غالبا ما ينتظر الآباء والامهات عودة أبنائهم من المدارس للحديث معهم عن يومهم الدراسي، وفي اغلب الأحيان يجدون صعوبة في تحصيل إجابات واضحة من الأبناء، فيما يتعلق باليوم المدرسي، فكثيرا ما يردون بقولهم: “لا شيء” أو “لا أتذكر”، وأحيانا يكتفون بكلمة مثل ” لطيف” او “جيد”، وهذا يجعل من الضروري أن نبحث عن طرق فعالة للتواصل معهم لاكتشاف ما مروا به خلال يومهم، بهدف تقديم الدعم المناسب وحمايتهم من أي مشكلات قد تواجههم في البيئة المدرسية.
صعوبة الحديث والافصاح عما يلاقيه الطفل في المدرسة تعود في بعض الأحيان الى حالة القمع او منعه من الحديث بدافع انه لا يزال صغيرا ولا يعرف شيئا عن مجريات الأمور والاحداث سواء على المستوى الاسري او القضايا الاجتماعية المختلفة، وبالنتيجة تتولد بداخله خشية دائمة من التعبير او المشاركة في الحديث مهما كان نوعه.
كيف التخلص من ذلك؟
ولتخليص الطفل من هذه الحالة ينصح الخبراء بألا يتوقف الاهل عن المحاولة إذا بدا الطفل غير مرحب بالسؤال، فإن التواصل حتى لو كان ذلك عبر حديث قصير متكرر أفضل من حديث طويل على فترات متباعدة، ويؤكد الخبراء أهمية هذا التواصل للصحة العقلية للطفل، إذ يحمي الطفل من خطر تدني تقدير الذات، وضعف الأداء الأكاديمي، كما يعزز الترابط بين الآباء والأطفال.
وأكدت دراسة أجراها باحثون بالمعهد الوطني لصحة الطفل والتنمية البشرية، في ولاية ميريلاند بالولايات المتحدة، ارتفاع نسبة التكيف في المدرسة والقدرة على الإنجاز لدى الطلاب الذين حظوا برعاية جيدة من جانب الوالدين مقارنة بغيرهم ممن لم يحظوا بها، إذ ارتفعت لديهم نسبة المشاكل السلوكية وانخفض أداؤهم الدراسي.
وهذه النتيجة تنطبق مع المنطق الذي يقول ان الطفل إذا تمت معاملته في مراحله الأولى من عمره بصورة سيئة تتسم بالخشونة وخالية من الرحمة والعطف والحنان الابوي، سيؤدي كل ذلك الى انعكاسات سلبية على أداء التلميذ في الفصل الدراسي، وكذلك عدم بناء شخصيته بالشكل المطلوب من تفاعل مع الاهل في الحديث وتبادل الكلام المتعلق بالمدرسة او غيرها من الموضوعات الخاصة بحياته.
أدمغة الصغار ليست بمهارة أدمغة البالغين في إجراء هذا التحول، خاصة حينما يشعرون بالتعب، كذلك قد لا يتذكر طفلك الأحداث كما تتذكرها، لسبب بيولوجي يتعلق بنمو الدماغ، وعلينا استخدام أساليب تدفعهم للتذكر والاسترسال
وهنا يتبادر الى الذهن سؤال قد يراه البعض تقليدي، لكنه غاية في الأهمية اذ يتمثل: بلماذا لا يخبروننا عن تفاصيل يومهم بصرف النظر عما إذا كانت هذه التفاصيل مهمة او غير مهمة؟
ليس مثلنا نحن البالغين، يحتاج الأطفال إلى بعض الراحة لتخفيف التوتر واستيعاب لحظة الانتقال من المدرسة إلى المنزل، وأدمغة الصغار ليست بمهارة أدمغة البالغين في إجراء هذا التحول، خاصة حينما يشعرون بالتعب، كذلك قد لا يتذكر طفلك الأحداث كما تتذكرها، لسبب بيولوجي يتعلق بنمو الدماغ، وعلينا استخدام أساليب تدفعهم للتذكر والاسترسال.
وربما يتولد لدى الأطفال الخارجين الى المدارس بشكل منتظم يتولد لديهم الفضول لمعرفة كيف قضت الأم يومها بعيدا عنهم، وهنا يجب اتباع أسلوب مختلف بأن تسرد الأم أولا ما فعلته خلال اليوم، إذ يشجع ذلك الطفل على المشاركة، فيحكي بدوره عن نفسه وكيف مضى يومه بدون ملل او خوف من شيء وهكذا يمكن دفعهم للحديث.
وبذلك تكون الام قد حققت عملية التواصل الذي يعد مهارة لا يزال الطفل في حاجة لتنميتها، أحيانا يكمن السر في السؤال، فبالنسبة إليه فقد مر بعشرات الاحداث خلال يومه الدراسي، الكبير منها والصغير؛ وإزاء سؤالك فهو لا يعرف ما الذي تريد معرفته تحديدا، وربما لذلك يجيبك فقط بأنه “كان يوما جيدا” فإليك نصائح الخبراء ليمكنك التواصل مع الطفل:
أولى تلك النصائح هي اطرح أسئلة مفتوحة، أسئلة مثل “كيف كان يومك؟” يمكن أن تنتهي بكلمة واحدة، رغم أن بعض الأطفال يسهبون في الرد عليها؛ لذا عليك أن تطرح أسئلة تساعد في تدفق الحوار، مثل: ما أكثر شيء أعجبك اليوم؟
اما النصيحة الثانية تتمثل بإعطائه قسطا من الراحة، إذ يجب عليك ان تتجنب طرح الأسئلة بعد عودته من المدرسة مباشرة، إذ يشعر الأطفال بالتعب أحيانا؛ بعد الاسترخاء وتناول وجبة خفيفة، يكون الطفل أكثر استعداد للحديث ومشاركتك أحداث اليوم.
ومن ضمن النصائح هي الاستماع باهتمام بعيدا عن الهاتف، فان استماعك له باهتمام يساعده على التحدث بحرية، لذا انتبه واترك الهاتف جانبا وتواصل معه بصريا وامنحه اهتماما كاملا، أضف الى ذلك دعه يحل المشكلات، فحين يشكو الطفل من مشكلة ما مع أقرانه أو مشكلة في أداء الواجب المدرسي، لا تمنحه ردا فوريا باقتراح الحل، إنها فرصة مناسبة لتشجعه وتنمي لديه مهارة حل المشكلات، دعه يطرح الحلول وتناقش معه فيها ليختار معك الحل الأفضل.
اطرح عليه الأسئلة المثيرة، الاهتمام من جانبك بطرح الأسئلة المثيرة وتخصيص الوقت يدفع طفلك للحديث، بعض الأسئلة تفتح له الباب للحديث، مثل :مع من لعبت في الاستراحة؟ أو: ما الذي أضحكك اليوم؟ أو: أخبرني عن شيء تعلمته؟ فإنه تدريجيا قد يكتسب هذه العادة في مشاركتك أحداث اليوم من دون حتى أن تبدأ أنت الأمر.
النصيحة الثانية تتمثل بإعطائه قسطا من الراحة، إذ يجب عليك ان تتجنب طرح الأسئلة بعد عودته من المدرسة مباشرة، إذ يشعر الأطفال بالتعب أحيانا؛ بعد الاسترخاء وتناول وجبة خفيفة، يكون الطفل أكثر استعداد للحديث ومشاركتك أحداث اليوم
شاركه أحد الأنشطة، اذ يتمتع الأطفال بالذكاء الذي يمكنهم من إدراك مدى اهتمامك بمعرفة تفاصيل حياتهم والاطمئنان عليهم. هذا الشعور بالمراقبة قد يدفعهم للتردد في مشاركة التفاصيل. لذلك، يمكن أن يساعدك القيام بنشاط مشترك مثل اللعب أو الطهي، والتحدث أثناء ذلك، في تخفيف التوتر وجعل الطفل يشعر براحة أكبر. كما يُنصح بعدم الإكثار من الأسئلة حتى لا يشعر الطفل بالضغط، بل دعه يتحدث بحرية وبطريقته الخاصة. الخُلاصة؛ الطفل وهو بعمر صغير يصبح بحاجة الى طرح أسئلة جيدة عليه لكي يتمكن من تذكر التفاصيل والتعبير عن شعوره، وفي عمر أكبر قليلا، حين يبدأ الطفل يرى الأسئلة متطلبات، يمكن طرح أسئلة عن أقرانه كبداية للحديث، مثل “ما رأي أصدقائك في المدرس الجديد؟، وهكذا تتغير الأسئلة بتقدم المرحلة العمرية لحين السماح له بالمشاركة في القرارات العائلية.