في زمن مضى كان الحرف الساطع الذي يصنعه العقل، يُقمعُ بأكثر من قسوة ويحرق بأعظم من جحيم، يشوّههُ دخان الافتراءات والأكاذيب والتزوير، تغلق عليه بإحكام كلُّ النوافذ، وتوضع أمامه كل أنواع الحواجز لكي لا يخترق العقول فيوقظها، ولا يسكن في النفوس فينهضها.
كانت كلمة الحق تُسجن في زنازين الظلمات لكي لا ترى النور ولا تتوهج في رؤى الحالمين بالحرية والكرامة، وبالخلاص من الظلم والظالمين الذين خيّموا على رقاب البشر واستبدوا بكل ما آتاهم الشيطان من ضلال.
وبعد أن بزغت شمسُ الحرية وانعتقت النفوس من تلك الحقبة الطاغية، توهّج الناسُ وتألقوا، وفتحت النوافذ لتتنفس هواءً نقياً بلا دخان، وبلا أغبرة ولتبحر الكلمات نحو آفاق النور طيوراً لا يصدها شيء صارت الحرية، تفتح ذراعيها لتستقبل المبدعين الحقيقيين والموالين الذين سكن في خلاياهم العشق الحسيني الخالد، الشامخ في كل الفصول والتغيرات السياسية والاجتماعية والاقتصادية، إنه الحسين العظيم الذي أذهل العالم بثباته وتضحياته.
دأبت العديد من المؤسسات والروابط الثقافية والجامعات، والعتبات المقدسة والنقابات والاتحادات في عموم الوطن، وبعض دواوين العشائر أن تقيم مهرجانات شعرية يجسد الشعراء فيها حبهم وولاءهم للحسين، عليه السلام، وقضيته العادلة.
بعد أن بزغت شمسُ الحرية وانعتقت النفوس من تلك الحقبة الطاغية، توهّج الناسُ وتألقوا، وفتحت النوافذ لتتنفس هواءً نقياً بلا دخان، وبلا أغبرة ولتبحر الكلمات نحو آفاق النور طيوراً لا يصدها شيء صارت الحرية
وهذه المهرجانات أخذت تتطور وهي تبث الفكرَ الحسيني وقد أصبحت في اعتقادي ظاهرةً مستمرة وغنية بالإبداع، وصارت متنَفسا للتعبير عما يجول في دواخل الشاعر من أفكار ورؤى وولاء.
ففي بغداد يقيم اتحاد الادباء والكتاب العراقيين مهرجانا للشعر الحسيني يرتقي فيها نخبا من الشعراء المبدعين، وفي شارع المتنبي أيضا هناك مهرجان شعري خاص في ذكرى واقعة الطف الأليمة، وكذلك في فروع اتحاد الادباء في المحافظات والجامعات وغيرها تقام سنوياً المهرجانات الحسينية في الشعر العربي.
ففي كربلاء أول المهرجانات التي أقيمت بعد التغيير كانت في جامعة كربلاء وكنت أحد الشعراء المشاركين فيها ومازالت الجامعة تقيمه سنوياً بكل همة وعزيمة، وكذلك جامعة أهل البيت، عليهم السلام، فقد وصل عددها في هذه السنة الى النسخة التاسعة عشر وأيضا كنت أحد المشاركين في بعضها وكذلك مهرجان كربلاء للشعر الحسيني الذي يقيمه كل عام اتحاد الادباء والكتاب في كربلاء المقدسة.
وقد اقيم هذا العام بنسخته الثامنة، وكذلك العتبات المقدسة التي مازالت تدعم الأدب فيما يخص القضية الحسينية وكل ما يخدم أهل البيت بشكل عام كمهرجان ربيع الشهادة ومهرجان تراتيل سجادية وغيرها من الأنشطة والمؤتمرات العديدة
إضافة الى ذلك المهرجانات المسرحية والسينمائية التي تقام في العراق منها مهرجان دائرة المسرح والسينما ومهرجان السينما في محافظة ميسان تحت عنوان: “ظلال الطف”، ومهرجان الطف للمسرح الحسيني في النجف الأشرف، ومهرجان ينابيع الشهادة للمسرح الحسيني في بابل، وكذلك مهرجان النشاط المدرسي للمسرح الحسيني، اضافةً الى مهرجان الحسيني الصغير لمسرح الطفل للعتبة الحسينية المقدسة.
إنّ إقامة هذه المهرجانات بشكل مستمر يعد ظاهرة حسينية ولائية وهي نعمة الهية من نعم الله الكثيرة
إنّ إقامة هذه المهرجانات بشكل مستمر يعد ظاهرة حسينية ولائية وهي نعمة الهية من نعم الله الكثيرة، قد حفزت كل الاقلام الحرة المبدعة على انجاز النصوص الشعرية والمسرحية والسيناريوهات بكل حرية في التعبير عن رؤى اصيلة مستنبطة من قيم ومبادئ وأبعاد القضية الحسينية، ونهضة الامام الحسين، عليه السلام، وأهدافه السامية بالدفاع عن الدين الاسلامي والتوجه بشكل مبدأي صادق وعن قناعة والشعور بالانتماء الحقيقي لقضية إنسانية عالمية
إن كل نشاط ينتمي الى هذه المدرسة الحسينية المتوهجة إنما هو عبارة عن نهضة ولائية معبِرة عن الفكر الأصيل وعن الانتماء الى مصباح الهدى، والركوب في سفينة النجاة بإيمان ويقين وثبات.
وأن هذه المهرجانات هي مساهمة بسيطة وعطاء لا يرقى أمام عطاء الحسين وتضحياته العظيمة، ولكن تبقى لها الاثر الكبير في توعية الجمهور وهي تشارك في ديمومة القضية وتعظيمها، فتخلق بيئةً ثقافية حسينية ضد ما يأتينا من الخارج من أفكار ومؤامرات لتخريب العقل، وإفساد الشباب بوسائل خبيثة عديدة، فلابد من الحفاظ على هذه المهرجانات وديمومتها وتطويرها لتحقيق الأهداف المنشودة في نشر الوعي والحفاظ على الهوية الايمانية الولائية الملتزمة وهي من مسؤولية كل فرد، كلٌّ من موقعه، وفق الله الجميع لما فيه الخير والصلاح.