يشكو الكثير من المربين من سلوكيات يرونها لا تناسب اعمار اطفالهم، والشكوى تأتي ليس من السلوكيات ذاتها، بل من العجز من التعامل معها وايقافها، ومن هذه السلوكيات هي سلوكية غضب الأطفال في السنوات الاولى من العمر، فلماذا يغضب الطفل؟
وكيف يمكن كبح جماح غضبه والسيطرة عليه دون ان يصاب بالاذى؟
الغضب هو الحالة الشعورية التي تتحكم بالانسان وتخرجه عن حالة السواء وتجعله يفقد تركيزه ويتصرف بدون تفكير، مما يوقعه بأخطاء كبيرة يندم عليها فيما بعد، وينتج الغضب بفعل انزيمات يفرزها الجسم عبر الغددة المنتشرة في انحاء الجسم.
تعد نوبات الغضب من الحالات الشائعة في مرحلة الطفولة، وعادة ما تظهر في نهاية السنة الأولى من العمر، وتكون أكثر شيوعاً عند الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين سنتين إلى أربع سنوات، وعادة ما تصبح نادرة بعد عمر خمس سنوات، وإذا تكررت نوبات الغضب بعد سن الخامسة، فقد تستمر طوال مرحلة الطفولة لانها تختلف عن نوبات الغضب العادية.
علمياً نوبات الغضب التي تحدث للانسان هي امر طبيعي جداً وهي جزء طبيعي من نموه النفسي، لكن غير الطبيعي هو تجاوز الغضب للحدود الطبيعية وما يترتب من أثر في سلوك الطفل، فقد يقوم الطفل تحت وطأة الغضب بجرح يده ، او تكسير الاثات، او الصراخ بطريقة ملفتة أو التحرك بعنف، أو الدحرجة على الأرض، أو القفز، أو رمي الأشياء وغيرها من السلوكيات المؤذية للطفل وللاهل، وهذا الذي يجب ان نوقفه، اقصد ما ينتج من الغضب وليس الغضب بحد ذاته.
يغضب الطفل حين يكون مرهقاً او جائعاً او انه يشعر بالمرض او انه يحتاج الى النوم، ففي حال عدم توفر احدى هذه الحاجات سيخرج عن حالة الاتزان ويبدأ بالغضب
هل يخطط الأطفال للغضب؟
ليس هناك دليل عن ان الأطفال يخططون للغضب لاحراج اهلهم لنيل ما يريدون، بل تحدث نوبات الغضب كوسيلة للانتهاك والتقيد والمنع التي يتعرض له الطفل، وهذا ما يفنّد ادعاء الكثير من المربين حين يقولون ان الطفل يخطط للغضب لاحراج الاهل او ما شاكل ذلك.
لماذا يغضب الطفل؟
يغضب الطفل الصغير لدواعٍ عديدة اهمها:
اكثر ما يدفع الطفل الى الغضب ــ من وجهة نظري ــ هو محاولة منعه من الظفر بالاشياء التي يحبها مثل اكلة يحبها، او منعه من لعبة يمارسها، او منعه من الخروج من المنزل واللعب مع الأطفال الآخرين من هم في سنّه او قريبين منه.
ويغضب الطفل حين يكون مرهقاً او جائعاً او انه يشعر بالمرض او انه يحتاج الى النوم، ففي حال عدم توفر احدى هذه الحاجات سيخرج عن حالة الاتزان ويبدأ بالغضب في محاولة لاشعورية منه للحصول على ما يعيده الى حالة التوازن النفسي.
كما يحدث ان يغضب الطفل حين يتم استفزازه، فمثلا حين يقال له: انه سيُمنع من القيام بأمر محبّب او ان شيئا محببا لديه سيؤخذ منه، على سبيل المثال ان الأطفال لديه طائر حمام في المنزل يحبه كثيراً ويأنس به، فحين يقال له: انه سيؤخذ منه يستشيط غضباً لمنع ما يريدونه، وهذه ردة فعل طبيعي لكونه لا يقوى على المنع باليد.
كيف نواجه غضب الأطفال ؟
ليس هناك امر قاطع وسريع لاطفاء الغضب لدى الطفل بصورة آنية، بل هناك الكثير من السلوكيات التي تروّض الطفل وتحد من غضبه، ومن ابرز هذه السلوكيات ما يلي:
يجب ان يمنح الطفل فرصةً لاختيار ما يريد مع الحرص على ان اختياراته لا تتنافى مع القيم السائدة والاخلاق والمحددات العامة
من الاهمية بمكان ان يحاول الوالدان إفهام الطفل سببَ رفضهما اعطائه بعض ما يطلبه واعلامه بسبب المنع، والابتعاد عن قول: (لا) على كل ما يريد، فعندما تتوفر لديه القناعة سيكف عن الاصرار وبالتالي لا يغضب.
كما يجب ان يمنح الطفل فرصةً لاختيار ما يريد مع الحرص على ان اختياراته لا تتنافى مع القيم السائدة والاخلاق والمحددات العامة التي تسير المجتمع، فالطفل حين يشعر بالاحترام والحرية في الاختيار سيكون طائعاً هادئ الطبع وغير معاند وبالتالي لا يغضب بسهولة.
وحين يريد الوالدان من اطفالهم ان لا يغضبوا عليهم تجنب المواقف التي تؤدي إلى نوبات الغضب، وإن كان القصد هو المزاح معه، فهو لا يفهم معنى المزاح ومن الممكن ان يأخذ الامر على قدر عالٍ من الجد وبالتالي يؤذي نفسه ويؤذيهم. ومن المفيد جداً إبعاد الطفل عن المكان الذي تسبب بإغضابه، وهو ما يعرف بتقنية العزل المؤقت التي تستخدم مع الأطفال الذين يصعب السيطرة على غضبهم، وحين يُعزل الطفل في مكان امن يهدئ تدريجياً ويتبخر غضبه، وبهذه السلوكيات يمكن ان نحدَّ من غضب الطفل لنتجنب آثاره الآنية والمستقبلية.