ارتباط الانسان روحياً بمناسبة معينة او بشخص معين يجعله يحرص على التصرف بلياقة اكثر في حضرته او عند قدومه، هذا هو الحال بالنسبة للمسلمين الشيعة في العراق وباقي بلدان العالم الاسلامي في عاشوراء، إذ يحرص الغالبية منهم على التمسك بالقيم الانسانية النبيلة والابتعاد عن القيم السيئة التي تبتعد بالانسان عن فطرته السليمة التي فطر عليها وحينها لن ينفعه كل مافي الدنيا.
ماهي القيم؟
تعرف القيم على انها: مجموعة عادات حظيت بقبول واحترام واسع، وترمز الى السلوك الذي يمارسه الشخص باقتناع بأهميته في حياته الخاصة او العامة بحيث يحظى بقبول المجتمع له او على الاقل عدم اعتراضه عليه.
تؤثر القيم الانسانية على مستوى الضبط الاجتماعي في اي مكان تحل فيه، فالعقل الجمعي والمحددات العامة للجماعة هي من تسيّر الجماعة بأكملها او انها تبسط نفوذها على الغالبية من ابنائها، حيث ان احد القيم الصالحة لو ارتفعت في مكان ما سيتقل ارتفاع هذه القيمة في الاماكن المجاورة وهكذا تنتشر القيم بين بني البشر.
في عاشوراء ترتفع قيم الخير ام تنخفض قيم الشر؟
تؤثر القيم الانسانية على مستوى الضبط الاجتماعي في اي مكان تحل فيه، فالعقل الجمعي والمحددات العامة للجماعة هي من تسيّر الجماعة بأكملها او انها تبسط نفوذها على الغالبية من ابنائها
نعتقد ان الاثنين معاً ففي الوقت الذي نرى ان قيم الخير تسيّدت نرى تراجعا عجيب لقيم الشر وهذا الامر يلحظه القاصي قبل الداني، ولعل هذا هو احد بركات عاشوراء ومفجر ثورتها الخالدة الامام الحسين بن علي، عليه السلام، لذا يجب ان ننهل من هذه المناهل الصافية ما حيينا.
ماهي القيم الانسانية التي تبرز في عاشوراء؟
عدة قيم ايجابية تبرز في عاشوراء ويرتفع رصيدها ارتفاعا ملحوظا، اذا ما قورن الامر بباقي اشهر وايام السنة ومن اهم هذه القيم:
اول القيم التي تظهر ارتفاعاً كبيراً في شهري محرم وصفر هي قيمة الكرم،إذ يبذل الموالون لآل البيت، عليهم السلام، الغالي والنفيس من اجل ان ينعم الزائرون بالراحة، حيث يوفرون الاكل والشرب والمنام وكل ما يحتاجه الانسان من حاجات اساسية توفر لهم قدر عالٍ من الاحترام والراحة.
فما من حي او قرية او مدينة او اشارع إلا وترى فيه الكرم، فحتى الاطفال يخرجون من يجمعونه في صناديقهم الصغيرة ويشترون به الحلويات والمعجنات وغيرها ويقومون بتوزيعها على الناس، اي كرم هذا وهل يوجد في العالم مثله؟
ومن القيم التي ترتفع في عاشوراء هي قيمة “حسن الخلق”، حيث يلاحظ ارتفاعا كبيراً في التعامل الحسن بين الناس للغريب والقريب، وتخفض نسب الاختلافات والنزاعات والعراك بين الناس، وكل هذا بفضل انفاس المناسبة المباركة وانعكاستها الايجابية على نفوس الموالين والتي تمدهم بطاقة ايجابية تجعل من سلوكياتهم اكثر مقبولية من ذي قبل.
وفي عاشوراء ترتفع ارصدة قيمة “التواضع”لدى الناس بصورة ملفتة للنظر، فقد تجد الكبار في السن والشأن صغاراً يقدمون الخدمة للطفل والكبير بدون منّة ولا ملل، ففي الخدمة الحسينية تغيب الالقاب والمسميات فلا رتبة عكسرية تذكر، ولا لقب علمي ولا شهادة ولا غيرها من المسميات الدنيوية والجميع يحملون اسم (الخادم) فقط وياله من اسم عظيم.
وترتفع قيمة “الصبر” لدى الغالبية في عاشوراء، فتجد الناس يواصلون الليل بالنهار من اجل تقديم الخدمة لاقرانهم، والصبر يتجلى في العمل المتواصل وتحمل الزائرين وعدم رد طلب لهم والحرص على ارضائهم بشتى الطرق، وهذه الطاقة التي تجعل الانسان صابراً لا تتوفر في كل السنة وكأنها خلقت لمحرم فقط.
و ترتفع ايضاً في عاشورار قيم “التسامح والعفو”، إذ أن من انعكسات عاشوراء العظيمة علينا اننا نعفو عن بعضنا ونصفح عن الكثير من الامور ونترك الخلافات ونحاول التهدئة، فحتى ابناء العشائر الذين يصرون على بعض الامور العشائرية القاسية تراهم في عاشوراء اكثر تسامحاً ولين في التعامل مع الامور على عكس عاداتهم القاسية.
ومن القيم التي ترتفع في عاشوراء هي قيمة “حسن الخلق”، حيث يلاحظ ارتفاعا كبيراً في التعامل الحسن بين الناس للغريب والقريب، وتخفض نسب الاختلافات والنزاعات والعراك بين الناس
ومن عاشوراء يَستلهم انصار الحسين، عليه السلام، الحقيقين “قيمة رفض الظلم” والتصدي لكل ماهو غير عادل وفيه جنبة ظلم وتجني على الحقوق العامة والخاصة، فلا داعي لترديد عبارة (هيهات منا الذلة) ان لم نكن نقف بوجه من يظلمنا ونرفض سلوكياته المنحرفة عن سكة الانسانية والعدل والانصاف.
في الخلاصة سيدي القارئ الكريم: هذه ابرز القيم التي ترتفع في عاشوراء الحسين، عليه السلام، بفضل هذه الثورة العظيمة وما ينبغي ان نفيد منها لتبقى ملازمة لنا في كل ايامنا وليالينا والله الموفق.