البذرة التي تبذرها في ارضك تحتاج الى توفير متطلبات النمو السليم؛ من ارض خصبة، وماء، وعناية، ومراقبة وغير ذلك لكي تضمن نموها وسلامتها، فما حال الابن الذي هو روح الاسرة وعماد المجتمع واحد اركان السعادة في الحياة.
هذا الابن يحتاج الى العاطفة والحنان والاهتمام لكي يتحقّق لديه التوازن النفسي والاستقامة السلوكية، وهذا الذي يُعبر عنه نفسياً بالاشباع العاطفي فماهو؟
وماهي عائداته على الانسان؟
يمكننا تعريف الاشباع العاطفي على انه: تحقيق اكتفاءٍ عاطفي وجداني في شخصية الانسان ونفسيته وروحه، وذلك بإعطائه مجموعة من الشحنات الإيجابية والجرعات المملوءة بالحب والود والحنان عبر قنوات لفظية وأفعال حسية وغير حسية، تمكنه من الإحساس بالراحة والأمن والثقة، وتكسبه اتزاناً نفسياً وسلوكياً ومعرفياً.
ما العكس؟
على عكس الاشباع العاطفي يصاب الابناء بالحرمان العاطفي الذي ينتج عنه اختلالات واضطرابات نفسية سلوكية ومعرفية، مثل الميل الى العزلة، والاحباط، والقلق، والاكتئاب والخوف المرضي والعجز وغيرها من صور المشكلات النفسية التي تقوده عندما يكبر إلى تقمّص سلوكيات غير أخلاقية أو عدوانية إجرامية كالانتحار، والاغتصاب، وتعاطي المخدرات والسرقة وإنشاء علاقات سيئة وغيرها.
الام هي من تعلب الدور الاكبر والاساس في اشباع الطفل عاطفياً عبر محطات الحمل و الرضاعة التي تعتبر من اهم المحطات التي تجعل الارتباط الفطري بين الطفل وأمه قوياً
يتفق العاملون في علم النفس والتربية وعلم الاجتماع ان الانسان يصنع صناعة مما يعني ان معامل الحياة هي من تقدمه بهذه الهيئة او تلك، وواحدة من المواد التي تدخل في صناعة الانسان هي المشاعر التي تُقدم له، سيما في مراحل تنشئته الاولى(البيت)، فما يكتسبه الطفل سيبقى جلّه ملازم له في جميع مراحل العمرية اللاحقة، لذا يجب عدم إغفال اهمية الاشباع العاطفي للابناء ومدهم بكميات مناسبة منه.
الام هي من تعلب الدور الاكبر والاساس في اشباع الطفل عاطفياً عبر محطات الحمل و الرضاعة التي تعتبر من اهم المحطات التي تجعل الارتباط الفطري بين الطفل وأمه قوياً، ومن هنا يجب ان نعي إن الرعاية الوالدية السليمة تساهم بشكل كبير في النمو السليم للطفل وليس الام وحدها من تساهم فيها، لكن بنسب والمسؤولية مشتركة وليس لاحد ان يتنصل منها ومن يفعل ذلك فسيلقى النتائج الغير مرضية مستقبلاً.
ما هي روافد الاشباع العاطفي للابناء؟
لاشباع الابناء (ذكورا وإناثا) عاطفياً هناك عدة روافد يمكن ان توصلهم الى هذا الهدف ومنها:
1-الاستماع والتكلم مع الابناء في اوقات مختلفة ومنحهم فرصة للتعبير عن انفسهم واحتياجاتهم المادية والنفسية وعدم الانتقاص منهم، او التقليل من قيمتهم واشعارهم بقيمتهم والتعبير عن الحب لهم في مناسبات عديدة عبر الكلام او السلوك، وهو ما يجعلهم يرتبطون بوالديهم ارتباطاً روحياً لا نسبياً فقط وبالتالي يتحقق الاشباع العاطفي للابناء.
2- إن مشاركة الوالدان لاهتمامات ابنائهم ومناقشتهم فيها او مشاركتهم العابهم والخروج معهم للاماكن التي يفضلون الذهاب اليها ومشاركتهم الاكل الذي يحبونه، شريطة ان يتم اخبارهم بأنهم يفعلون ذلك من اجلهم وليس امراً عابراً سيجعل الابناء يشعرون بحب الوالدين لهم ويقدمون لهم الشكر والامتنان، وهذا رافداً آخر من روافد الاشباع العاطفي للابناء.
3- من طرق اشباع الابناء عاطفياً هو اكتشاف هواياتهم ومهاراتهم والعمل معهم على تحقيقها لانها بمثابة احلام لهم، بدلاً من كبتها والاستخفاف بها وعدم اعطاءها اهتمام، وهو ما يجعل الابناء يشعرون بتدني احترام الاهل لهم، مما يجعلهم محبطين ومتذمرين على الدوام من تصرفات الاهل معهم، وهذا لا يمنحهم أي اشباع بل يختزل منهم الاستقرار العاطفي.
4- مما يزيد من الاشباع العاطفي للابناء هو اظهار الاعتزاز بهم امام الناس ومناداتهم بالقاب او اسماء فخمة وليس تصغير اسمائهم بهدف التوصل إلى تأثيرها الإيجابي على نفسياتهم وبالتالي يكونون اكثر سعادة وامن نفسي وتوازن.
من طرق اشباع الابناء عاطفياً هو اكتشاف هواياتهم ومهاراتهم والعمل معهم على تحقيقها لانها بمثابة احلام لهم، بدلاً من كبتها والاستخفاف بها وعدم اعطاءها اهتمام
5- يعمل الاحتضان بمعناه التربوي الشامل والذي لا ينحصر حول إشباع الحاجات المادية فقط، بل يكمن في الإشباع العاطفي عبر استعمال أساليب يملؤها الود والعناق والقُبل على زيادة الاشباع وتوثيقه، وهذه اهم السلوكيات التي يمكن ان تجعل الابناء مشبعين عاطفياً والا فلا.