مختصون يشبهون العلاقة الزوجية بالفصول الأربعة، ذلك لأنها تمر بحالات برود وحرارة واعتدال ربما طويل او قصير بحسب درجة التفاهم فيما بين الأزواج، ومن الأمور الطبيعية في الحياة الزوجية هي المشاكل، لكن من غير الطبيعي هو الاستمرار بهذه الخلافات وعدم التوصل الى نتيجة مرضية بالنسبة للطرفين.
تشكي بعض النساء من مواعيد عمل ازواجهن وعودتهم الى المنزل في ساعات متأخرة من الليل، ولو بحثنا في أصل المشكلة لوجدنا ان الحل يمكن ان يأتي بالتعاون والتفاهم بين الطرفين، ولنسأل هنا، لماذا يتأخر الزوج في العمل؟
الإجابة بسهولة هي ان التأخر في العودة الى المنزل ربما تأتي من ارتباط الزوج بأكثر من عمل لتأمين حياة كريمة للزوجة والابناء، مما يجبره على تحمل المصاعب والمتاعب خلال ساعات النهار الطويلة والمساء، فغالبا ما يكون المرتب الشهري لا يسد الحاجات الضرورية للعائلة.
هذا في حالة كان البيت الذي تسكن فيه العائلة غير مؤجر، اما إذا كان المنزل إيجار فحدث بلا حرج، في الوقت الذي تزداد فيه المسؤوليات وتتراكم، وعلى الزوج ان يتحملها، وان يكون على ما يرام طوال اليوم وسط هذه الضغوط المعيشية، والمتغيرات الحياتية التي يلهث الافراد الى مجاراتها.
يخبرنا الواقع بقصة من قصصه المثيرة، بأن هنالك زوجة تعاني من تأخر عودة زوجها من العمل والمشكلة نابعة من عدم تناول الأطفال وجبة العشاء الا بوجود الاب، بحيث تجد الام يوميا بحاجة الى تبرير التأخر وإقناع الأولاد بأن تأخر الاب لهذه الأسباب، ولأن أعمارهم صغيرة لا يدركون حجم المسؤولية الملقاة على عاتق الاب.
عجز الام من وظيفة الاقناع اليومي جلها تعلن المواجهة المباشرة مع زوجها، الذي هو الآخر يقع بين نارين، الأولى صعوبة العيش، والثانية صعوبة المشاكل الزوجية الناتجة من تأخره ليلا وعدم اقتناع الأطفال بالحجج المقدمة من قبل الام والنتيجة هي الصدام اليومي او المتقطع.
نموذج المشكلات الاسرية في الوقت الحالي شبيه بشكل كبير الى مشكلة تأخر الزوج المرتبط بالأمور المعيشية وفن إدارة المنزل، اذ يمكن ان نظر اليها على انها مشكلات بسيطة ويمكن حلها بالتفاهم وتقبل الرأي الآخر من قبل الزوج والزوجة، وإن افترضنا وجود مشكلات أكثر تعقيدا فالحلول التي تعجل حلول المشكلات موجودة.
يشير مختصون الى ان الابتسامة او الكلام اللطيف المخفف بنبرة من العاطفة يمكن ان يكون العلاج السحري والإصلاح الحقيقي للخلافات التي تصاحب العلاقات الزوجية
ومن اضرار استمرار المشاكل وتأخر حلولها يتحول المنزل الى ساحة ملغومة قابلة للتفجر بأي لحظة، وعلى الزوجين البحث عن طريق او قناة مشتركة لتفكيك المشاكل او الازمات، وطرح مبادرات قابلة للتطبيق تكون بمثابة النهج او الدستور الذي تسير عليه الحياة الزوجية في الأيام او الشهور او السنوات القادمة.
ربما المشكلات الزوجية تعد من أكثر المشكلات القابلة للحلول بعد تفاهم الزوجين، ويرجع الامر الى ما يتوفر لدى الزوجين من حب يحملانه لبعضهم، وبذلك الحب تكون جميع الحلول قابلة للتطبيق والتنفيذ، فربما بابتسامة يستطيع الزوج ان يغيّر قناعة الزوجة بموضوع معين كان محلَّ خلاف، وتأخذ الأمور بالحلحلة وصولا الى الحلول النهائية.
بينما الاستمرار في المشاكل يمثل سيفا ذا حدين، قد تعتاد الزوجة والزوج على الحياة الجديدة في ظل المشاكل، ويسعى كل منهم الى التكييف مع الوضع الجديد، وبالتالي تأخذ المسافة والفجوة بالاتساع ويصبح لكل واحد منهم كيان منفرد داخل الكيان الكلي للأسرة وهو المنزل.
الابتعاد طويلا بهذا المشوار وعدم التفكير بالحلول يجعل العلاقات الزوجية مهددة بالانقطاع او النهاية، وهنا تكمن الخطورة الفعلية في الاستمرار بالزعل، لذا يحذر المختصين والمهتمين في العلاقات الزوجية من الاستمرار بهذه الحالة، وينصحون بسرعة التوصل الى حلول مقنعة للطرفين الزوج والزوجة.
يشير مختصون الى ان الابتسامة او الكلام اللطيف المخفف بنبرة من العاطفة يمكن ان يكون العلاج السحري والإصلاح الحقيقي للخلافات التي تصاحب العلاقات الزوجية، وهنا يجب ألا نستهين بأبسط الأمور واقلها في نظر الزوج، لكنها كبيرة ومؤثرة بنظر الزوجة التي تنتظر هذه الأساليب والمعاملات من الزوج لتغفر بعض الأخطاء بحقها.
وقد ينتظر الزوج أيضا مبادرة الزوجة أي مبادرة كانت لفظية أو غيرها تهدف إلى تخفيف التوتر ومنع الخلافات من الخروج عن السيطرة، وأظهرت الأبحاث أن نجاح أو فشل استجابة الزوجين لهذه المحاولات يعتبر أحد العوامل الأساسية في تحديد ما إذا كان الزواج من المرجح أن يستمر أم لا.
وهنا لا يمكن تحديد أكثر الطرق نجاعة لحل المشكلات الزوجية، اذ يمكن لكل زوجين ان يصنعا او يبتكرا حلا يتماشى وطبيعة علاقاتهم الزوجية، ولا يمكن التنبؤ بمدى فعالية المحاولات من ذاتها، فبعض الأزواج يستخدمون محاولات مكتوبة بعناية من مختص، ولا تكون فعالة، في حين يحاول آخرون فعل أشياء بسيطة للغاية وتكون فعالة جدا.
لذا تعتبر هذه المحاولات مساحة ابتكار خاصة بين الزوجين وسلاحا سريا، لأنها مصممة خصيصا لهما، وكلما كان الزوجان تربطهما علاقة أقوى وصداقة قريبة، تمكنا من ابتكار محاولات فعالة أكثر، وزاد فهمهما واستجابتهما لمحاولات الطرف الآخر.
وقد تتساءل الآن: كيف يمكن لابتسامة أو كلمة عاطفية واحدة أن تسهم في تهدئة جدال محتدم بين زوجين، وتفكر في أزواج حولك لا يمكن أن تنجح معهم أبدا هذه المحاولات لتهدئة خلافاتهم!
جاءت الشريعة الإسلامية ونهج اهل البيت، عليهم السلام، بقواعد ومعايير تسير عليها الحياة الزوجية، ولنا في سيرة حياة امير المؤمنين والسيدة فاطمة الزهراء صلوات الله عليهم اسوة حسنة، وبموجبها يمكن لحياتنا ان تكون مليئةً بالراحة والمساعدة
والاجابة على هذا السؤال: بأن الفارق بين الأزواج الذين نجحوا في تطبيق محاولات الإصلاح وأولئك الذين لم ينجحوا هو جودة العلاقة والصداقة بين الزوجين ورصيد الحب بينهما.
وليس بعيدا ما جاءت به الشريعة الإسلامية ونهج اهل البيت، عليهم السلام، من قواعد ومعايير تسير عليها الحياة الزوجية، ولنا في سيرة حياة امير المؤمنين والسيدة فاطمة الزهراء صلوات الله عليهم اسوة حسنة، وبموجبها يمكن لحياتنا ان تكون مليئةً بالراحة والمساعدة والتشارك في الأمور الحياتية بالسراء والضراء، وهو ما نتج عنه اسرة مثالية ومتكاملة، في التضحية من اجل احقاق الحق ورفض الظلم، الى جانب ما ادته السيدة زينب من دور بطولي في الحياة الاجتماعية لتكون مثالا يحتذى به لدى النساء.
الخلاصة؛ في حالة أن علاقتك الزوجية ليست في أفضل حالاتها الآن ويغلب عليها السلبية، عليك استخدام محاولات إصلاح رسمية ومتفق عليها بين الزوجين، ويتضمن ذلك استخدام كلمات محددة وفعالة لمنع التصعيد، كما يساعد الطرفين على تلقي الرسائل المتبادلة وتشجعهما على الاستجابة.