يعيش بعض الأطفال جوا مليئاً بالإثارة والقلق وهم في انتظار موعد بدء العام الدراسي الجديد، إذ يعتري بعضهم مخاوفَ من اليوم الأول، أو من الفصل الجديد، فإن بعضهم يعاني قلقا حقيقيا، ومزيجا من مشاعر التوتر والخوف وانعدام الأمان مع التفكير في اقتراب العودة إلى صفوف الدراسة، فكيف تعرف إذا ما كانت مخاوف طفلك طبيعية؟ وكيف يمكنك مساعدته في مواجهة القلق المدرسي؟
خلال هذه الفترة تتكون العديد من علامات القلق لدى الأطفال، ولهذا العديد من الأسباب التي يمكن تشخيصها، وهي لربما تكون من عدم معرفة الظروف المدرسية بالنسبة للطلاب الجُدد الذين انخرطوا في المقاعد الدراسية، وكذلك بالنسبة للناجحين الى مرحلة دراسية أخرى، لا يعرفون طبيعة المادة أولا، ولا اسلوب وطريقة المعلمين او المدرسين ثانيا وهذا بالنسبة للصغار والكبار امر طبيعي جدا.
قد يكون هذا القلق مرتبطا بالانفصال عن أفراد الأسرة، في حين يواجه الأكبر سنا القلق بشأن تكوين الصداقات والمشكلات الدراسية، وعلى الرغم من أن هذه الضغوط تعتبر في الغالب طبيعية وقابلة للتحمل، فإن بعض الأطفال قد يعانون منها بشكل يفوق قدرتهم على التحمل، مما يستدعي التدخل لمساعدتهم.
يمر الطفل مع اقتراب العام الدراسي الجديد بصعوبة في التركيز، الى جاب الإصابة بنوبات من الغضب، حيث تراه يعيش بحالة من التشويش والفوضوية وعدم التركيز بعمل او قضية معينة
تختلف علامات القلق لدى الأطفال، وفقا للمرحلة العمرية ولطبيعة كل طفل، لكن أكثر الأعراض شيوعا هي، تزايد الشكاوى الجسدية من آلام المعدة أو التقيؤ، ويضع المختصون هذه الاعراض ضمن قائمة الأمور الطبيعية التي تتعرض لها بعض الشخصيات التي لديها فوبيا الانخراط في البيئات الجديدة.
ومن العلامات الواضحة على الأطفال عند اقتراب موعد الموسم الدراسي هي تغيّر في أنماط الأكل أو النوم، إذ تجد الطفل غير ملتزم بالمواعيد الطبيعية للأكل والشرب، فبدلا من تناول وجبة الإفطار في الصباح نراه يتأخر كثيرا في النوم، وعدم الالتزام في الوقت المحدد للاستيقاظ وفي النتيجة يحصل التضارب في المواعيد بالنسبة للأكل والنوم.
ويظهر على الطفل علامة أخرى تتمثل بفقدان الاهتمام ببعض الأنشطة المفضلة لديه، بحيث يكون القلق سبب من أسباب ترك اللعب مع الأطفال الآخرين، ويفضل الإبقاء داخل المنزل أكبر قدر ممكن من الوقت، للتفكير والتحضر نفسيا للمرحلة المقبلة، التي يراها من العمليات او المراحل الصعبة التي تواجهه في مقتبل حياته.
ويمر الطفل مع اقتراب العام الدراسي الجديد بصعوبة في التركيز، الى جاب الإصابة بنوبات من الغضب، حيث تراه يعيش بحالة من التشويش والفوضوية وعدم التركيز بعمل او قضية معينة، يحاول ان يفصح عن غضبه لأي غرض او شيء ما، وفي بعض الأحيان تنتابه نوبات الغضب لأسباب في معظمها تافه لا يستحق الغضب او اثارة القلق لدى الاهل.
وتبدو بعض الأعراض أكثر وضوحا كأن يصرح الطفل بعدم رغبته في الذهاب إلى المدرسة، أو يقوم بذلك بالفعل، أو أن تتسارع ضربات القلب ويعاني من الرعشة أو الإسهال مع اقتراب موعد المدرسة، واختفاء تلك الأعراض إذا ما قررت أن يبقى الطفل بالمنزل في ذلك اليوم.
جزء كبير من الأهالي يعانون من هذه الاعراض التي تصيب الأبناء مع اقتراب الموعد الدراسي، ولا يعرفون السبب، يحاولون معرفة المفاتيح التي من خلالها يدخلون الى شخصية الأطفال ويقعون على منابع المشكلة، ويجففونها وفيما يلي بعض النقاط التي تساعد الأطفال على تجاوز الحالة.
كيف نساعد الأطفال على التخلص من القلق المدرسي؟
يعاني أطفال اليوم من معدلات متزايدة من القلق، كما يشير موقع “سايكو سنترال” فبين عامي 2003 و 2016 ارتفعت نسبة القلق بين الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 6 إلى 17 عاما، من 5.5% لتصبح 7.1%، ورغم أن بيئة المدرسة تمثل سببا مهما في احتمال إصابة الطفل بالقلق، ترتفع احتمالية تعرض الطفل للقلق المدرسي مع ارتفاع معدلات القلق لديه بشكل عام، مما يحتاج لدعم الأبوين بطرق منها:
الاستماع للطفل:
إحدى أفضل الطرق لمساعدته هي الاستماع إليه والتحقق من مشاعره، وخلق بيئة مريحة له ليمكنه البوح بشعوره، أحيانا ما يكون هذا هو الاحتياج الحقيقي للطفل، هو التعبير عن مشاعره ووُجود من يستوعبها، دعم الطفل بوجودك وبجمل مثل “أعلم أنك تشعر بالخوف لكنني أثق في أنك تقوم بعمل رائع” أو “أعلم أنك تستطيع القيام بذلك” تكون كافية أحيانا ليتجاوز الطفل مخاوفه.
معرفة أسباب القلق لديه:
وراء القلق الذي ينتابه أسباب مختلفة، مثل التنمر، أو مشكلات في تعامل بعض المعلمين، أو الاختبارات أو علاقات الأقران وصعوبات التحصيل، واكتشاف السبب يساعد كثيرا في حل المشكلة، فلا بأس بالخوف أحيانا الذي قد تكون هذه فرصة مناسبة ليتعلم الطفل أننا جميعا نعاني من الخوف لأسباب مختلفة وأنها فرصة للتعاون في تجاوز هذه المشكلة.
ومن الطرق في التعامل مع قلق الأطفال، هي التأكيد على أنه ليس بمفرده وأن الاهل موجودين لمساعدته، ذلك بدوره يخفف كثيرا من القلق، ومن المهم ايضا أن يثق طفلك في أنك ستدعمه وتساعده لدى العودة إلى الدراسة، ستشعر أنت وطفلك بمزيد من القوة إذا تعاونتما في تجاوز هذا التحدي.
الاستعداد والتخطيط:
يمكن تخفيف الأمر ببعض التخطيط المسبق، إذا كان ما يقلق الطفل هو التواصل مع أقرانه الذين لم يرهم منذ شهور، يمكنك الترتيب للقاء بينهم للعب وإعادة التواصل، وتقوية الروابط بينهم، ليسهل عليه الالتقاء بهم في اليوم الأول من الدراسة، مما سيقلل التوتر والقلق.
ويمكنك أيضا اصطحاب الطفل في جولة إلى المدرسة (خاصة إذا كانت مدرسة جديدة) والتعرف معه على القواعد التي يحتاج لمعرفتها، مما سيقلل التوتر والقلق، وإذا كان الأمر يتعلق بالصعوبات الدراسية، يمكنك دعمه لمزيد من الاستعداد بالمراجعة أو المذاكرة.
وأخيرا التركيز على النوم:
حصول الطفل على قسط كاف من النوم أمر مهم في عملية التحصيل الدراسي والقضاء على حالة القلق والتوتر، واعتياد النوم في المواعيد المناسبة لأيام الدراسة قبل بدئها بفترة يحلُّ جزءا كبيرا من مشكلة عدم تكيفه مع الأيام الأولى، ويساعده في ذلك ممارسة الرياضة خلال ساعات النهار وتقليل وقت الشاشات سيفيد في نوم أعمق ليلا.
من الطرق في التعامل مع قلق الأطفال، هي التأكيد على أنه ليس بمفرده وأن الاهل موجودين لمساعدته، ذلك بدوره يخفف كثيرا من القلق، ومن المهم ايضا أن يثق طفلك في أنك ستدعمه وتساعده لدى العودة إلى الدراسة
الخلاصة: على الاهل الاكثار من الحديث عن إيجابيات المدرسة بصورة عامة، وعن تمنياتهم لو يرجع بهم العمر ويذهبون الى المدارس كما يفعل التلاميذ بعد أيام من الآن، فبالتأكيد هذه الأحاديث تعزز لديهم الرغبة والشوق الى المقاعد الدراسية، وحينها يستبدل القلق والخوف الى الرغبة والانتظار بشغف، وهنا يكونان قد وضعا حلا لهذه الإشكالية دون إشعار الطفل او التلميذ بأنه كان يستمع لمشهد تمثيلي على مدار الأيام الماضية.