الأخبار

حملة حكومية كبرى لمكافحة التلوث البيئي في العراق

الهدى – متابعات ..

عقب ساعات من مقررات مجلس الوزراء أمس الأول الثلاثاء، وتوجيهات رئيس الوزراء محمد شياع السوداني بخصوص المشاريع والمصانع المسببة للتلوث البيئي في العاصمة بغداد والمحافظات؛ انطلقت بشكل منسق حملة حكومية كبرى بمشاركة عدة وزارات، لتنفيذ تلك المقررات والتوجيهات بشكل صارم، إذ انتشرت فرق ووحدات وزارة الداخلية المختصة بمختلف مناطق العاصمة لغلق المنشآت المخالفة للتعليمات، والتي تتسبب بانبعاثات ثاني أوكسيد الكبريت وثاني أوكسيد الكربون والغازات الملوثة الأخرى.
وأطلقت وزارة الداخلية، حملة كشوفات عن الأنشطة الصناعية التابعة للقطاع العام والخاص لرصد المخالف منها، وقال مدير شرطة البيئة في الوزارة، العميد ثائر حميد صالح، في حديث صحفي: إنه “استنادا لقانون حماية وتحسين البيئة رقم 27 لسنة 2009 والنظام الداخلي رقم واحد لسنة 2015؛ صدرت واجبات شرطة البيئة لتنفيذ الأحكام والقرارات البيئية، التي تتمثل بغلق المشاريع وتفعيل الإنذارات الموجّهة إلى المشاريع المخالفة للمحددات البيئية، وتنفيذ القرارات الصادرة بحق الجرائم البيئية”، مبيناً أن “وزارة البيئة معنية بمنح الموافقات البيئية لجميع الأنشطة والمشاريع بعد إجراء الكشف عليها والتأكد من التزامها بجميع التعليمات الصادرة منها” .
وبيّن صالح، أن “الشرطة البيئية -وضمن توجيهات وزير الداخلية- أطلقت حملة واسعة للكشف عن جميع الأنشطة الصناعية التابعة للقطاعين العام والخاص، لرصد المخالف منها واتخاذ الإجراءات القانونية بحقها، والكشف عن استخدام المواد الملوثة، ومنها (الكبريت والنفط الأسود والسكراب)”، مشيراً إلى أن “الحملة ستشمل جميع المراكز التابعة إلى شرطة البيئة في عموم المحافظات، وضمن جانبي الكرخ والرصافة في العاصمة بغداد”.
وبناءً على التوصيات والقرارات الصادرة عن مجلس الوزراء، وجّه وزير الداخلية عبد الأمير الشمري مديرية شرطة البيئة وبإسناد من قيادتي شرطة محافظة بغداد الكرخ والرصافة، بإغلاق معامل الطابوق غير المجازة وكذلك منع حرق النفايات، مؤكداً أهمية تطبيق التوصيات الصادرة عن مجلس الوزراء، التي شددت على تفعيل دور ومهام شرطة البيئة في معالجة المخلفات البيئية والحد من الفعاليات والأنشطة الملوثة واتخاذ الإجراءات القانونية بحق المخالفين، فضلاً عن إيقاف فعاليات حرق النفايات في مواقع “الطمر” وخارجها وإخماد الحرائق الحالية بالتنسيق مع وزارة البيئة، وإجراء حملات أمنية دورية في مراقبة جميع أشكال التلوث.
وأكد الشمري في توجيهاته، على تعزيز الجهد الاستخباري في شعبة المباحث البيئية لمتابعة جميع المخالفات البيئية التي تسجلها مديريات البيئة، من أجل إيقاف جميع مسببات تلوث الهواء في المناطق السكنية وخارجها.
وكان رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، بيّن في حديث أمس الأول لدى ترؤسه جلسة مجلس الوزراء، أن التلوث البيئي الذي تعانيه البلاد وبالخصوص العاصمة بغداد، كان نتاج السياسات الخاطئة في التعامل مع المشاريع، مؤكداً أن أجهزة الدولة مستمرة في العمل على تقليل التلوث عبر التشدد في تطبيق الأنظمة والقوانين البيئية.
وتسعى مديرية شرطة حماية البيئة التابعة للدفاع المدني، إلى تنفيذ مجموعة من الإجراءات الرامية للحد من التلوث البيئي في العاصمة بغداد وبقية المدن العراقية.
يأتي هذا بالتنسيق مع وزارة البيئة، إذ تهدف هذه الإجراءات إلى تقليل المخالفات المتعلقة بالشروط البيئية، مثل الرعي العشوائي للماشية، والجزر، والطمر الصحي، والصيد الجائر، بالإضافة إلى معالجة المخلفات الناتجة عن المصانع والمعامل، كما تشمل هذه الجهود مواجهة التلوث الذي يؤثر في الأنهار والهواء والتربة والمياه بحسب قانون حماية وتحسين البيئة رقم 27 لسنة 2009.
مدير عام الدفاع المدني، اللواء الحقوقي محسن كاظم علك، قال في حديث صحفي: إن “مراكز شرطة حماية البيئة تسلمت منذ صدور القانون ولغاية العام الجاري نحو (3040) شكوى للمخالفات البيئية، تم إنجاز نحو (2962) شكوى بين غلق وتغريم، في حين لا تزال (78) دعوى تحت التحقيق”.
وبيّن، أن “عدد المعامل التي تم تسجيلها نحو (6168) معملًا، منها (5678) حصلت على موافقات وزارة البيئة لفتحها، في حين بلغت المعامل غير المجازة نحو (490) معملاً، وتم توجيه إنذارات وإغلاقات لهذه المعامل وفقًا لأحكام المادة 33 أولاً من قانون حماية وتحسين البيئة رقم 27 لسنة 2009”.
وأكد، أن “عدد الكشوفات الموقعية المنفذة من قبل مفارز شرطة حماية البيئة خلال النصف الأول من العام الجاري بلغ (887) كشفا، أسفرت عن رصد (242) مخالفة بيئية وفق أحكام المادة القانونية 33/أولًا من القانون، كما سجلت السلطة المعنية (195) إنذارا، وصدر (13) أمراً بغلق الأنشطة المخالفة، وبلغ عدد الأنشطة المسجلة التي تقتضي فرض غرامات مالية (4) أنشطة”.
وفي السياق، أكدت وزارة البيئة مشاركتها مع منظمة الصحة العالمية بشعار “بيئة صحية تساوي أناسا أصحاء”، والتأكيد على الاستثمار بالبيئة لكونه استثمارا ستراتيجيا في الصحة العامة.
وقال وكيل وزير البيئة، جاسم الفلاحي، في حديث صحفي: إن “البرنامج الحكومي برنامح واعد، ووزارة البيئة – لأول مرة – تحصل على دعم غير مسبوق من الحكومة ورئيس الوزراء، وقد ثبّت هذا الدعم في البرنامج الحكومي، ومن خلال محور (البيئة والتغير المناخي والطاقات المتجددة) خصصت لوزارة البيئة مبالغ مالية من أجل تنفيذ هذا المحور الذي يركز على (قطاعات النفط والغاز واستغلال الغاز المصاحب وتحويل الدورات البسيطة إلى مركبة في قطاع الكهرباء، وتشجيع الاستثمار في مجالات استغلال الطاقة الشمسية كمصدر نظيف للطاقة، وفك الاختناقات الذي يؤدي إلى تحسين بيئي كبير، فكلما كان هناك ازدحام وبطء في حركة السيارات؛ زاد معدل الانبعاثات الضارة وهي من مصادر التلوث)”.
وأشار الفلاحي، إلى أن “الدور الذي تمارسه وزارة البيئة رقابي على الأنشطة الملوثة من قبل الجهات التنفيذية، ويجب مساعدة ودعم جهود وزارة البيئة في إنشاء برنامج وطني رصين لتحديد وقياس نوعية الهواء عن طريق محطات وقياس نوعية المياه”، ووجّه وكيل وزارة البيئة من خلال “الصباح”، رسالة مهمة إلى عدة جهات وقال: “هنا نجد فرصة مهمة لمخاطبة الجهات الملوثة بضرورة الالتزام بالمعايير الوطنية البيئية، ومثلما تعلمون فإن صحة البيئة تعني صحة الإنسان، وقد رفعنا شعارا مع منظمة الصحة العالمية (بيئة صحية تساوي أناسا أصحاء)، والاستثمار بالبيئة وتعزيز الرقابة البيئية، استثمار ستراتيجي في الصحة العامة”.
وأضاف، أن “مصادر وبؤر التلوث معروفة لدينا ومشخّصة، ومسجّلة في قاعدة بيانات وزارة البيئة، ومعظمها يعود للقطاع العام، واستخدام معامل ومشاريع للحرق غير الكامل للوقود الثقيل (النفط الأسود)، وهو يحتوي على مركبات كبريتية عالية”، موضحاً أن “ذلك الحرق أدى إلى تصاعد الكثير من الأبخرة والغازات مثل غاز (ثاني أوكسيد الكبريت) والمركبّات الهايدروكاربونية، إضافة إلى مركبات أخرى، وهذه المركبات ثقيلة في بعض الأحيان، ومثلما نلاحظ الآن فإن هناك ظاهرة طقسية تتعلق بتغير اتجاهات الرياح وزيادة معدلات الرطوبة”.
وبيّن الفلاحي، أنه “في الحالات الاعتيادية فإن مثل هذه الأبخرة والغازات تتصاعد إلى الغلاف الجوي، ولا يشعر بها المواطنون بشكل كبير، غير أنه يمكن أن يشموا روائح؛ ولكن الآن أصبحت هذه الظواهر على شكل ضباب أو غيوم خصوصا في فترة الليل والصباح الباكر، مع زيادة معدلات الرطوبة التي لها علاقة مباشرة بثقل وكثافة مثل هذه الأبخرة والغازات”.
وأكد، أن “وزارة البيئة؛ وانطلاقاً من دورها الرقابي، اتخذت عددا من الإجراءات القانونية بحق هذه الأنشطة، ولاسيما استخدام (الوقود الثقيل) في محطات الكهرباء، وأخص بالذكر (محطة الدورة الحرارية) و(محطة القدس الحرارية)، بالإضافة إلى 300 معمل للطابوق، ومعامل الأسفلت المؤكسد وغير المؤكسد التي تستخدم (الوقود الثقيل)، وهو يعد أهم مصدر للانبعاثات”.
وتابع وكيل وزارة البيئة، أنه “لابد من الإشارة إلى قطاع مهم جداً يسهم بالتلوث، وهو قطاع غير قانوني، إذ أصبحت كل قطعة أرض فارغة مكبا للنفايات التي يجري حرقها، وذلك يحصل يومياً وليلاً في (معسكر الرشيد) وفي مناطق (النهروان والتاجي والنباعي)، لذلك نحتاج إلى تعاون ليس فقط من الجهات الحكومية، بل إلى تعاون المواطنين ومنظمات المجتمع المدني، وكذلك مضاعفة مساحات التشجير لامتصاص الغازات السامة وإطلاق الأوكسجين وزيادة المساحات الخضراء ومواجهة تجريف البساتين، وكل هذه إجراءات مهمة جداً لتحسين الواقع البيئي في البلاد”.
وأوضح، أن “رئيس الوزراء محمد شياع السوداني أولى اهتماماً خاصاً للبيئة، ولأول مرة نجد في البرنامج الحكومي محورا للبيئة والتغير المناخي والطاقة المتجددة، مع دعم كبير في الموازنة الثلاثية”، وأضاف، “كما جرى عقد أول مؤتمر للبيئة بعد ثلاثة أشهر من تشكيل الحكومة هو (مؤتمر البصرة للتغير المناخي)، وواحدة من أهم مبادرات ذلك المؤتمر، هي مبادرة رئيس الوزراء عبر مشروع زراعة خمسة ملايين نخلة وشجرة في البلاد، لتجري بعد ذلك زراعة ستة ملايين و 500 ألف شجرة بجهد وطني وبدعم مجتمعي، وإشراك الكثير من المنظمات”، مبيناً أنه “في بغداد نحتاج كذلك للتعاون وزيادة في الدعم المالي لوزارة البيئة، من أجل استكمال منظومة الرقابة لنوعية الهواء وجودة المياه”.
وفي إطار الجهود المبذولة لمكافحة التلوث البيئي الناجم عن النفايات الطبية، تابعت لجنة الصحة النيابية إحالة 23 مشروعًا لمحطات معالجة نفايات المستشفيات في محافظة بغداد.
وتأتي هذه المتابعة بعد ملاحظة تجاوزات في الأسعار وتفاوتا في التصميمات الخاصة بكل محطة، مما دفع اللجنة إلى استشارة “المركز الوطني للاستشارات الهندسية” للتأكد من سلامة الإجراءات.
عضو لجنة الصحة باسم الغرابي، تحدث قائلاً: “لاحظنا أن هناك مغالاة واضحة في الأسعار الخاصة بمحطات معالجة نفايات المستشفيات، حيث تبين أن الجهة المستفيدة، تجاوزت الحد الأعلى للأسعار المحدد من قبل (المركز الوطني للاستشارات الهندسية)”، وأضاف: “تمت مقارنة هذه العروض مع عروض أخرى وتبين وجود اختلافات كبيرة، مما دفعنا لمتابعة هذا الملف بدقة”. اللجنة ناقشت أيضًا صلاحيات محافظة بغداد في ما يخص العقود المبرمة وأسباب هذه المبالغ المرتفعة، وتستمر الاستضافات لمختلف الجهات المعنية لمعرفة الأسباب الحقيقية وراء هذه التجاوزات ومتابعة جميع التفاصيل المتعلقة بالمشروع.
وقد تمت إحالة المشاريع إلى (شركة الفارس) التابعة لوزارة الصناعة والمعادن، بهدف تنفيذ محطات المعالجة المطلوبة، وأكدت لجنة الصحة استمرار متابعتها لهذا الملف لضمان تطبيق معايير السلامة البيئية ومنع تلويث نهري دجلة والفرات بالنفايات الطبية.

عن المؤلف

هيأة التحرير

اترك تعليقا