تتجسد لغة العقل بالخطاب الذي يضمن حقوق كل الأطراف المتنازعة مع تثبيت التقصير من بينها ووضع الحلول لتنفيذ خريطة الاستحقاقات وجميعها تنصهر تحت غاية اسمى واشرف من غاياتنا الشخصية فالمهم العراقيون والعراق والمقدسات، ولازالت هنالك اطراف مجهولة ومعلومة وداخلية وخارجية تسلك طريقا في إعادة الأمور الى ما تعتقده صحيحا، ولربما خطأ، ولربما الاسلوب غير صحيح ولكن بالنتيجة اعمال عنف تؤدي الى سقوط شهداء وجرحى وخسائر مادية مع صورة سلبية عن العراق.
والخطر المحدق بنا القديم الجديد عاد ألا وهم الدواعش والجميع يعلم من يقف وراءهم ويساندهم فاليد الواحدة الآن مطلوبة، ولان الجميع هدفهم الوطن مع قيادة خالية من الفساد فلغة المرجعية الدينية العليا في النجف الاشرف هي لغة العقل، ولغة الطريق الصحيح المؤدي للخروج من كل الازمات.
فالبعض وللاسف الشديد يرفع شعار العلمانية والمدَنية وحقوق الإنسان وعدم تدخل علماء الدين في السياسة والحكم، وعند اول اختبار حقيقي على أرض الواقع نراه يستأنس ويهرع لعالِم الدين ليخلصه من ذلك الخطر، فأي عقل واي مكيال يقيسون به الأمور؟
وقد أثار بعض هؤلاء ضجةً إعلاميةً حول تعديل قانون الاحوال الشخصية الذي طالما تجري عليه تغيرات في كل فترة من الفترات وبدون أن نسمع لتلك الأصوات التي دائما تغرد خارج السرب.
البعض وللاسف الشديد يرفع شعار العلمانية والمدَنية وحقوق الإنسان وعدم تدخل علماء الدين في السياسة والحكم، وعند اول اختبار حقيقي على أرض الواقع نراه يستأنس ويهرع لعالِم الدين ليخلصه من ذلك الخطر، فأي عقل واي مكيال يقيسون به الأمور؟
بين يدي الأخوة المتصدين لتعديل قانون الأحوال الشخصية
يقول عزّ مَن قائل في كتابه الكريم {وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللَّهِ وَ بِالرَّسُولِ وَأَطَعْنا ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ وَما أُولئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ * وَإِذا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ * وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ * أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتابُوا أَمْ يَخافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ * إِنَّما كانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنا وَأَطَعْنا وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}.(سورة النور؛ الآية: 47 – 51).
لعلَّ من الإنصاف أنْ نقول: أنَّ قانون الأحوال الشخصية الحالي – ذا الرقم (188) الصادر عام (1959م)، والذي جرت عليه لاحقاً عدة تعديلات – يعتبر جيداً إذا ما لوحظ بالقياس الى ما يناظره من القوانين الوضعية .
ولكن هذا لا يمنع من القول أنَّ في بعض فقراته و موادّه ثغرات مهمة أوقعت كثيراً من الناس في الإشكال الشرعي، لذا صار من الواجب العمل على تعديل تلك الفقرات والمواد، ومن أمثلة ذلك :
المادة 1 (40) من هذا القانون وما يليها: أعطتْ للقاضي صلاحية التفريق بين الزوجين عند تحقق شروط.
والفقهاء جميعاً يفتون ببطلان هذا التفريق إذا لم يكن الحاكم به هو الفقيه العادل، وبطلان ما يترتب عليه، فزواج المرأة برجل آخر إعتماداً على هذا التفريق يعدّ باطلاً .
بل وتحرم هذه المرأة – بحسب الرأي المشهور – على الرجل الثاني حرمة مؤبدة إذا كان قد دخل بها، بل مطلقاً إذا كان عالماً بالحكم والموضوع، بحيث لو طلقها زوجها طلاقاً صحيحاً شرعاً فمع ذلك لا يصح لها الزواج من الثاني .
المادة 1 (57): أعطتْ للأم حق حضانة الأطفال حتى بعد إكمال سنتي الرضاعة، وهذا أمرٌ أدخل كثير من المؤمنات في الإشكال الشرعي، وتسبب في الوقوع في مشاكل جمّة، لعل منها عدم قدرة الأم – غالباً – على تربية أطفالها بالنحو المناسب، لا سيّما الأولاد.
1 الفقرة الأولى من مادته رقم (7)، بعد التعديل رقم (21) الصادر في عام ( 1978)منعت من الزواج قبل إكمال الثامنة عشر من العمر، ممّا تسبب في وقوع حالات كثيرة من الزواج خارج إطار المحكمة، وحصلت مشاكل كثيرة بسبب ذلك مع أنّه في أصل القانون كانت هذه المادة تقول : ” يشترط في أهلية الزواج العقل والبلوغ”.
1 الفقرة (4) من المادة (3) من القانون: منعت الرجل من الزواج بإمرأة ثانية إلّا بإذن القاضي، واشترطت في إذنه توفر أمرين، وتُرِكَ إثبات تحققهما من عدمه لتقديره .
وتسبّب ذلك ايضاً في وقوع حالات كثيرة من الزواج خارج إطار المحكمة، ممَا ترتب عليه ايضاً مشاكل عدّة يعرفها المطّلعون .
1 المادة (74) منه: إذا مات الولد ذكراً كان أو أنثى قبل وفاة أبيه أو أمه فإنّه يُعتبر بحكم الحي إذا مات أيٌّ منهما، وينتقل حقه من الإرث الى أولاده ذكوراً كانوا أو أناثاً، بما إصطُلح عليه بالوصية الواجبة، على ألّا تتجاوز ثلث التركة .
بينما يعتبر مشهور الفقهاء ذلك أكلاً للمال بالباطل إذا لم يرضَ بقية الورثة، وهكذا توجد مواد أخرى فيها مثل هذه المخالفات الشرعية، اقتصرت على المهم منها .
لذلك فالتعديل الى ما يكفل عدم وقوع الناس في إشكالات شرعية، لاسيّما في القضايا التي تتعلق بالأعراض والنسل والأموال من الضرورة بمكان .
الفقهاء جميعاً يفتون ببطلان التفريق في المحاكم إذا لم يكن الحاكم به هو الفقيه العادل، وبطلان ما يترتب عليه، فزواج المرأة برجل آخر إعتماداً على هذا التفريق يعدّ باطلاً
وأمّا الإشكال بأنَّ التعديل سيُقَسّم المجتمع ويثير حساسيات طائفية فهو مجرد تهويل لا مبرر له؛ لأنَّ الذي يطّلع على التعديل سيرى أنّه لم يؤسس شيئاً جديداً، غاية ما هناك أنَّه أرجع ما يتعلق بالأحوال الشخصية الى مؤسستيَن قائمتين بالفعل هما الوقف الشيعي والوقف السُنّي. وأمّا الإشكال بأنّه قد يؤدي الى الإخلال بحقوق المرأة فهو تسويل من تسويلات الشيطان، إذ الشريعة الإسلامية هي التي تحفظ للمرأة حقوقها وكرامتها وعزّها .
فإذا كان المقصود أنَّ الشريعة تجيز زواج البنت بأقل من عمر الـ(18) سنة بموافقة الولي الشرعي ، فجوابه :إنَّ الشريعة أجازت ذلك، ولم توجبه، فغاية ما تقوله الشريعة إنّه وبعد دراسة كون الزواج صالحاً للطرفين فإنّه جائز بعد موافقة الولي، وهو الأب عادة، وليس هناك مَن هو أحرص من أبٍ على مصلحة ولده أو بنته إلّا مَن شذّ، على أنَّ للقاضي الشرعي أنْ يرفض الموافقة على زواج ما إذا رأى عدم توافره على أسباب النجاح .
بل إنَّ الإشكال نفسه إنْ كان وارداً فيرد على سن الـ 18 الذي أوجبه القانون الحالي ايضاً، إذ البنت وكذا الولد قد لا يكونان مؤهليَن حتى في هذا السن، بل حدّدت دول أخرى سنّاً آخر هو بلوغ الـ 21عاماً أو إكمالها.