الغضب حالة إنفعالية تحصل لدى الإنسان للتعبير عن سوء حالة يمر بها أو تعرضه لأذى أو سوء معاملة أو ضغط نفسي وجسدي وتراكمات قد تمنعه من عيش اللحظة بحالة عقلية ونفسية وصحية سليمة فتمنعه من عيش اللحظة بسلام.
وللغضب أسباب قد تكون بسيطة جداً تثير شعور الغضب لدى الإنسان، وأحيانا أسباب مهلكة، وأيضا شعور الغضب شعور فطري يظهر للحفاظ على صحة وسلامة الإنسان، لأن كتم الشعور قد يؤدي الى مضار سيئة جداً على عدة جوانب نفسية، صحية، وعقلية.
فالغضب حالة شعورية طبيعة تؤدي الى التوازن إذا تم التعبير عنه بطريقة صحيحة، ومن الضروري الغضب في بعض الحالات للتعبير عن رفض طريقة تعامل أو تجاوز الآخرين حدودهم معنا أو في حالة أحدهم يسلبنا حق من حقوقنا، فاظهار الغضب والدفاع عن الحق ضروري لرسم الحدود مع الآخرين للحفاظ على علاقات صحية وأيضا الحفاظ على نفسية الفرد سليمة.
فإذا شعر الإنسان بالغضب من مسألة بسيطة وكتم الشعور ولم يعبر عن شعوره تولّدت مشكلة وهي عند تكرار الموقف ولم يعبر عنه وتكرر لمرة ثالثة ورابعة وهكذا، في كل تلك الحالات تركت ندب سوداء في القلب في الروح في النفس وفي العقل وتولدت الكراهية بنسب محتملة قد تزداد.
أما في حالة تم التعبير عن الموقف الأول الذي تعرض له وأظهر غضبه بنسبة بسيطة بوقت بسيط قد يكون ارتفاع الصوت والتعبير عما بداخله، فكل ما اكتسبه من الخارج من شحنات سالبة تم تفريغها للخارج، فاصبح عقل وقلب الإنسان مستعدا لاستقبال الأمور الإيجابية لانه خالي تماما من السلبيات بدلاً من أن يتم خزن السلبيات وامتلائها بالسلبية فلا مجال لاستقبال شيء جديد، والشعور السلبي يكلف وقتا وحزنا وأفكارا سلبية، وحديث قد يتخلله الشيطان لأنه غضب لكنه مكبوت قد يتفاقم لأسوأ النتائج.
وفي حالة التفريغ ستمحى الندبة السوداء بلا أثر تماما ولا وجود للكراهية ويتم استعادة أو الحفاظ على الطاقة.
قال رسول الله، صلى الله عليه وآله: “ان الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم”.
انواع الغضب:
1- الأول إنسان يؤذي نفسه فقط:
في هذه الحالة غضب الإنسان داخلي فموقف بسيط على موقف آخر ولا يعبّر عن سبب استيائه في كل موقف يغضب فيه، حينها تتجمع كل المواقف السابقة وكل الغضب يزداد، فيصبح أقوى ويكتمه، وفي لحظة قد يثار غضبه بشكل هستيري يكون للمقابل جنون ويعتبره لا شيء يدعو للغضب لكن الشخص المقابل لا يعلم ما مرّ به الشخص الغاضب على مدى فترات أشهر، وقد تكون سنوات، لأن الحديث بداخله أستمر في صراع وهذا ما يجعله في حالة عاطفية أقرب للبكاء حتى لو كان على كوب قهوة لم يكن على مرامه.
لتلافي الغضب أسباب تربوية من الطفولة لذلك يجب التركيز على الطفل و السماح له بالتعبير عن مشاعره
فهذا النوع يغضب أشد أنواع الغضب لكنه داخلي يحرق نفسه بنفسه، فيكون أشبه ببركان ينفجر عند أول نقطة مناسبة ويدمر كل ما حوله، لكنه لا يؤذي شخصاً آخر، كضرب، أو تكسير كل ما هو مادي أمامه أو ينعزل أو يصل حالة البكاء فالضرر للشخص نفسه لا غيره. وفي هذه النتائج تخفف عنه فقط.
وتوجد حالات أخرى، فقد يؤذي الشخص نفسه؛ مثلا يجرح نفسه أويضرب بقبضة يده على جدار، أو أي شيء آخر، وأحيانا يضرب الرأس وهذا أذى نفسي وجسدي بالإضافة للأذى من المؤثر الخارجي، لان هذا رد الفعل لا يغير شيئا من الواقع، ولا يجعل من الشخص الذي تجاوز حدوده يعتذر أو يغير طريقة تفكيره بشكل صحيح ولا يجعله يغير مساره بشكل سليم.
ويعبّر الشخص عن غضبه بهذه الطريقة لأسباب منها: صفات الشخص نفسه لا يستطيع التعبير عن نفسه، وذلك ناشئ من أسباب تربوية في اطار الأهل او المجتمع، فقد لا يسمح الأهل له في طفولته للتعبير بحرية عن أفكاره، أو إنه يتعرض باستمرار للغضب من قبل الأهل، من قبيل العنف، والصخب، والتنمر، والانتقاد الذي يواجهه من قبل الأهل بالدرجة الأولى، لأن الوالدان هما الظرف البيئي الأول التي احتضنته كما تحتضن التربة البذور، وهذا النوع هو ضحية النوع الثاني.
2- النوع الثاني: إنسان يؤذي الناس عندما يغضب:
أقرب مثال على هذا النوع الوالدين بعضهم يفرغ غضبه على الأطفال على اختلاف أعمارهم، فمجرد أن ينزعج أحدهم يفرغ غضبه على الابناء بتأنيبهم، أو رفع الصوت أو ممكن يصل للضرب مع إنهم يتحملون قساوتهم الناتجة من تأثير أشخاص آخرين، أو ظروف أخرى وهم لا ذنب لهم بذلك بريئين ينتظرون العطف، اللطف، الرحمة، بينما يقعون بفخ الغضب وهذا ما يسبب نتائج لا تحمد عقباها ولا مجال لذكرها الآن.
فهنا الإنسان يغضب لأسباب مواجهة، أو حالات طارئة يجتمع الغضب في أوج قمته حالة فجائية غير متوقعة، وتصدر عنه أقوال وأفعال غير حكيمة، بدليل بمجرد أن ينتهي الغضب ويبدأ بمراجعة نفسه يشعر بالندم الشديد، وقد تكون من تلك الأسباب سلب حقوق ومواقف حياتية كثيرة.
ولأن الغضب نتائجه لا تُحمد ولا يمكن أن تتوقع الى أي مدى تصل وقد تزرع من خلال الغضب الفتنة بين الناس، وهذا ما يفرح الشيطان فهو ينزغ بينهم ويسعى للتفريق بينهم وكل ما من شأنه زرع السوء والشر بين الناس، فالغضب أحد وجوه الشيطان التي يستدرجهم بها، فعل الإنسان أن يكون على وعي كافٍ بأن لا يتبع خطوات الشيطان التي تؤدي به الى التهلكة لانه عدو مبين، فإنه بحكم الغضب الشديد يصبح الإنسان آلة متحركة بيد الشيطان وكل ما ينطق به هو من الشيطان فهذا مسلك الشيطان وفرحه حيث يوقع بينهم العداوة والبغضاء.
وهنا يصبح تحكّم الشيطان أقوى وأسرع لإنه يجري مجرى الدم، والجدير بالذكر إن النوع الثاني يكون غاضبا على النوع الأول الذي بدوره يكون ضحية له ويسبب في غضبه.
لتلافي الغضب أسباب تربوية من الطفولة لذلك يجب التركيز على السماح له بالتعبير عن مشاعره مثلا بالمواقف التي يسلك فها سلوكا عصبيا علينا أن لا نحاسبه ونمعنه من ذلك السلوك، لأن هذا يؤدي به الى الكتم وعندما يكبر يصبح كتلة من عقد نفسية ومعاناة.
فعلينا أن نفهم أسباب السلوك وهو الشعور لماذا تعامل بقسوة مع أحد أخوته لو فهمنا شعوره بالغيرة وتعاملنا مع الأمر بشكل صحيح يزول السلوك الخاطئ، وهنا تكن التربية صحيحة
على الإنسان أن يتذكر إن الشيطان يتسلح بالاستدراج فعليه أن يغلق جميع الأبواب التي تعكس صوره ومنها الغضب
فعندما يتم احتوائه واحتضان أفكاره وشعوره والتعامل معه على هذا الأساس على المربي توجيه طاقة الغضب بشكل صحيح، فعندما لا يتم تفهم الطفل وتوجيهه ومساعدته على توظيف طاقة الغضب بشكل صحيح، يصبح الطفل عدوانيا ويوجه الغضب بشكل خاطئ كما أشرت سابقا يعاني من عقده النفسية التي لا يستطيع التعامل معها بسهولة، فغالبا ما نرى مواقف بسيطة على مراحل تقدم العمر لدى الإنسان قد يتعدى إنسان على آخر كلامياً، أو قد يصل للضرب وهكذا وصور كثيرة للغضب بشعة بشكل يرضي الشيطان نراها في الشارع في مكان العمل وفي كل مكان.
فالغضب يجعل الشخص غير مستقر وتصرفاته عشوائية بحيث يصبح الآخرين على مسافة منه لتلافي الشر، فإن الغاضب باستمرار قد يقلب الطاولة على الآخرين في لحظة يسودها الصمت والصفاء لمجرد إن شيئاً بسيطاً لا يأتي موازياً لتوقعاته.
وعلى الإنسان أن يتذكر إن الشيطان يتسلح بالاستدراج فعليه أن يغلق جميع الأبواب التي تعكس صوره ومنها الغضب.