تتكون العائلة الطبيعية من اب وام في البداية على اعتبارهم النواة الاولى ومن ثم تكبر العائلة بانجاب الاطفال، وحين يولد الاطفال لابد من تربيتهم ورعايتهم وهي مسؤولية الابوين معاً، لكن الذي يحصل في الكثير من العوائل هو ان الآباء لا يحسنون القيام بدور الابوّة، ومن هذه النقطة تحديداً تنشأ عدة مشكلات بين الابناء والآباء، فماهي ابرز المشكلات التي تنتج من السلوكيات الخاطئة للاب في تربية ابنائه والتي تؤدي الى فقدانهم؟
حين نقول: فقدان الابناء نعني فقدانهم معنوياً، إذ يتكون مانع نفسي بين الاب وابنائه يجعلهم غير متقبلين له، وبالتالي لا ينصاعون الى الكثير من قراراته ورغباته مما يجعلهم معه في المنزل جسداً لا روحاً، وهذا هو الفقدان الحقيقي للانسان وهو لايزال على قيد الحياة، وهذه المشكلة تهز كيان الاسر وتعصف بصفوها وتغيب هدوئها.
منذ ان يدرك الطفل معنى الحياة يبدأ يقيّم ويحدد من يكمل معه حياته، والمعنى هنا أن الطفل إذا وجد الحب والعطف والاحترام والاهتمام من ناحية الأب سيفكر في مصاحبة ابيه في كل امور حياته، ويستشيره في كل أمور الدنيا ويخشى عليه في الكبر، ولكن إذا وجد العكس سيبتعد عنه ويبحث عن ما يمكن أن يعوضه عن ذلك النقص الذي احدثته تلك الفجوة.
منذ ان يدرك الطفل معنى الحياة يبدأ يقيّم ويحدد من يكمل معه حياته، والمعنى هنا أن الطفل إذا وجد الحب والعطف والاحترام والاهتمام من ناحية الأب سيفكر في مصاحبة ابيه
من الجدير بالذكر ان اغلب الآباء الذين يفقدون ابنائهم نتيجة سلوكياتهم غير السليمة تدفعهم اسباب نفسية غير ارادية في الكثير من الاحيان، وفي احيان اخرى تصدر منهم سلوكيات ارادية لكنها غير محسوبة النتائج لجهلهم بالاثار النفسية التي تعود على ابنائهم، ومرد ذلك كله الى ازمة الوعي التي يعيشها غالبية المجتمع على اختلاف مشاربهم وتوجهاتهم وحتى مستويات العلمية.
متى يفقد الآباء ابنائهم؟
في حياتنا العامة وحياتنا المهنية على وجه التحديد وعبر معايشتنا لقصص الابناء الذين يفتقدون الى الارتباط الروحي المعنوي مع آبائهم توصلنا الى جملة من الاسباب المنطقية التي تؤدي الى هذا الامر وهي بأختصار:
1- اول ما يعجل في خسارة الآباء لابنائهم هو التسلط عليهم بكل انواع التسلط وعدم منحهم فرص للتعبير عن انفسهم واحتياجاتهم المادية والنفسية، وهذا ما يجعل الكثير منهم يفكرون في الاستقلالية عن آبائهم سيما اولئك الذين لا يزالون في فترة المراهقة، فالفرد في فترة المراهقة يكون مرهف الحس وسريع التأثر نفسياً مما يستدعي الانتباه الى هذا الامر والابتعاد عما يبعد الابن عن ابنه.
2- يؤدي الحرمان الناتج من البخل دوراً كبيراً في ان يفقد الآباء ابنائهم، فعندما يكون الأب الميسور بخيلا على ابنائه ولا يعطيهم مصروفا، أو يشتري لهم احتياجاتهم الأساسية من الملبس والمأكل بالاضافة الى ما يحتاجه في التعليم، وبالمقابل يرى الابن والده يصرف على نفسه في الأمور الضرورية والكمالية بإسراف شديد، فينشأ الابناء كارهين لوالدهم معتمدين على أمهم أو جدتهم في المصروف وهذا ما يجعلهم مابينهم وبين والدهم برود في العلاقة وهذه بداية الفقدان.
سوء المعاملة من الاب لابنائه والجفاف والتعامل معهم باستخفاف كلها تؤدي الى يفقد الاب ابناءه تدريجياً
3- سوء اخلاق الاب هي الآخرى تدفع باتجاه فقدان الاب لابنائه، فمن المنطقي جداً ان الابن حين يرى ان ابيه ليس ملتزماً اخلاقيا ولديه مشكلات سلوكية محرمة مثل تعاطي المخدرات والعلاقات غير الاخلاقية او لعب القمار وغيرها من السلوكيات الخاطئة، فإنه يشعر بالاحباط والتذمر وقد يصل الى مرحلة التنصل من اسم والده لشعوره بالعار مما يحصل وبالتالي هو لا ينتمي لوالده بشيء غير النسب الذي فرض عليه وليس من اختياره.
4- كما ان سوء المعاملة من الاب لابنائه والجفاف والتعامل معهم باستخفاف كلها تؤدي الى يفقد الاب ابناءه تدريجياً، إذ ان الكثير من الآباء يوبخون ابنائهم امام الآخرين ويقمعونهم ولا يفتخرون بهم وبما لديهم من امكانات عقلية ونتاجات معرفية، والتقليل من قيمته تجعل الابن ينفر من والده ويحاول عدم التقرب منه وصولاً الى مرحلة انفصام العرى النفسية، وبذا يفقد الاب ابنه.
في الخلاصة سيدي القارئ الكريم: اذا كنتَ أب او انك ستصبح أب في المستقبل عليك ان تحيط بالاسباب التي تجعل من ابنائك بعيدين عنك او غير مرتبطين بك نفسياً الى حد الفقدان، واحرص على تجنبها للحفاظ على عائلتك من التشظي والتجزء.