أسوة حسنة

الإمام الحسن العسكري وسياسة الكتمان

جده الإمام الجواد الله

أبوه: الإمام علي الهادي السلام .

أمه: سليل

أخوته : محمد الحسين، جعفر.

ولادته: ولد في المدينة في الثامن من ربيع الآخر سنة ٢٣٢هـ.

صفته: أسمر، أعين حسن القامة، جميل الوجه، جيد البدن، له جلالة وهيبة .

كنيته: أبو محمد .

ألقابه: الزكي الهادي العسكري التقي الخالص، السراج، الصامت، الرفيق، المرضي .

نقش خاتمه : سبحان من له مقاليد السماوات والأرض.

مجيئه إلى سر من رأى: جاء مع أبيه الإمام الهادي له، وبقي بها حتى استشهاده.

زوجته: نرجس، أو مليكة بنت يشوعا بن قيصر – ملك الروم – وأمها من ولد الحواريين، تنسب إلى وصي المسيح شمعون، ويكفي في جلالتها أنها كانت المفزع للشيعة في أخذ الاحكام أيام المحنة .

 كافأ الله الحكام الظالمين شر مكافأة على تتبعهم الأئمة الله قتلا ومينا وتشريداً، فقد حرموا بذلك الأمة الإسلامية جمعاء من فيوضات كثيرة وعلوم جمل لم يجد الأئمة الفرصة لنشرها وبيانها .

والجدير بالذكر أن هؤلاء الحكام كانوا يعلمون بانصراف الأئمة إلى نشر العلم، ورفع ألوية الدِين، والسهر على تفقيه الأمة، والإعراض عن الملاك والسلطان، ومع ذلك عاملوهم بأشد ما يكون من القساوة، ولعل سبب ذلك هو بود هؤلاء الحكام عن الدين، فالكل يعلم سيرتهم المستهجنة، واغماسهم في الميوعة المحرمة، واقترافهم الآثام وقتلهم الأبرياء، وقد بلغ الأمر ببعضهم إلى إنكار التوحيد والحشر.

وربما كان الدافع لاضطهاد الأئمة هو حقدهم وعداوتهم، لانتشار فضائلهم بين الناس، كما أن حديث سيرهم وعبادتهم، وأخلاقهم وهوى المسلمين إليهم، يزيد من هذا الحقد والعداوة، ويدفع هؤلاء الظالمين للتشكيك بالأئمة .

لقد عاجلوهم بالمنية وهم في ريعان الصبا، وزهرة العمر، فالإمام العسكري قضى وعمره تسع وعشرون سنة، وأبوه الإمام الهادي قضى وعمره أربعون سنة، وجده الإمام الجواد قضى وعمره خمس وعشرون سنة.

كما أبوا عليهم – من قبل – مجاورة جدهم الرسول الأعظم في مدينته، جعجعوا بهم في البلدان والأمصار، ولولا ذلك لما فارقوا مدينة جدهم ولكانت هي مدفنهم، ومنها محشرهم.

الحكام كانوا يعلمون بانصراف الأئمة إلى نشر العلم، ورفع ألوية الدِين، والسهر على تفقيه الأمة، والإعراض عن الملاك والسلطان، ومع ذلك عاملوهم بأشد ما يكون من القساوة

فلولا هؤلاء الحكام لما شهد الإمام الهادي، والإمام العسكري مدينة سامراء، فضلاً عن السكنى بها أكثر من ربع قرن، وليتهم اكتفوا منهما بالإقامة هناك بعيدين عن مدينتهم وأهليهم، فقد ضيفوا عليهما غاية التضييق، حتى قضيا، صلوات الله عليهما، فترة من حياتهما في زنزانات السجون، وإلى الآن تعرف السجون التي عاشا بها

من إحسان وكرم الامام العسكري

قال محمد الشاكري كان قليل الأكل، كان يحضره التين والعنب والخوخ وما شاكله، فيأكل منه الواحدة والاثنين ويقول: شل هذا يا محمد إلى صبيانك .

فأقول : هذا كله؟

فيقول : خذه.

قال محمد الشاكري: ما رأيت قط أسدى منه. (بحار الانوار ١٥٨/٢).

–  أعطى إلى علي بن زيد بن علي بن الحسين بن زيد بن علي مائتي

دينار وقال: اصرفها في ثمن جارية .

 –  بعث إلى عمرو بن أبي مسلم خمسين ديناراً؛ وقال: إشتر بهذا جارية.

–  أعطى ل أحمد بن صالح الكوفي ثلاثة آلاف درهم.

أمر أن يُعق عن ولده الإمام المهدي ثلثمائة شاة.

إن اهم الأساليب التي اتخذها الإمام في مواجهة التحديات وحكام الحور هي سياسية الكتمان والسرية المنهج الأصوب إلى تربية شيعته ومواليه.

كان الإمام العسكري، عليه السلام بهذا التصرف الحكيم قد حمى نفسه الشريفة، وحمى هذا المؤمن الموالي له، لأن الظروف كانت لا تسمح بالعمل المكشوف، والأمر يحتاج إلى تقية وحكمة وحنكة في كل التصرفات لحفظ الجميع، وكان الإمام الحسن العسكري عليه السلام، هو المبادر إلى ابتكارأساليب جديدة فيه إيصال أوامره ووصاياه إلى وكلايه وثقاته.

و تفيدنا الروايات والنصوص وغيرها ان الظروف الصعبة والقاهرة التي عاشها الإمام، عليه السلام، وأصحابه هي التي ألجأته إلى اتخاذ السرية والكتمان الشديد في تعامله مع قواعده الشعبية، وبالتالي فهي الطريق الأصوب إلى تربية شيعته ومواليه وتهيئة قواعده لعصر الغيبة الصغرى والتي سوف يتم اتصال الشيعة خلالها بالامام المهدي، عجل الله فرجه، عن طريق وكيل له، حيث لا يتسير الاتصال المباشر به ولا يكون الإلتقاء به ممكنا وعمليا، وذلك لما كانت السلطة العباسية قد فرضت رقابة شديدة على الشيعة لمعرفة محل اختفاء الإمام المهدي عجل الله فرجه.

وفعلا استطاع الإمام الحسن العسكري، عليه السلام، الشاب الساكن في مدينة كالمدن، ومجتمع له صبغته الخاصة وتكوينه المميز من حيث العصر والحياة كلها، والمراقب في كل شيء أن يقوم بتلك المهام العويصة تجاه الأمة وقائدها، والشيعة وأمامها، وهكذا خطط الإمام العسكري، عليه السلام ليبقى أمر الإمام المهدي، عجل الله فرجه، بعيدا عن الأنظار كما ولد خفية، ولم يطلع عليه إلا الخواص، او اخص الخواص من شيعته ومحبيه الذين أراد الإمام العسكري، عليه السلام، أن يقر عيونهم برؤيته تارة وبولادته أخرى، فكان يعطي كل منهم قدر طاقته وحاجته.

اخيرا اقول: كل ذلك وهذا الوضوح يأتي إليك من يشكك بالامام المهدي عجل الله فرجه، وبعضهم ينكره ويؤمن بالمسيح الذي سيأتي في آخر الزمان ليصلح ما فسد منه، أو يقول: إنه لم يلد، أو انه من ولد الامام الحسن المجتبى عليه السلام، وكل ذلك صحيح، لأن المسيح، عليه السلام، سينزل ولكن سيكون تحت قيادة الإمام المهدي عجل الله فرجه، وهل استطاع ان يصلحها أولا المسيح حتى يأتي ليصلحها بعد هذه القرون المتطاولة في الفي والضلال

إن اهم الأساليب التي اتخذها الإمام في مواجهة التحديات وحكام الحور هي سياسية الكتمان والسرية المنهج الأصوب إلى تربية شيعته ومواليه

و المهدي عجل الله فرجه، من السيدة فاطمة الزهراء، من ولديها، سيدا شباب أهل الجنة، ولكن الملاحظ هنا أن الإمام المصلح العالمي الذي هو سر الله الذي اودعه في السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام، يصرح بكلمة منقولة عنه بأنه يتاسى بأمه فاطمة البتول عليها السلام حيث يقول: “في ابنة رسول الله صلى الله عليه وآله، لي أسوة حسنة. إلا يجدر بنا إن نتأسى بها نحن في حياتنا واسرنا ومجتمعاتنا

هكذا كان الإمام العسكري ككل اجداده الكرام مظلوم أشد الظلم من الأمة الظالمة وحكامها من بني العباس الطغاة الظالمين الذين حاولوا اطفاء ذاك النور، واسكات ذاك الصوت الحق، ولكن الفطنة والحنكة التي كان عليها الإمام فوتت عليهم الفرصة دون تحقيق مآربهم، بل التف عليها كلها وحقق رسالته كاملة في الأمة، ولذا لم يتركوه فخافوا على ملكهم فدسوا له السم فقتلوه وهو في الثامنة والعشرين من عمره الشريف، ولكنه ترك للأمة والعالم مخلصها من اشرارها وظلمهم، وباني دولة الحق والعدل الإلهية المنتظرة فيهم في قادم الأيام بإذن الله تعالى اللهم انفعنا بحبه واحشرنا في زمرته بحق محمد المصطفى ص وآله وسلم.

عن المؤلف

أ.د سادسة حلاوي حمود ــ جامعة واسط ــ قسم تاريخ الأندلس والمغرب

اترك تعليقا