صاحبتْ ولادة رسول الله، صلى الله عليه وآله، في عام الفيل (٦٢٢م) الخوارق والمعجزات التي أثارت علامات الدهشة والتعجب واستغراب الناس، وهي كما ذكرها أهل سير والتراجم:
أولا: أنه ولد مختونا مقطوع السرة
ثانيا: خرج نور معه أضاء مساحة واسعة من الجزيرة العربية بحسب شهادة أم عثمان بن العاص وام عبد الرحمن بن عوف اللتين بانتا عند أم النبي الله ليلة الولادة فقد قالتا: رأينا نوراً حين الولادة أضاء لنا ما هو بين المشرق والمغرب.
ثالثا: خمود نار فارس: وهي النار التي لم تخمد منذ ألف عام، وكانت هذه النار تعبد من دون الله.
رابعا: جفت بحيرة ساوه
خامساً: عند ولادته سقط من بطن أمه ساجدا على الأرض وتقول أمه: أن ابني سقط من بطني فاتقى الأرض بيده ثم رفع رأسه إلى السماء.
سادساً: تساقطت الأصنام في الكعبة على وجوهها
سابعا: انكسر إيوان كسرى ملك الفرس.
ثامنا: لم يبق سرير من ملوك الدنيا إلا وأصبح منكوساً
تاسعا: انتزع علم الكهنة.
عاشرا: إبطال سحر السحرة.
حادي عشر: حجب إبليس عن السموات السبع، وكان من قبل محجوبا لحد السماء الرابعة. (أعيان الشيعة ج: ١ / ٢١٨).
نسبه من سلالة الأنبياء،كان رسول الله له أفضل الناس نسبا، فهو من أولاد الأنبياء ومن نسل تلك النفوس المؤمنة، فإن جميع الأنبياء والأوصياء أفضل الناس نسباً وشرفًا، من هذه السلالة كان رسول الله ، صلى الله عليه وآله، ويقول في ذلك: “ما افترق الناس فرقتين إلا جعلني الله في خيرهما، فأخرجت من بين أبوين فلم يصبني شيء من عهر الجاهلية، وخرجت من نكاح ولم أخرج من سفاح من لدن آدم حتى انتهيت إلى أبي وأمي فأنا خيركم نسبا وخيركم أبا”. (الدر المنثور ج: ٣، ص: ٢٩٤).
ويشهد بذلك النسب الطاهر القرآن الكريم لقوله تعالى: {الَّذِي يَرىك حِينَ تَقُومُ وتقلبك في الساجدين}. (سورة الشعراء، الآية: ۲۱۸)، فهي تدل باتفاق المفسرين على كون آبائه من الساجدين الطاهرين، وقد اختار الله سبحانه وتعالى نبيه من بين خلقه واصطفاه يقول له: “إن الله عز وجل خلق السموات سبعا فاختار العلي منها فأسكنها من شاء من خلقه، ثم خلق الخلق فاختار من الخلق بني آدم واختار من بني آدم العرب، واختار من العرب مضر واختار من مضر قريش واختار من قريش بني هاشم واختارني من بني هاشم”. (السيرة النبوية لابن هشام، ج١، ص: ٤٠).
تفتخر الأمة الإسلامية والأجيال المتعاقبة بقداسة هذه الذكرى الخالدة، لأنها تضم مفاخر الرسول الأعظم محمد بن عبد الله، صلى الله عليه وآله، منهم بمعجزة تثبت رسالته للناس، ومنذ أن أشرقت الأرض بنوره، صلى الله عليه وآله، صار مبلغا عن ربه، داعيا إليه، حاميا لتلك الدعوة والحرية الداعين، مدافعا عنهم.
الحضارة المادية المعاصرة أوصلت الإنسان إلى حافة الدمار لأنها لا تحمل في طياتها المضمون الانساني والهدف الحقيقي للكائن الحي: {وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ}
فالنبي، صلى الله عليه وآله، علّم الناس التوحيد الله، والرسالة هي وحدة وجوده الى خلقه لهم وحدانية الخالق، وقد أصبح حاكما لتلك الأمة الإسلامية وقائد حربها ومفتيها وقاضيها ومنظّم جميع الصلات والروابط فيها، أقام العدل في ذلك كله وألّف بين الأمم والطوائف ما كان العقل يسيغ امكان التآلف بينها.
لقد تصدّى النبي، صلى الله عليه وآله، لتحرير العقلية الإنسانية التي جبلت على العبودية والظلم والجهل، فامتلك قلوب الملايين من البشر بسماحته وصدقه وأمانته وشجاعته مع ثقته المطلقة في ربه وفي رسالته، أنه محمد الرجل والمحارب والمصلح وملاذ اليتامى والأرامل وحامي العبيد ومحرر النساء، وقد قضى على الأزلام والأنصاب والأديان والأفكار والمعتقدات الباطلة.
صبر الرسول الكريم وتجلّد حتى نال الظفر، خاض معركة الحياة الصحيحة في وجه الجهل والهمجية، مصرا على مبدئه، ومازال يحارب الطغاة حتى انتهى به المطاف الى النصر المبين، فأصبحت شريعته أكمل الشرائع وهو فوق عظماء التاريخ.
واليوم حيث يطل القرن الخامس عشر على ميلاده الشريف المبارك، فتتحول الدنيا إلى مهرجان احتفالاً بهذه المناسبة، نحن نعرف بأن أشخاصاً عظماء زاروا الحياة فترة، وعملوا ما عملوا وأنجزوا أعمالاً ضخمة، لكنهم نتيجة قدم الزمن، ومرور الأيام والعصور تحولوا إلى فسيفساء جميلة تزين جدار التاريخ، وتحوّلوا إلى مواد أثرية أو أساطير مدونة في الكتب التاريخية مثل الإسكندر المقدوني المعروف بذي القرنين، أو سقراط وأفلاطون ونابليون، وغاليلو وكوبرينك ونيوتن وأديسون وانشتاين، وغيرهم من العلماء والمخترعين والملوك والفاتحين إلا أن محمداً، صلى الله عليه وآله، الوحيد الذي يشارك الناس في حياتهم اليومية، ويحتل هذا الذكر الخالد والمعاصرة اليومية لحياة المجتمعات الحديثة، إنه جزء محسوس من حياة المسلم العادية فتراه يصبح على ذكر محمد، صلى الله عليه وآله، ويمسي على ذكره، ويلهج بذكره.
إنه الإنسان الوحيد الذي يعيش في كل زمان وفي كل مكان، لا تخلو أرض من ذكره ولا تخلو لحظة واحدة عمن تلهج شفتاه باسمه المبارك، هل هناك سر؟ وهل أن محمداً، صلى الله عليه وآله.
لا زال حياً بفعل الأمر الذي صنعه للحياة، وبفضل الشيء الذي قدمه للإنسان؟ و يا ترى ما هو؟ وماذا عمل النبي محمد، صلى الله عليه وآله، حتى يستحق كل هذا المجد والخلود؟ وماذا قدم ولا زال لأفراد البشرية حتى يتطلب من الإنسان أن يذكره كل يوم ويستحضر شخصيته في عبادته وتوجهه لاستقبال كل يوم جديد؟
الجواب: نحن الآن في عصر الصاروخ والكهرباء وفي عصر العقول الإلكترونية والنظريات العلمية الحديثة، أي أن الإنسان سد حاجاته المادية تقريباً، واكتفى من الناحية التكنولوجية والآليات الميكانيكية، ويعيش من ناحية الوسائل وطرق الرفاه والمواصلات الحديثة في أرقى المستويات، ولكن هذه الوسائل والتقنية لبت حاجات الإنسان الجسدية فقط، أما الحاجات النفسية والروحية فلا زالت بحاجة إلى إشباع، ولم تتمكن الحضارة الحديثة بما أوتيت من وسائل وقوة أن تسد هذه الحاجات.
لقد تصدّى النبي، صلى الله عليه وآله، لتحرير العقلية الإنسانية التي جُبلت على العبودية والظلم والجهل، فامتلك قلوب الملايين من البشر بسماحته وصدقه وأمانته وشجاعته مع ثقته المطلقة في ربه وفي رسالته
فالحضارة المادية المعاصرة أوصلت الإنسان إلى حافة الدمار لأنها لا تحمل في طياتها المضمون الانساني والهدف الحقيقي للكائن الحي: {وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ}. (سورة الأعراف، ص: ١٥٧).
إن أعظم مهمة في رسالة النبي هي: تحرير الإنسان تحرير الإنسان من القيود التي تبعده عن الحق، تحرير الإنسان من الأغلال النفسية (الجبت) والأغلال الاجتماعية والسياسية (الطاغوت)، فشرط الإيمان برسالة النبي محمد، صلى الله عليه وآله، الكفر بالجبت والطاغوت أي رفض القيود والاغلال.
فتبارك إلى الأمة الإسلامية هذا الميلاد العطر إعادة الله على أمة المصطفى محمد ص وآله با البركات والانتصارات على كل الصعد وفي شتى الميادين.