياتية عبر وجود روابطَ اسرية، وأطفال ومصير مشترك تفرضه رابطة الزواج الذي يترتب عليه الكثير من الترتيبات التي يجب مراعاتها من قبل الزوجين لتكون حياتهم خاليةً من المشاكل الزوجية والمنغصات اليومية.

ولضمان ما تقدم ذكره من حياة زوجية دون شوائب يدعونا علم النفس الذي يُعتبر مرشدا رائعا ومخططا قويما، ويقدم نصائحَ واضحة لفهم كيفيّة بناء علاقات تتّسم بالاستقرار والقوّة، إليك ثلاث استراتيجيّات نفسيّة فعّالة، يمكنك استخدامها لتطوير علاقة قوية تُلبي احتياجاتك العاطفية وتُعزّز حياتك بشكلٍ مستمر.

الزوج الذي يقدم الدعم الفعلي والمتواصل يعد أساسا من أُسس العلاقات الزوجية الناجحة

أُولى هذه الاستراتيجيات هي عن طريق اختيار شريك يشارككِ قيمكِ الأساسيّة، اذ تنشأ العلاقات القويّة عندما يتشارك الزوجان في القيم الأساسيّة؛ أي عندما تتطابق قيمك مع قيم الزوج، يصبح لديكما أهداف مشتركة، الأمر الذي يسهّل التواصل والتعاون بينكما، فالأهداف المشتركة تبقى مهمة، لكن القيم – مثل الآراء حول المال، والدِين، والأدوار الاجتماعية – هي التي تشكل الأساس لكيفيّة تحقيق هذه الأهداف وتوجه مسار العلاقة.

إنّ التفاهم حول هذه القيم الجوهرية والأمور الضرورية في الحياة الزوجية يعزّز من فرص نجاح هذه العلاقة، وقد أظهرت الدراسات أنّ الأزواج المتوافقين في القيم يشعرون برضا أكبر في حياتهم الزوجيّة، لذلك، احرصي عزيزتي الزوجة دائما على اختيار زوج يشاركك نفس المبادئ التي تؤمنين بها، ممّا يجعل حياتكما أكثر انسجاما واستقرارا على المدى الطويل.

وتخبرنا المجريات الحياتية والشواهد الاجتماعية الحية عن الكثير من التجارب التي انتهت بالفشل، بعد احتدام التصادم فيما بين الزوجين نتيجة اختلاف أساليب التفكير وطبيعة النظر الى القضايا الفكرية والاجتماعية من قبل الطرفين، فالاختلاف حول هذه المسائل لا يمكن ان يجعل البيئة الاسرية ملائمةً للعيش دون المرور بمشكلات تؤدي مع مرور الوقت الى الخراب.

اما الاستراتيجية الثانية تقدم النصيحة للفتاة على البحث عن زوج ينمي بداخلها الإلهام والتحفيز، إنّ الزوجَ الذي يلهمكِ لتصبحين أفضل نسخة من نفسك هو الكنز الحقيقي، فالعلاقات التي تعتمد على الإلهام المتبادل توقد شعلة التحدّي الإيجابي داخلنا وتجعلنا نتطلّع دائمًا إلى تحسين أنفسنا، ومن المعروف أنّ العلاقات العميقة والقوية تتطلب أن يكون الزوج هو الشخص الذي يجعلكِ تشعرين بالدافع لتحقيق المزيد، ويشجّعكِ على تجاوز كل العقبات التي تواجهك.

أن تكوني في علاقةٍ تحفّزك يعني أنّك مستعدّةً لتقبّل التحديّات والمسؤوليّات، وتمنحي الشريك أيضا نفس النوع من التشجيع، لا تخشي من اختيار زوج يتحدّاك للخروج من منطقة الراحة، فهذه العلاقات هي التي تُثمر تجارب مميّزة وتدفعك للنمو المستمر.

كثير من الأزواج يحفزون ازواجهم على الاهتمام بالجوانب العلمية وإكمال الدراسة ويعطونهم القوة والدافع على المضي قدما نحو الاجتهاد، وبذلك يكون هذا النوع من الأزواج يعيشون بحالة من الصفاء والتفاهم والمودة الى درجة ان الزوج يتمنى ان يكون التوفيق والنجاح حليفا لزوجته.

ومن هنا فإن الزوج الذي يقدم الدعم الفعلي والمتواصل يعد أساسا من أُسس العلاقات الزوجية الناجحة، وهذا النوع من الدعم يولد انطباعا لدى الزوجة ان الشخص الذي تمّ اختياره يستحق ان تكمل حياتها معه بهذه الصورة التي يؤطرها الحب، والاحترام، والوقوف الى جانب بعض، علاوةً على ذلك لا يمكن أن ننسى أنّ العلاقة الصحية تُبنى على الثقة بأن هناك شخصا يمكنك الاعتماد عليه ويشاركك الحب والدعم بشكل دائم.

بالإضافة إلى ذلك، يحقق الدعم الحقيقي توازنا مستمرا بين الأخذ والعطاء، ممّا يعزز استقرار العلاقة ويمنحها قوة لمواجهة تحديات الحياة، فعندما يقدّم كلُ طرف دعمه بصدق، تتوطّد الروابط وتصبح أقوى مع مرور الوقت، لذلك ابحثي عن زوج يبقى بجانبك في كل لحظة، يدعمك في الأفراح والمحن، ويشاركك كل خطوات الحياة.

بعض الفتيات تكون ضحيةً المغريات الحياتية، وعندما يتقدم لخطوبتها أي شاب متمكن من الناحية المادية، توافق دون قيد او شرط، تخدعها الوفرة المالية، التي تسعى عن طريقها الى تحقيق احلامها، فلا تعطي لنفسها أي فرصة للتأكد من اختيارها هل صائب ام لا.

الحياة الزوجية ربما تختلف في الكثير من تفصيلاها مقارنة بالجوانب الحياتية الأخرى، وعليه يمكن تميزيها عن غيرها من الأمور الحياتية عبر وجود روابطَ اسرية

الاختيار بهذه الطريقة مبني على أساس من رمل، وكأمر طبيعي تحصل النتائج السلبية المتوقعة، ربما المال يتعرض للضياع نتيجة لخسارة طارئة، او ظرف خارج الإرادة، وبعد ذلك تدرك الفتاة ان اختيارها لم يكن وفق القواعد والمنظور العقلي والمنطقي، الذي يجب ان يكون هو المعيار الوحيد للاختيار.

إذا أردتِ بناءَ علاقة تدوم، عليكِ أن تتأكّدي من وجود ثلاثة عناصر أساسيّة فيها: توافق القيم، والتحفيز المتبادل، والدعم المستمر من خلال اختيار زوج يشاركك هذه الصفات، يمكنك بناء علاقة قويّة تبقى معك على المدى الطويل وتجعلك تنمين وتزدهرين بشكلٍ مستمر، وقد تكونين قدوة لغيرك.

عن المؤلف

سُرى فاضل

اترك تعليقا