لا ضير من ان يعمل الانسان على اظهار نفسه بمستوى اجتماعي لائق، بل يجب ان يعمل كل انسان على ذاته بما يزينها، ومن اجل هذه الصورة يسلك جميع الطرق السليمة، لكنّ بعضهم يتحول الى هوس بالمكانة الاجتماعية وخوف شديد من النيل من هذه المرتبة من قبل الاخرين، فالى اين يتجه هذا الخوف بالانسان(تهديد المرتبة الاجتماعية)؟
وكيف يمكن التعامل معه بحكمه لئلا يتحول الى مرض نفسي مزعج لصاحبه وللمحيط الاجتماعي من حوله؟
يشير مصطلح تهديد المرتبة الاجتماعية الى: “القلق الذي نشعر به عندما نواجه شخصا نعتبره في مستوى أعلى من أنفسنا، لاسيما إذا كان لديه بعض السلطة في حياتنا، مما قد يؤدي إلى إطلاق نظام التهديد الخاص بنا، وهو ما يدفعنا سواء للمواجهة أو الهروب أو الجمود، ناهيك عن سيطرة الأفكار المخيفة علينا، اذ يمثل تهديد المرتبة الاجتماعية نوع من انواع القلق وهو القلق الاجتماعي والاكتئاب والميل نحو التفكير النقدي الذاتي ويمكن أن تساهم تجارب الصدمات الاجتماعية مثل الإقصاء أو الخجل في تفاقم هذه الحالة”.
مثال واقعي توضيحي:
احدهم يسير على خطى والده في خطاه الاجتماعية لكون لا يمتلك شخصية مستقلة فيحاول تقليد كل ما لدى ابيه، ويحاول استغلال اية مناسبة ليقول للاخرين اني موجود هنا، فيتحدث تارة بصوت عالٍ للفت الانتباه، وتارة يبادر بتقديم نوع من الضيافة وغير ذلك من سلوكيات الاستعراض التي يعتقد انها تمنحه فرصةً للمقبولية الاجتاعية.
اول يعتقد الفرد الذي يهمه المرتبة الاجتماعية الى حد المرض، انه اقل كفاءة من الاخرين وهو غير مؤهل ليكون معهم في نفس المرتبة، فيحاول ان لا يجمعه بهم طاولة طعام او حتى الاشراك معهم في حديث ما
وهو يحاول ان يسلك سلوكيات تفوق كل السلوكيات التي يسلكها الاخرين في ذات المناسبة لشعوره بأن وجود من يسلك نفس سلوكه يهدد مرتبته الاجتماعية وقد يتغلب عليه، وفي الحقيقة ما هذا إلا وَهمٌ ومرض اجتماعي خطير ذو اصولية نفسية مزعجة وهو ما يستدعي الوقوف على اسبابها ومن ثم محاولة وصف العلاجات الناجعة لها، بأعتبارها من الامراض الاجتماعية التي اصبحت من الظواهر الاجتماعية الغير مريحة.
ما هي الاثار السلبية لهذه التهديد؟
من اكثر العائدات السلبية على الانسان المصاب بهذا التهديد واكثرها فاعلية وايذاءً له هي :
اول يعتقد الفرد الذي يهمه المرتبة الاجتماعية الى حد المرض، انه اقل كفاءة من الاخرين وهو غير مؤهل ليكون معهم في نفس المرتبة، فيحاول ان لا يجمعه بهم طاولة طعام او حتى الاشراك معهم في حديث ما، هذا الشعور يؤدي لتشويه صورته الذاتية وإغلاق الأبواب أمام الفرص لكون الانسان هو من يعطي نفسه قيمة وهو من ينتزعها عن ذاته.
ومن العائدات السلبية لهذه الحالة النفسية هو سعي الانسان الى ان يكون مثالياً اكثر من اللازم، اذ ان هؤلاء الأشخاص الذين يطمحون لتحقيق الكمال يضغطون على أنفسهم كثيراً، وبما أنهم يتطلعون دائما إلى المثالية، فإن ذلك يجعلهم يشعرون أن المهام التي يقومون بها غير مكتملة أو غير مرضية بالنسبة لمن يرون انهم اعلى منهم في المراتب، وبالتالي يدخلون انفسهم في تخبط وعشوائية كبيرة في اغلب سلوكياتهم الحياتية مما يعرضهم الى الانتقاد من الناس.
وثالث العائدات السلبية هي ان الفرد الذي تهدده المرتبة الاجتماعية يكون دائم القلق وبشكل مفرط، سيما عند تواجده مع اشخاص ذوي مراتب اجتماعية عالية، مما يؤدي الى تدني احترام الذات والاكتئاب والقلق الاجتماعي إلى تفاقم آثار مما يفاقم المشكلة.
من الاهمية بمكان ان لا يغفل الانسان لحقيقة كونه كما اقرانه لديهم من نقاط القوة والضعف وما يجب هو العمل على تقوية الجيد وتصحيح الضعيف منها
كيف تواجه هذه المشكلة؟
في سبيل مواجهة خطر تهديد المرتبة الاجتماعية على الانسان ان يعتد بذاته ويحترمها ويفكر فيها ايجابياً، لكون ذلك سيمنحه مناعة نفسية للتغلب على هذه الحالة المرضية المزعجة والتغلب عليها وعلى آثارها.
ومن الاهمية بمكان ان لا يغفل الانسان لحقيقة كونه كما اقرانه لديهم من نقاط القوة والضعف وما يجب هو العمل على تقوية الجيد وتصحيح الضعيف منها، بدلاً من الاستخفاف بها لصالح شخصيات قد تكون ذات مجد وهمي يطبل لها الساذجون ويرفع من قيمتها المتملّقون والمنافقون. كما ان سعي الانسان لتطوير نفسه ومهاراته كافة ومنها مهاراته الاجتماعية بما يرضي الله ومن دون ان يجهد نفسه في السعي للظهور بكعب عالٍ هو من يجعله موفقاً وذو مكانة حقيقية وهذا الذي يجب ان يشغل الانسان وليس اي شيء آخر.