الأخبار

دراسة: التصاق الآباء أمام شاشات هواتفهم يعيق نمو اللغة لدى أطفالهم

الهدى – متابعات .

كشفت نتائج دراسة حديثة أُجريت في إستونيا، ونُشرت يوم الخميس الماضي، في المجلة الأكاديمية “Frontiers in Developmental Psychology”، عن تأثير سلبي خطير جديد، ناتج عن استخدتم الآباء لهواتفهم الذكية، بخلاف أنه مجرد “سلوك سيء” من جانبهم.
وخلصت الدراسة، أن التصاق الآباء أمام شاشات هواتفهم يؤدي إلى إعاقة نمو اللغة لدى أطفالهم، وذلك نتيجة عدم تحدثهم معهم.
ووفقا لمسح أُجري على آباء 421 طفلا إستونيا، تتراوح أعمارهم بين عامين ونصف و4 أعوام، فإن الآباء الذين استخدموا الشاشات أكثر لديهم أطفال يستخدمون الشاشات أكثر، وكان لدى هؤلاء الأطفال قدرة أقل في قواعد ومفردات اللغة.
وأكدت الدراسة في مضمونها، على أن التفاعلات اللفظية مع الآباء، هي إحدى الطرق الحاسمة التي يتعلم بها الأطفال اللغة.
كما توصلت الدراسة إلى أن مشاهدة الأطفال للشاشات مع والديهم، لا تساعدهم على تحسين مهاراتهم اللغوية، وهو الاستنتاج الذي يدعم أبحاثا أخرى، تشير إلى أن الأطفال الأصغر سنا لا يتعلمون جيدا من خلال الشاشات.
وعلى سبيل المثال، فقد أثبتت دراسة أُجريت، في سبتمبر عام 2013، تعلم أطفال تتراوح أعمارهم بين 24 و30 شهرا، أفعالا جديدة، عندما تم تعليمهم إياها من خلال تفاعل مباشر أو حتى من خلال نقاش عبر الفيديو، ولكن ليس من خلال مشاهدة مقطع فيديو.
ورغم تحذير الخبراء الدائم من التأثير السلبي على الأطفال جراء استخدام الأجهزة الذكية، لكن قلة منهم بحث في تأثير استخدام الأهل المفرط للأجهزة الذكية على أطفالهم، فهل هو سلبي أم إيجابي؟
وترد أخصائية الإرشاد التربوي والأسري نوال أبو سكر على هذا التساؤل بالقول: “حينما يكون استخدام الأجهزة الذكية من قبل المربين معتدلا يكون له تأثير إيجابي على الأبناء، حيث إن المربين قد يبقون على اتصال مع ما تستحدثه تلك الأجهزة، وهذا يعمل على تقليل الفجوة المعرفية الثقافية بين الآباء والأبناء”.
إلا أن الأخصائية نوال تؤكد وجود سلبيات عديدة لإفراط الأهل باستخدام الأجهزة الذكية، خصوصا عند وجودهم مع أطفالهم، وتعدد نوال في حديث لـ”عربي21″ تلك السلبيات:
ومن أهم ما يطور العلاقة بين الأطفال ووالديهم هو التواصل البصري والحسي، لاسيما أن استخدام تلك الأجهزة قد يُبقي على الوجود جسديا لا ذهنيا، مما يؤثر على استجابة الآباء لحاجات أبنائهم، فتبدو العلاقة سطحية ضحلة خالية من المشاعر والعمق اللازم لتوطيد أواصر العلاقة الأبوية، بالإضافة إلى أنه قد لا يفهم الآباء ما يريد الأبناء منهم بحكم انشغالهم بتلك الأجهزة، التي باتت أشبه بالرفيق الذي لا ينفك عن رفيقه.
وقد يكوّن الأبناء صورة عن الوالدين، وهي تلك الأم أو ذلك الأب الذي يعتبر جهازه الإلكتروني من أولوياته في الحياة، من ثم يختلف دوره في التربية فيصبح مقتصرا على تقديم الرعاية الجسدية البسيطة من طعام وشراب ولباس، وهذا بعيد كل البعد عن تقديم النموذج التربوي القيمي المتفاعل المستمع، وبذلك قد يفقد الأبناء الشعور بالأمان، ذلك أن المرجع الحقيقي لهم أصبح منشغلا عنهم وغير مبالٍ باهتماماتهم وحاجاتهم.
وبيعة المرحلة العمرية للأبناء ذات الشغف بالمعرفة والاكتشاف، قد يدفعهم للخوض في أمور تعرضهم للخطر، بينما الآباء منشغلون عنهم في أجهزتهم، بعيدون عن توجيههم ومراقبتهم بشكل غير مباشر.
وختمت حديثها بنصح الآباء “باستخدام الأجهزة الإلكترونية استخداما مقننا، حتى لا يصبح شغلهم الشاغل ويطغى على دورهم الأساسي في التربية والتوجيه ومتابعة الأبناء المستمرة”.
وعدم وجود اهتمام من الوالدين لا يجعل الأطفال يفتقرون إلى المبادرة ويتصرفون بشكل مزاجي فقط، ولكنه قد يضر بالفعل بتطور عقولهم، حيث اكتشف باحثون من جامعة كاليفورنيا أن رعاية الأمهات المجزأة، يمكن أن يكون لها تأثير سلبي على نمو الطفل وأن تكون سببا لاضطرابات عاطفية، وحتى الأشياء البسيطة مثل الرسائل النصية يمكن أن يكون لها تأثير سلبي على المدى الطويل.
ويحتاج الأطفال إلى بيئة مستقرة ويمكن التنبؤ بها لضمان نمو الدماغ، ونقص رعاية الأم نتيجة انشغالها بالهاتف، يمكن أن يزيد من مخاطر تعطل هذا التطور، ويسبب مشاكل نفسية مثل الاكتئاب والسلوك المحفوف بالمخاطر وتعاطي المخدرات.
ويقول علماء النفس، إنه يجب على الآباء وضع حدود على استخدام الهواتف الذكية ليس فقط لأطفالهم ولكن لأنفسهم أيضا، وذكروا أن الأطفال يشعرون “بالحزن والجنون والغضب والوحدة” عندما يفضل آباؤهم هواتفهم عليهم.
وقد يبدأ بعض الأطفال بالتأثر وإظهار علامات خفيفة على العدوان، مثل إتلاف هواتف والديهم للحصول على الاهتمام المطلوب في النهاية.
وقلة الاهتمام بالأطفال يشعرهم بأنهم مستبعدون وليسوا ممتعين بما يكفي ليحبهم والداهم، كما يُفسد احترامهم لذاتهم ويسبب لهم مشاكل سلوكية، كما أنه يزيد من سوء جودة الأبوة ويقلل من احتياجات الطفل، مما يتسبب في توتر لا لزوم له.

عن المؤلف

هيأة التحرير

اترك تعليقا