حياة الانسان بصورة عامة قائمة على الحاجات واشباعها، بمعنى انه لديه مجموعة من الحاجات على اختلاف اهميتها ومستوياتها، وان هذه الحاجات بحاجة الى اشباع لاحداث التوازن، اما بقائها غير مشبعة فيعني ان خلل في السلوك سيحصل كنتيجة لانعدام التوازن النفسي الذي يؤدي ضعف مستويات الصحة النفسية لدى الانسان وهذا ليس ما يريده الانسان بل ان الصحة النفسية تعد مطلب حياتي ضروري وليس حالة ترفية.
ومن ضمن الحاجات التي يجب على الانسان اشباعها في سبيل تحقيق التوزان هي الحاجات المعنوية والتي لاتقل اهمية ربما عن الحاجات المادية، فالمعنويات توازي الماديات في تأثيرها على استقرار الانسان النفسي، ومن الامور المعنوية التي يحتاجها الانسان هي الايمان والاعتقاد الديني، فماهي انعكسات الايمان على التوازن الانساني؟
نلحظ باستمرار أن الكثير من الناس الذي يشكون من تفاقم المشكلات الحياتية عليهم وصولاً الى مراحل الانهيار التام، وكرههم للحياة لمرافقة المعوقات والامراض النفسية والجمسانية، هم من الذين ليس لديهم ايمان بالله تعالى، ولا يهمهم الاتصال به، وعبادته بأي شكل من اشكال العبادة التي نعدها نحن المسلمين القاعدة الامينة التي يستند عليها الفرد في حياته.
ونلحظ ايضاً ان الافراد الذي يتمتعون بمستويات عالية من الصحة النفسية هم الذين لديهم مستوى مقبول على اقل تقدير من الالتزام الديني، وهذا لا يعني ان الافراد المتدينين لا يتعرضون للمشكلات الحياتية، بل يعني قوة ايمانهم تجعلهم اكثر قوةً وصلابةً في تخطي الازمات، وتقبّل المصائب والتعامل معها برضا لإيمانهم بأنها من تقديرات الله ــ جل في علاه ــ وحاشى لله ان يقدّر غير الصواب الذي له فيه حكمة وغاية.
يساعد الايمان على التفكير الإيجابي وتجاوز الإحباط واليأس الذي يجعل الانسان يميل الى السلبية وفقدان الشغف بالحياة، فالايمان يمنع هذا الشعور ويعيد الحيوية الى النفس
نقطة تحول:
في الماضي كان علماء النفس يرفضون الاعتراف بكون الدِين يُسهم وبصورة كبيرة في تحقيق التوزان سيما اللادينين منهم، غير أنهم اضطروا إلى الإقرار بكون الدين عاملاً مساعداً للصحة النفسية والجسدية، بعد أن تجاهلوه وقلّلوا من قيمته وهذا ما مثّل نقطة تحول مهمة في علم النفس.
وليس هذا فحسب؛ بل إن علم النفس المعاصر يعد الدِين عاملاً مهما في إعادة الطمأنينة إلى النفس البشرية بعد ان تعصف بها المصاعب والمصائب؛ لذا يؤكدون على أهمية الدِين وضرورة إعادة فرص الإيمان والرجاء لدى الانسان سيما في الشدائد، لكون ذلك سيعمل على تدعيم الذات الأخلاقية والدينية.
في هذا السياق نشر المختص في علم النفس العيادي الدكتور(ديفيد لارسون) بحوثاً نفسية اجراها لكشف العلاقة بين الايمان والصحة النفسية، وقد توصّل الى نتيجة مفادها أن التدين يؤثر في 84% من الحالات بشكل إيجابي، وفي 13% بشكل حيادي، وفي 3% فقط ظهر أن التديّن مضر صحياً، ما يعني ان نسبة الافراد الذي يقولون بأهمية التدين في حياة الانسان هم الاعلى.
ماهي عائدات الايمان على الصحة النفسية للانسان؟
علم النفس الاسلامي اثبت ان الإيمان قد يفيد صاحبه في عائدات أربعة على الأقل لها علاقة بالصحة النفسية وهي كالآتي:
1-يزيد الإيمانُ الانسانَ راحةَ النفسِ وطمأنينةَ القلب، ويحارب الشك والحيرة ويوصل الانسان الى حالة اليقين، مما يعطي للحياة معنى وهدف، ومن ثم يفتح أبواب الرضا والسعادة التي هي أعلى معايير الصحة النفسية.
الافراد الذي يتمتعون بمستويات عالية من الصحة النفسية هم الذين لديهم مستوى مقبول على اقل تقدير من الالتزام الديني
2- يساعد الايمان على التفكير الإيجابي وتجاوز الإحباط واليأس الذي يجعل الانسان يميل الى السلبية وفقدان الشغف بالحياة، فالايمان يمنع هذا الشعور ويعيد الحيوية الى النفس.
3- يعطي الايمان قدرات أعلى على التكيّف مع مختلف المواقف الضاغطة ومع الواقع الصعب، ويساعد على السيطرة على انفعالات الغيظ والغضب وتجنب اثارهما المدمرة للنفس البشرية. 4- ومن اجمل عائدات الايمان على الانسان انه يفتح له باب الامل على الدوام ويفتح له افاق المستقبل، هذه هي ابرز عائدات الايمان على صحة الانسان النفسية لذا ينبغي التمسك به وعدم اهماله لاي سبب كان.